21
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

وإثارة الفتن باستمرار ، وزرع العقبات أمام الحكومة المركزيّة .
ويجيء القسم السابع هذا حديثاً عن ذلك العهد . فهذه كلمات الإمام أمير المؤمنين عليه السلام تفيض من ألم الوحدة وحرقتها ، وتبثّ شكواها من مصائب الزمان ودواهيه .
في تلك البرهة الحالكة من الزمان سقطت مصر ؛ فغاب عن الإمام مالك الأشتر ؛ أطهر الرجال ، وأكفأ القادة ، وأشجع الخلّان ، وأوفاهم بعد أن ارتوى بشُهد الشهادة . فانكمش قلب الإمام ، واُصيبت روحه الطهور ، والألم يعتصره من كلّ جانب .
هذا القسم رحلة تسجِّل وحدة الإمام ، وهو منظومة رثاء تعزف لظلامة عليّ ، كما هو انعكاس لأصوات غربته المتوجِّعة التي راحت تندّ عن نفسه الطهور .
وهذا القسم يُسفر عن مشهدٍ آخر ليس له شبهٌ بالمشهد الأوّل الذي رافق بداية عهد الإمام . فالناس لم تعد على استعدادها الأوّل لحضور الجبهات ، كما لم تعُد تستجيب لنداءات الإمام وهتافاته للجهاد والنفير . والذي يتفحّص ما كان يبثّه الإمام مراراً من شكوى ، يرى فيه خصائص لأهل ذلك العصر وقد آثروا حبَّ الحياة ، وراحت أنفسهم ترنو إلى الدنيا ، وتصبو إليها .
في أوضاع كالحة كهذه استعرت بالإمام أمير المؤمنين عليه السلام عواطفه النبيلة ، وثارت بين جوانحه أحاسيسه الطهور ؛ فملأت نفسه ألما وغضاضة وهو ينظر إلى جند معاوية تغير على المدن المَرّة تلو الاُخرى ؛ تُزهِق أرواح الأبرياء ، وتُمارِس النهب والسلب ، وتبثّ بين الآمنين الرعب والدمار .
راحت أخبار الظلم المرير تصل الإمام ، وتنهال عليه وقائع غارات معاوية وتهوّر جنده واستهتارهم وضحكاتهم المجنونة ، فاهتاجته هذه الحال ، والتاعت نفسه وفاضت لها غصصا وهو يتأوّه من الأعماق ، ولكن لا من مجيب !


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
20

بسط العدل ، ولم يُطِق حركة الإصلاح والمساواة وإلغاء الامتيازات الوهميّة ، فأخذت الفتن تطلّ برأسها ، وبدأت أزمات الحكم .
ما يبعث على الدهشة أنّ أوّل من استجاش الفتنة وأرباها هُم اُولئك النفر الذين كان لهم الدور الأكبر في إسقاط الحكم السابق ، وإرساء قواعد الحكم الجديد !
ميزة هذا القسم من الموسوعة أنّه تناول بالبحث والتحليل مناشئ هذه الفتن وجذورها ، وتابع مساراتها وما ترتّب عليها من تبعات . كما رصد بالتفصيل فتن «الناكثين» و«القاسطين» و«المارقين» التي تعدّ في حقيقتها انعكاساً لحركة الإمام الإصلاحيّة ، وردّ فعل على مواضعه المبدئيّة الصُّلبة بإزاء الحقوق الإلهيّة ، ودفاعه عن قيم الناس وحقوقها .
من النقاط المبدعة اللامعة في هذا القسم تسليط الضوء على بعض الزوايا الفكريّة والنفسيّة والمواقف السياسيّة لمثيري الفتنة ، ومتابعة تجلّيات ذلك بعمق ودقّة في حركة خوارج النهروان .
إنّ هذا البحث ـ في الصيغة التي اكتسبتها هذه الدراسة من خلال معرفة الوثائق التاريخيّة ، وتحرّي التوجيهات الروائيّة التي احتوت هذه الخصائص ـ لهو حديث مبتكر وتحليل بكر بديع .
على أنّ هذا القسم برمّته هو أكثر أقسام الكتاب عِظة ، وأعظمها درساً .

القسم السابع : أيّام التّخاذل

اتّسمت السنوات الاُولى لحكم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بأنّها سنوات مواجهة وصِدام مع مثيري الفتنة . هكذا مضت بتمامها ، وقد تعب الناس من دوام هذه الفتن وأصابتهم الملالة من المواجهة والاضطراب وعدم الاستقرار . على صعيد آخر دأب أرباب الفتنة ـ خاصّة مركزها الأساس في الشام ـ على إيجاد الأزمات على الدوام ،

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 240511
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي