طاهر زكيّ ؛ فأسلافه الكرام من الآباء والأجداد موحِّدون بأجمعهم ، طاهرون لم تخالطهم أدناس الجاهليّة ، مضَوا وكلّهم ثبات في سبيل اللّه .
كما كشف هذا القسم عن اُصول كريمة تكتنف هذا الموحِّد العظيم في تاريخ الإسلام ، فلم يلوّث الشرك أحداً من أسلافه قط ، ولم يكن لمواضعات البيئة وتلوّثاتها الفكريّة والعقيديّة نصيب في حياتهم . فهذا هو الإمام وقد انبثق من حضن والد مؤمن جَلِد قويّ الشكيمة منافح عن الحقّ ، ووالدة كريمة المحتد صافية الفطرة مؤمنة بالمعاد .
ثمّ مضت حياته مع زوجة هي أتقى وأطهر امرأة في نساء عصره ؛ وهي سيّدة نساء العالمين . وقد كان زواجاً بدأ بأمر اللّه سبحانه وحفّته هالة من القداسة والخشوع ، فانشقّ عن ذرّيّة كريمة كان لها اليد الطولى في صنع التاريخ ، وهي إلى ذلك المصداق الأسمى لـ «الكوثر» .
أمّا كُناه وألقابه فقد اختارها رسول اللّه صلى الله عليه و آله غالباً ، وهي جميعاً تومئ إلى فضائله الرفيعة التي تتألّق عظمة ، وإلى موضعه المنيف الشاهق في الإسلام والتاريخ .
حياة لم تهبط عن مستوى العظمة لحظة ، ولم تتعثّر بصاحبها قط .
القسم الثاني : الإمام عليّ مع النبيّ
يوم قرع صوت السماء فؤاد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وهبط إليه أمر الرسالة ، ثمّ أعلن دعوته التاريخيّة ، كانت الجزيرة العربيّة تغطّ في ظلام دامس ، ويحيطها الجهل من كلّ حدب وصوب .
لقد واجه القوم بعثة نبيّ الحرّيّة والكرامة بالرفض والتكذيب ، ثمّ اشتدّت عليه سفاهات القوم وتكالب الطغاة .
وها هو ذا عليّ اختار موقفه إلى جوار النبيّ منذ الأيّام الاُولى لهذه النهضة