603
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

ولا أظهَرتَ الرِّضا بِخِلافِ ما يَرضَى اللّهُ مُداهِناً ، ولا وَهَنتَ لِما أصابَكَ في سَبيلِ اللّهِ ، ولا ضَعُفتَ ولَا استَكَنتَ ۱ عَن طَلَبِ حَقِّكَ مُراقِبا ۲ . مَعاذَ اللّهِ أن تَكونَ كَذلِكَ ، بَل إذ ظُلِمتَ فَاحتَسَبتَ رَبَّكَ ، وفَوَّضتَ إلَيهِ أمرَكَ ، وذَكَّرتَ فَما ذَكَروا ، ووَعَظتَ فَمَا اتَّعَظوا ، وخَوَّفتَهُمُ اللّهَ فَما تَخَوَّفوا ۳ .
وأشهَدُ أنَّكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ جاهَدتَ فِي اللّهِ حَقَّ جِهادِهِ ، حَتّى دَعاكَ اللّهُ إلى جِوارِهِ ، وقَبَضَكَ إلَيهِ بِاختِيارِهِ ، وألزَمَ أعداءَكَ الحُجَّةَ بِقَتلِهِم إيّاكَ ؛ لِتَكونَ لَكَ الحُجَّةُ عَلَيهِم ، مَعَ ما لَكَ مِنَ الحُجَجِ البالِغَةِ عَلى جَميعِ خَلقِهِ .
السَّلامُ عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، عَبَدتَ اللّهَ مُخلِصا ، وجاهَدتَ فِي اللّهِ صابِرا ، وجُدتَ بِنَفسِكَ مُحتَسِبا ، وعَمِلتَ بِكِتابِهِ ، وَاتَّبَعتَ سُنَّةَ نَبِيِّهِ ، وأقَمتَ الصَّلاةَ ، وآتَيتَ الزَّكاةَ ، وأمَرتَ بِالمَعروفِ ، ونَهَيتَ عَنِ المُنكَرِ مَا استَطَعتَ ، مُبتَغِيا مَرضاةَ ما عِندَ اللّهِ ، راغِبا فيما وَعَدَ اللّهُ ، لا تَحفِلُ ۴ بِالنَّوائِبِ ، ولا تَهِنُ عِندَ الشَّدائِدِ ، ولا تُحجِمُ عَن مُحارِبٍ ، أفِكَ مَن نَسَبَ غَيرَ ذلِكَ ، وَافتَرى باطِلاً عَلَيكَ ، وأولى لِمَن ۵ عَنَدَ عَنكَ .
لَقَد جاهَدتَ فِي اللّهِ حَقَّ الجِهادِ ، وصَبَرتَ عَلَى الأَذى صَبرَ احتِسابٍ ، وأنتَ أوَّلُ مَن آمَنَ بِاللّهِ وصَلّى لَهُ وجاهَدَ ، وأبدى صَفحَتَهُ في دارِ الشِّركِ ، وَالأَرضُ مَشحونَةٌ ضَلالَةً ، وَالشَّيطانُ يُعبَدُ جَهرَةً .
وأنتَ القائِلُ : لا تَزيدُني كَثرَةُ النّاسِ حَولي عِزَّةً ، ولا تَفَرُّقُهُم عَنّي وَحشَةً ، ولَو

1.إشارة إلى الآية ۱۴۶ من سورة آل عمران .

2.مراقباً : أي منتظراً لحصول منفعة دنيويّة (بحار الأنوار : ج۱۰۰ ص۳۶۸) .

3.في المصدر : «يخافوا» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار .

4.ما أحفِل بفلان ، أي ما اُبالي به (لسان العرب : ج۱۱ ص۱۵۹) .

5.أولى لك : كلمة تهديد وتخويف يخاطب بها من أشرف على هلاك ، فيُحَثّ بها على التحرّز ( مفردات ألفاظ القرآن: ص۱۰۰ ).


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
602

وأشهَدُ أنَّكَ أميرُ المُؤمِنينَ ، الحَقُّ الَّذي نَطَقَ بِوِلايَتِكَ التَّنزيلُ ، وأخَذَ لَكَ العَهدَ عَلَى الاُمَّةِ بِذلِكَ الرَّسولُ ، وأشهَدُ أنَّكَ وعَمَّكَ وأخاكَ الَّذينَ تاجَرتُمُ اللّهَ بِنُفوسِكُم ، فَأَنزَلَ اللّهُ فيكُم : «إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَ أَمْوَ لَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَـتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِى التَّوْرَاةِ وَ الْاءِنجِيلِ وَ الْقُرْءَانِ وَ مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِ وَ ذَ لِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * التَّـئِبُونَ الْعَـبِدُونَ الْحَـمِدُونَ السَّـئِحُونَ الرَّ كِعُونَ السَّـجِدُونَ الْأَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَ الْحَـفِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ»۱ .
أشهَدُ يا أميرَ المُؤمِنينَ أنَّ الشّاكَّ فيكَ ما آمَنَ بِالرَّسولِ الأَمينِ ، وأنَّ العادِلَ بِكَ غَيرَكَ عادِلٌ عَنِ الدّينِ القَويمِ الَّذِي ارتَضاهُ لَنا رَبُّ العالَمينَ ، فَأَكمَلَهُ بِوِلايَتِكَ يَومَ الغَديرِ ، وأشهَدُ أنَّكَ المَعنِيُّ بِقَولِ العَزيزِ الرَّحيمِ : «وَأَنَّ هَـذَا صِرَ طِى مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ»۲ ضَلَّ وَاللّهِ وأضَلَّ مَنِ اتَّبَعَ سِواكَ ، وعَنَدَ عَنِ الحَقِّ مَن عاداكَ .
اللّهُمَّ سَمِعنا لِأَمرِكَ ، وأطَعنا وَاتَّبَعنا صِراطَكَ المُستَقيمَ ، فَاهدِنا رَبَّنا ولا تُزِغ قُلوبَنا بَعدَ الهُدى عَن طاعَتِكَ ، وَاجعَلنا مِنَ الشّاكِرينَ لِأَنعُمِكَ ، وأشهَدُ أنَّكَ لَم تَزَل لِلهَوى مُخالِفا ، ولِلتُّقى مُحالِفا ، وعَلى كَظمِ الغَيظِ قادِرا ، وعَنِ النّاسِ عافِياً ، وإذا عُصِيَ اللّهُ ساخِطاً ، وإذا اُطيعَ اللّهُ راضِياً ، وبِما عَهِدَ إلَيكَ عامِلاً ، راعِيا لِمَا استُحفِظتَ ، حافِظا مَا استودِعتَ ، مُبَلِّغا ما حُمِّلتَ ، مُنتَظِرا ما وُعِدتَ، وأشهَدُ أنَّكَ مَا اتَّقَيتَ ضارِعا ۳ ، ولا أمسَكتَ عَن حَقِّكَ جازِعا ، ولا أحجَمتَ عَن مُجاهَدَةِ عاصيكَ ناكِلاً ،

1.التوبة : ۱۱۱ و ۱۱۲ .

2.الأنعام : ۱۵۳ .

3.ضارعاً : أي متذلّلاً متضعّفا (بحار الأنوار : ج۱۰۰ ص۳۶۸) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 232470
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي