5 . النموذج التربوي القائم على المحبّة والصرامة والإكرام
تعتبر المحبّة من منظار الإسلام أحد اُسس تربية الطفل، حيث ورد التأكيد الشديد عليها ، ۱ فيما ورد في المقابل الذمّ الشديد لعدم المحبّة، ۲ ولكن جاء في نفس الوقت النهي عن الإفراط في المحبّة، ۳ ولذلك فقد حظيت الصرامة والدقّة في تربية الطفل بالاهتمام الأكيد إلى جانب المحبّة. ۴
وعلى هذا الأساس ، فإنّ الطفل يحظى بالمحبّة والحنان وفي نفس الوقت لا يترك وشأنه من وجهة نظر الإسلام ، ومن جهة اُخرى ، فإنّه يجب أن يحظى بالحنان والمحبّة في نفس الوقت الّذي يتلقى فيه التربية، ولذلك فقد ورد النهي عن الإفراط في توجيه الملامة إليه واستعمال الخشونة معه، ۵ واللذان يعتبران من الخصوصيات البارزة لنموذج التشدد. ۶
على أنّ لنموذج الإسلام التربوي بُعدا ثالثا هو «التكريم» .
والتكريم : هو احترام الطفل وإيلاء الأهمّية له ، فليس من الصحيح من وجهة نظر الإسلام ، استصغار الطفل باعتباره طفلاً ، وجعله يشعر بعدم القيمة أو قلتها .
رغم أنّ الطفل يحتاج إلى المحبّة أكثر ، فيما يحتاج الكبير إلى الاحترام، ۷ إلاّ أنّ هذا لا يعني أنّنا يجب ألاّ نولي الاحترام لشخصية الطفل ، وفي ذات الوقت فإنّنا
يجب ألاّ ننسى إحاطة كبار السنّ بالحنان والعطف .
إنّ الطفل الّذي يعدّ على درجة من القيمة وتحترم شخصيته ، يظهر لديه الشعور بقيمة نفسه (العزّة وكرامة النفس) والشخص الّذي يرى قيمة لنفسه ، لا يمكن أن يلوث نفسه بالقبائح. ۸
إنّ كرامة النفس ، هي المحور الأساس للأخلاق والتربية الإسلامية ، وأهمّ طرقها تكريم الإنسان وخاصّة في مرحلة الطفولة ، وبالطبع فإنّ قسما من التربية القائمة على التكريم يرتبط بتعليم مظاهر القبح والجمال ، ولكن التكريم يمتلك قيمة وأهمّية فائقتين .
ومن أهمّ الملاحظات التربوية الّتي يجب أن تحظى بالاهتمام في تكريم شخصية الطفل التعامل بجدّية مع أحاسيسه في السنوات السبع الاُولى من بداية حياته ، وهذا الأمر يبلغ من الأهمّية، بحيث اعتبر في رواية عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
1.راجع: ص ۱۱۹ (الحث على حبّ الأولاد والشفقة عليهم) .
2.راجع : ص ۱۲۳ (ذمّ عدم المحبّة للأطفال) .
3.راجع : ص ۱۰۸ (الإفراط في المحبّة) .
4.راجع : ص ۱۰۰ (الصّلابة وعدم المداهنة) .
5.راجع : ص ۱۰۸ (التأديب عند الغضب) .
6.راجع : ص ۱۰۸ (الإفراط في الملامة) .
7.في الخطبة الشعبانية : «وقّروا كباركم وارحموا صغاركم» (الأمالي للصدوق : ص ۱۵۴) .
8.«من كرمت عليه نفسه لم يهنها بالمعصية» (مستدرك الوسائل : ج ۱۱ ص ۳۳۹) . «من كرمت نفسه قل شقاقه وخلافه» (عيون الحكم والمواعظ : ص ۴۶۴ ح ۸۴۴۸) . «من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته» (بحارالأنوار : ج ۷۰ ص ۷۸ ح ۱۲) .