605
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

«يا عَلِيُّ أنتَ عِندي بِمَنزِلَةِ هارونَ مِن موسى إلّا أنَّهُ لا نَبِيَّ بَعدي ، واُعلِمُكَ أنَّ مَوتَكَ وحَياتَكَ مَعي وعَلى سُنَّتي» ، فَوَاللّهِ ما كَذَبتُ ولا كُذِّبتُ ، ولا ضَلَلتُ ولا ضَلَّ بي ، ولا نَسيتُ ما عَهِدَ إلَيَّ رَبّي ، وإنّي لَعَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبّي بَيَّنَها لِنَبِيِّهِ ، وبَيَّنَهَا النَّبِيُّ لي ، وإنّي لَعَلَى الطَّريقِ الواضِحِ ، ألفِظُهُ لَفظا .
صَدَقتَ وَاللّهِ وقُلتَ الحَقَّ ؛ فَلَعَنَ اللّهُ مَن ساواكَ بِمَن ناواكَ ، ۱ وَاللّهُ جَلَّ ذِكرُهُ يَقولُ : «هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ»۲ ولَعَنَ اللّهُ مَن عَدَلَ بِكَ مَن فَرَضَ اللّهُ عَلَيهِ وِلايَتَكَ ، وأنتَ وَلِيُّ اللّهِ وأخو رَسولِهِ وَالذّابُّ عَن دينِهِ ، وَالَّذي نَطَقَ القُرآنُ بِتَفضيلِهِ ، قالَ اللّهُ تَعالى : «وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَـهِدِينَ عَلَى الْقَـعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا * دَرَجَـتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا»۳ وقالَ اللّهُ تَعالى : «أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَآجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الأَْخِرِ وَجَـهَدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِندَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الظَّــلِمِينَ * الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَـهَدُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَ لِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللَّهِ وَأُوْلَـلـءِكَ هُمُ الْفَآلـءِزُونَ * يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَ نٍ وَجَنَّـتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ * خَــلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ»۴ .
أشهَدُ أنَّكَ المَخصوصُ بِمِدحَةِ اللّهِ ، المُخلِصُ لِطاعَةِ اللّهِ ، لَم تَبغِ بِالهُدى بَدَلاً ، ولَم تُشرِكُ بِعِبادَةِ رَبِّكَ أحَدا ، وأنَّ اللّهَ تَعالَى استَجابَ لِنَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله فيكَ دَعوَتَهُ .
ثُمَّ أمَرَهُ بِإِظهارِ ما أولاكَ لِاُمَّتِهِ ، إعلاءً لِشَأنِكَ ، وإعلاناً لِبُرهانِكَ ، ودَحضاً لِلأَباطيلِ ، وقَطعا لِلمَعاذيرِ ، فَلَمّا أشفَقَ مِن فِتنَةِ الفاسِقينَ ، وَاتَّقى فيكَ المُنافِقينَ ،

1.ناواه : أي عاداه (لسان العرب : ج۱۵ ص۳۴۹) .

2.الزمر : ۹ .

3.النساء : ۹۵ و ۹۶ .

4.التوبة : ۱۹ ـ ۲۲ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
604

أسلَمَنِي النّاسُ جَميعا لَم أكُن مُتَضَرِّعا ، اِعتَصَمتَ بِاللّهِ فَعَزَزتَ ، وآثَرتَ الآخِرَةَ عَلَى الاُولى فَزَهِدتَ . وأيَّدَكَ اللّهُ وهَداكَ ، وأخلَصَكَ وَاجتَباكَ ، فَما تَناقَضَت أفعالُكَ ، ولَا اختَلَفَت أقوالُكَ ، ولا تَقَلَّبَت أحوالُكَ ، ولَا ادَّعَيتَ ولَا افتَرَيتَ عَلَى اللّهِ كَذِبا ، ولا شَرِهتَ إلَى الحُطامِ ، ولادَنَّسَكَ الآثامُ ، ولَم تَزَل عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّكَ ويَقينٍ مِن أمرِكَ ، تَهدي إلَى الحَقِّ وإلى صِراطٍ مُستَقيمٍ .
أشهَدُ شَهادَةَ حَقٍّ ، واُقسِمُ بِاللّهِ قَسَمَ صِدقٍ أنَّ مُحَمَّدا وآلَهُ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم ساداتُ الخَلقِ ، وأنَّكَ مَولايَ ومَولَى المُؤمِنينَ ، وأنَّكَ عَبدُ اللّهِ ووَلِيُّهُ ، وأخُو الرَّسولِ ووَصِيُّهُ ووارِثُهُ ، وأنَّهُ القائِلُ لَكَ : وَالَّذي بَعَثَني بِالحَقِّ ما آمَنَ بي مَن كَفَرَ بِكَ ، ولا أقَرَّ بِاللّهِ مَن جَحَدَكَ ، وقَد ضَلَّ مَن صَدَّ عَنكَ ، ولَم يَهتَدِ إلَى اللّهِ تَعالى ولا إلَيَّ مَن لا يُهدى بِكَ ، وهُوَ قَولُ رَبّي عزّوجلّ : «وَإِنِّى لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَ ءَامَنَ وَ عَمِلَ صَــلِحًا ثُمَّ اهْتَدَى»۱ إلى وِلايَتِكَ .
مَولايَ فَضلُكَ لا يَخفى ، ونورُكَ لا يُطفى ، وإنَّ مَن جَحَدَكَ الظَّلومُ الأَشقى . مَولايَ أنتَ الحُجَّةُ عَلَى الِعبادِ ، وَالهادي إلَى الرَّشادِ ، وَالعُدَّةُ لِلمَعادِ .
مَولايَ لَقَد رَفَعَ اللّهُ فِي الاُولى مَنزِلَتَكَ ، وأعلى فِي الآخِرَةِ دَرَجَتَكَ ، وبَصَّرَكَ ما عَمِيَ عَلى مَن خالَفَكَ ، وحالَ بَينَكَ وبَينَ مَواهِبِ اللّهِ لَكَ ؛ فَلَعَنَ اللّهُ مُستَحِلِّي الحُرمَةِ مِنكَ ، وذائِدَ الحَقِّ عَنكَ ، وأشهَدُ أنَّهُمُ الأَخسَرونَ الَّذينَ «تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَ هُمْ فِيهَا كَــلِحُونَ»۲ ، وأشهَدُ أنَّكَ ما أقدَمتَ ولا أحجَمتَ ولا نَطَقتَ ولا أمسَكتَ إلّا بِأَمرٍ مِنَ اللّهِ ورَسولِهِ .
قُلتَ : وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ لَقَد نَظَرَ إلَيَّ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله أضرِبُ قُدّامَهُ بِسَيفي . فَقالَ :

1.طه : ۸۲ .

2.المؤمنون : ۱۰۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 232086
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي