33
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

المملوءة عزماً وتوثّباً والتزاماً على حبّ عليّ بن أبي طالب ، ويحذّر الناس من بغضه ، وينهاهم عن عداوته وشنآنه .
يسجّل رسول اللّه صلى الله عليه و آله بصراحةٍ لا يشوبها لبسٌ أنّ بغض عليّ بن أبي طالب كفر ، وأنّ مَن آذى عليّاً فقد آذاه .
ليس هذا وحده ، بل مضى رسول اللّه صلى الله عليه و آله يرسم ثغور الجبهة الاجتماعيّة ويحدّد اصطفافاتها العامّة بما يُظهر أنّ مَن هو مع عليّ وعلى حبّ عليّ فهو مع النبيّ نفسه ، ومَن يناهض عليّاً ويعاديه فموقعه في الجبهة التي تعادي النبيّ وتُناهض رسالته .
لقد أفصحت النصوص المعتبرة عند الفريقين ممّا تقصّاها هذا القسم ، على أنّ أعداء عليّ بن أبي طالب بعيدون عن رحمة اللّه سبحانه ، وأنّ خسرانهم وسوء منقلبهم أمر قطعي لا ريب فيه . فمن يمُت على بغض عليّ عليه السلام يمُت ميتة جاهليّة ، وبغض عليّ علامة تُجهر بنفاق صاحبها وفسقه وشقائه .
وإذا كان بغض عليّ عليه السلام يستتبع ميتة جاهليّة ؛ فإنّ إنساناً كهذا لن ينتفع شيئاً من تظاهره بالإسلام ، وهو يُحشر في القيامة أعمى ، ليس من مصير يؤول إليه سوى نار جهنّم .
يضع هذا القسم بين يدي القارئ نصوصاً حديثيّة وروائيّة كثيرة ، فيها دلالة على ما سلفت الإشارة إليه . وهو ـ علاوة على ذلك ـ يعرّف بعدد من ألدّ أعداء الإمام وأعنف المبغضين له ، كما يمرّ على جماعة من المنحرفين عنه ، وعلى القبائل التي كانت تكنُّ له البغضاء ، ولا غرابة فقد قيل : «تُعرَفُ الأَشياءُ بِأَضدادِها» .
هذا عليٌّ ، ولا يلحق به لاحق ، واسمه الآن يصدح عبر اُفق المكان والزمان ، ويعلو شاهقاً على ذرى التاريخ ، وهذه تعاليمه وكلماته مسفرة كضوء الفجر متألّقة على مدار الزمان .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
32

هديه في خطاه ، يعيش كما يعيش ، ويفكّر كما يفكّر ، ويمارس معايير عليّ في الحبّ والولاء ، وفي البغض والبراءة ، ويحثّ خطاه صوب قيَمه دائماً وأبداً ، وإلّا كيف يجتمع حبّ عليّ مع حياة سفيانيّة ونهج اُموي ؟
آخر ما يشدّ إليه الانتباه في مادّة هذا القسم هو التحذير من الغلوّ ؛ فمع كلّ هذا التركيز المكثّف العريض على حبّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وإلى جوار هذه الإشادة بالآثار العظيمة التي يُغدقها هذا الحبّ على الحياة الماديّة والمعنويّة ، جاءت التعاليم النبويّة والعلويّة والدينيّة تشدّد النكير ، وتُعلن التحذير الكبير من الغلو بهذا الحبّ . فها هي ذي النصوص الحديثيّة تنهى عن الإفراط وتذمّه ، وتعدّه انحرافاً يهيّئ الأجواء إلى انحرافات أكبر .

القسم الخامس عشر : بغض الإمام عليّ

على قدر ما تكون شخصيّة عليّ الطالعة المهيبة بالغة الروعة والجمال لذوي النفوس الزكيّة ، موحية أخّاذة لذوي الأفكار الرفيعة ، محبوبة خلاّبة لذوي الفِطَر النقيّة والطباع الكريمة ، فهي تثير الغيظ في النفوس المدلهمّة المظلمة ، وتستجيش عداوة الوصوليّين النفعيّين ، وبغضاء ذوي الأغراض الدنيئة الهابطة ، والنوازع المنحطّة .
إنّ التاريخ يجهر أنّ أعداء عليّ بن أبي طالب كانوا من حيث التكوين الروحي سقماء غير أسوياء نفسيّاً ، ومن حيث التكوين الفكري كانوا منحرفين بعيدين عن الصواب . أمّا من حيث مكوّنات الشخصيّة فقد كانوا اُناساً تستحوذ عليهم الأنانيّة والأثَرة ، يُنبئ باطنهم عن الفساد والأغراض الهابطة .
هذا رسول اللّه صلى الله عليه و آله يستشرف مستقبل الإسلام عبر مرآة الزمان ، يعلم بالفتن ويعرف مثيريها وأصحابها . وهو ذا يؤكّد في كلّ موقعٍ موقعٍ من أشواط حياته

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 231745
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي