فكلمات الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن بدء الخليقة ، وخلق الملائكة والسماوات والأرضين والحيوان ، وما فاض به عن المجتمع والنفس وحركة التاريخ ، وما أدلى به من إشارات عن الرياضيّات والفيزياء وعلم الأرض (الجيولوجيا) وغير ذلك ممّا يعدّ في حقيقته تنبّؤات علميّة ، ويدخل في المعجزات العلميّة للإمام ، لهو قمين بالإعجاب ، وخليق أن يملأ النفس خضوعاً ودهشة .
لم يعرف التاريخ على امتداده رجلاً ، عالماً كان أم فيلسوفاً أم مفكِّراً ، ينهض بعلوّ قامته ، ويقول بثبات : سلوني ما تشاؤون . ثمّ لم يعجزه الجواب أبداً ، ولم يلبث حتى لحظة واحدة كي يتأمّل بما يجيب .
وهذا القسم ليس أكثر من إيماءة إلى علوم عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وهو إشارة على استحياء إلى بحره الزخّار ، ونظرة عابرة تومض من بعيد إلى اُفق المعرفة العلويّة .
القسم الثاني عشر : قضايا الإمام عليّ
القضاء صعب ، وأصعب منه القضاء الراسخ الذي يستند إلى الصواب والحقّ .
يستند القضاء من جهة إلى علم راسخ ، ويتطلّب من جهة اُخرى روحاً كبيرة وشخصيّة ثابتة لا تخشى التهديد ولا تميل إلى التطميع ، ولا تطوح بها العلائق والأهواء عن جادّة الحقّ والصواب .
وأقضية عليّ بن أبي طالب عليه السلام هي منارات مضيئة في الحياة ، وأكاليل رفيعة في رحاب الحياة السياسيّة ، وأحرى بها أن تكون من أعاجيب التاريخ القضائي .
لقد تناول هذا القسم أقضية الإمام في أربعة فصول توفّر كلّ واحد منها على بُعد . فقد مرَّ في البدء على الموقع القضائي الذي يحظى به الإمام ، وأنّه «أقضى الاُمّة» بمقتضى صريح كلام رسول اللّه صلى الله عليه و آله .