31
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

و«عنوان صحيفة المؤمن» .
فحبّه إذاً من دين اللّه بالصميم .
ومع أنّ هذا القسم لا يدّعي أنّه قد استقصى كلّ النصوص الروائيّة التي لها مساس بعليّ عليه السلام في هذا المجال ، إلّا أنّ ما توفّر على ذكره أسفر بوضوح : أنّ حبّ عليّ هو السبيل إلى بلوغ حقائق المعرفة الدينيّة ، وهو الذي يشيع السكينة في أرجاء الحياة ، وبحبّ عليّ يكتمل الإيمان والعمل ، وبه تُرفع أعمالنا مقبولة إلى اللّه سبحانه ، وبحبّ عليّ يستجاب الدعاء وتُغفر الذنوب .
وبحبّ عليّ عليه السلام تنتشر نسائم السرور على الإنسان عند الموت ، وحبّ عليّ لُقيا يُبصِر بها المحتضر وجه المولى عند الممات ، وحبّ عليّ جواز لعبور الصراط وللثبات عليه ، وهو الجُنّة التي تقي نار جهنّم .
ومسك الختام : أنّ حبّ عليّ هو الحياة الطيّبة في جنّة الخُلد .
إنّ كلّ ذلك لا يكون إلّا بحبّ عليّ ، وفي ظلال حبّ عليّ عليه السلام .
لم تتردّد النصوص الروائيّة لحظة وهي تسجّل بثبات راسخ أنّ حبّ عليّ عليه السلام هو دليل طهارة المولد ، وعلامة على الإيمان والتقوى ، وهو عنوان شهرة الإنسان ومعروفيّته في السماوات وعند الملأ الأعلى ، وهو رمز السعادة .
وبعدُ ؛ فإنّ كلّ هذا الحشد من التأكيد على الحبّ العلوي ، ووصله برباط وثيق مع الحبّ الإلهي ، وبحبّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لهو دليل شاخص على أنّ الحبّ المحمّدي الصحيح لن يكون ممكناً من دون الحبّ العلوي . وما ادّعاء حبّه صلى الله عليه و آله من دون حبّ عليّ عليه السلام إلّا عبث جزاف ودعوة باطلة .
على أنّ هذا القسم يعود ليكشف في جوانب اُخرى على أنّ حبّ عليّ عليه السلام ما كان شعاراً يُرفع وحديثاً يُفترى ، بل هو اُسوة يقتدي فيها المحبّ بحياة عليّ ، يلتمس


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
30

وما يحظى به هذا الإنسان الربّاني من مكانةٍ عظيمة على مهاد الأرض ، كما تكشف عن دوره كـ «خليفة إلهي» .

القسم الرابع عشر : حبّ الإمام عليّ

الجمال حبيب إلى الإنسان ، والإنسان يهفو إلى الجمال ، ولن تجد إنساناً يصدّ عن الجمال أو تنكفئ نفسه عن المكرمات والفضائل السامقة أو يُشيح عن المُثل العليا .
هو ذا عليّ عليه السلام مصدر جميع ضروب الجمال ، يتفجّر وجوده بالكمال ، وتحتشد فيه جميع الفضائل والمكارم والقيم ؛ فأيّ إنسان يبصر كلّ هذا التألّق ولا يشدو قلبه إلى عليّ حبّاً وإيماناً ؟ وأيّ إنسان له عين بصيرة ويعمى عن ضوء الشمس ؟
دعْ عنك اُولئك النفر الذين ادلهمّت نفوسهم بظلمة حالكة ، فعميت أبصارهم عن رؤية هذا الجمال الباهر الممتد ، ولم يُبصروا مظاهره الخلّابة .
وإلّا لو خُلّي الإنسان وإنسانيّته لاُلفي باحثا عن الجمال أبداً متطلّعا إليه على الدوام .
كذلك هو عليّ أحبُّ الخلق إلى اللّه خالق الجمال وواهب العظمة . كما هو الأحبّ عند الملائكة وعند رسول اللّه صلى الله عليه و آله . وهل يكون هذا إلاّ لجوهر الذات العلويّة ، وللمكانة المكينة التي يحظى بها هذا الإنسان الملكوتي الذي تتقرّب الملائكة ـ أيضاً ـ إلى اللّه بمحبّته ؟
إنّ لحبّ عليّ في ثقافتنا الدينيّة شأناً عظيماً يُبهِر العقول ، ويبعث على التأمّل .
وما نهض به هذا القسم أنّه وثَّقَ لهذه الحقيقة نصوصَها . وقد جاءت النصوص تفصح دون مواربة ولُبْس أنّ حبّ عليّ حبٌّ للّه ولرسوله ، وتسجِّل بنصاعة وضّاءة أنّ حبّ عليّ «نعمة» و«فريضة» و«عبادة» ، وهو «العروة الوثقى» و«أفضل العمل»

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 240148
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي