ولا أظهَرتَ الرِّضا بِخِلافِ ما يَرضَى اللّهُ مُداهِناً ، ولا وَهَنتَ لِما أصابَكَ في سَبيلِ اللّهِ ، ولا ضَعُفتَ ولَا استَكَنتَ ۱ عَن طَلَبِ حَقِّكَ مُراقِبا ۲ . مَعاذَ اللّهِ أن تَكونَ كَذلِكَ ، بَل إذ ظُلِمتَ فَاحتَسَبتَ رَبَّكَ ، وفَوَّضتَ إلَيهِ أمرَكَ ، وذَكَّرتَ فَما ذَكَروا ، ووَعَظتَ فَمَا اتَّعَظوا ، وخَوَّفتَهُمُ اللّهَ فَما تَخَوَّفوا ۳ .
وأشهَدُ أنَّكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ جاهَدتَ فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ، حَتّى دَعاكَ اللّهُ إلى جِوارِهِ ، وقَبَضَكَ إلَيهِ بِاختِيارِهِ ، وألزَمَ أعداءَكَ الحُجَّةَ بِقَتلِهِم إيّاكَ ؛ لِتَكونَ لَكَ الحُجَّةُ عَلَيهِم ، مَعَ ما لَكَ مِنَ الحُجَجِ البالِغَةِ عَلى جَميعِ خَلقِهِ .
السَّلامُ عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، عَبَدتَ اللّهَ مُخلِصا ، وجاهَدتَ فِي اللّهِ صابِرا ، وجُدتَ بِنَفسِكَ مُحتَسِبا ، وعَمِلتَ بِكِتابِهِ ، وَاتَّبَعتَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ ، وأقَمتَ الصَّلاةَ ، وآتَيتَ الزَّكاةَ ، وأمَرتَ بِالمَعروفِ ، ونَهَيتَ عَنِ المُنكَرِ مَا استَطَعتَ ، مُبتَغِيا مَرضاةَ ما عِندَ اللّهِ ، راغِبا فيما وَعَدَ اللّهُ ، لا تَحفِلُ ۴ بِالنَّوائِبِ ، ولا تَهِنُ عِندَ الشَّدائِدِ ، ولا تُحجِمُ عَن مُحارِبٍ ، أفِكَ مَن نَسَبَ غَيرَ ذلِكَ ، وَافتَرى باطِلاً عَلَيكَ ، وأولى لِمَن ۵ عَنَدَ عَنكَ .
لَقَد جاهَدتَ فِي اللّهِ حَقَّ الجِهادِ ، وصَبَرتَ عَلَى الأَذى صَبرَ احتِسابٍ ، وأنتَ أوَّلُ مَن آمَنَ بِاللّهِ وصَلّى لَهُ وجاهَدَ ، وأبدى صَفحَتَهُ في دارِ الشِّركِ ، وَالأَرضُ مَشحونَةٌ ضَلالَةً ، وَالشَّيطانُ يُعبَدُ جَهرَةً .
وأنتَ القائِلُ : لا تَزيدُني كَثرَةُ النّاسِ حَولي عِزَّةً ، ولا تَفَرُّقُهُم عَنّي وَحشَةً ، ولَو
1.إشارة إلى الآية ۱۴۶ من سورة آل عمران .
2.مراقباً : أي منتظراً لحصول منفعة دنيويّة (بحار الأنوار : ج۱۰۰ ص۳۶۸) .
3.في المصدر : «يخافوا» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .
4.ما أحفِل بفلان ، أي ما اُبالي به (لسان العرب : ج۱۱ ص۱۵۹) .
5.أولى لك : كلمة تهديد وتخويف يخاطب بها من أشرف على هلاك ، فيُحَثّ بها على التحرّز ( مفردات ألفاظ القرآن: ص۱۰۰ ).