بسط العدل ، ولم يُطِق حركة الإصلاح والمساواة وإلغاء الامتيازات الوهميّة ، فأخذت الفتن تطلّ برأسها ، وبدأت أزمات الحكم .
ما يبعث على الدهشة أنّ أوّل من استجاش الفتنة وأرباها هُم اُولئك النفر الذين كان لهم الدور الأكبر في إسقاط الحكم السابق ، وإرساء قواعد الحكم الجديد !
ميزة هذا القسم من الموسوعة أنّه تناول بالبحث والتحليل مناشئ هذه الفتن وجذورها ، وتابع مساراتها وما ترتّب عليها من تبعات . كما رصد بالتفصيل فتن «الناكثين» و«القاسطين» و«المارقين» التي تعدّ في حقيقتها انعكاساً لحركة الإمام الإصلاحيّة ، وردّ فعل على مواضعه المبدئيّة الصُّلبة بإزاء الحقوق الإلهيّة ، ودفاعه عن قيم الناس وحقوقها .
من النقاط المبدعة اللامعة في هذا القسم تسليط الضوء على بعض الزوايا الفكريّة والنفسيّة والمواقف السياسيّة لمثيري الفتنة ، ومتابعة تجلّيات ذلك بعمق ودقّة في حركة خوارج النهروان .
إنّ هذا البحث ـ في الصيغة التي اكتسبتها هذه الدراسة من خلال معرفة الوثائق التاريخيّة ، وتحرّي التوجيهات الروائيّة التي احتوت هذه الخصائص ـ لهو حديث مبتكر وتحليل بكر بديع .
على أنّ هذا القسم برمّته هو أكثر أقسام الكتاب عِظة ، وأعظمها درساً .
القسم السابع : أيّام التّخاذل
اتّسمت السنوات الاُولى لحكم الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بأنّها سنوات مواجهة وصِدام مع مثيري الفتنة . هكذا مضت بتمامها ، وقد تعب الناس من دوام هذه الفتن وأصابتهم الملالة من المواجهة والاضطراب وعدم الاستقرار . على صعيد آخر دأب أرباب الفتنة ـ خاصّة مركزها الأساس في الشام ـ على إيجاد الأزمات على الدوام ،