609
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

جَميعَ حُروبِهِ ومَغازيهِ ، تَحمِلُ الرايَةَ أمامَهُ ، وتَضرِبُ بِالسَّيفِ قُدّامَهُ ، ثُمَّ لِحَزمِكَ المَشهورِ ، وبَصيرَتِكَ بِما فِي الاُمورِ ، أمَّرَكَ فِي المَواطِنِ ولَم يَكُ عَلَيكَ أميرٌ ، وكَم مِن أمرٍ صَدَّكَ عَن إمضاءِ عَزمِكَ فيهِ التُّقى ، وَاتَّبَعَ غَيرُكَ في نَيلِهِ الهَوى ، فَظَنَّ الجاهِلونَ أنَّكَ عَجَزتَ عَمّا إلَيهِ انتَهى ، ضَلَّ وَاللّهِ الظّانُّ لِذلِكَ ومَا اهتَدى ، ولَقَد أوضَحتَ ما أشكَلَ مِن ذلِكَ لِمَن تَوَهَّمَ وَامتَرى ، بِقَولِكَ صَلَّى اللّهُ عَلَيكَ : قَد يَرَى الحُوَّلُ القُلَّبُ وَجهَ الحيلَةِ ودونَها حاجِزٌ مِن تَقوَى اللّهِ ، فَيَدَعُها رَأيَ العَينِ ، ويَنتَهِزُ فُرصَتَها مَن لا جَريحَةَ ۱ لَهُ فِي الدّينِ . صَدَقتَ وخَسِرَ المُبطِلونَ .
وإذ ماكَرَكَ النّاكِثانِ فَقالا : نُريدُ العُمرَةَ . فَقُلتَ لَهُما : لَعَمرُكُما ما تُريدانِ ۲ العُمرَةَ لكِنِ الغَدرَةَ ، وأخَذتَ البَيعَةَ عَلَيهِما ، وجَدَّدتَ الميثاقَ فَجَدّا فِي النِّفاقِ ، فَلَمّا نَبَّهتَهُما عَلى فِعلِهِما أغفَلا وعادا ومَا انتَفَعا ، وكانَ عاقِبَةُ أمرِهِما خُسراً .
ثُمَّ تَلاهُما أهلُ الشّامِ فَسِرتَ إلَيهِم بَعدَ الإِعذارِ وهُم لا يَدينونَ دينَ الحَقِّ ولا يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ ، هَمَجٌ ۳ رَعاعٌ ۴ ضالّونَ ، وبِالَّذي اُنزِلَ عَلى مُحَمَّدٍ فيكَ كافِرونَ ، ولِأَهلِ الخِلافِ عَلَيكِ ناصِرونَ ، وقَد أمَرَ اللّهُ تَعالى بِاتِّباعِكَ ونَدَبَ المُؤمِنينَ إلى نَصرِكَ ، قالَ اللّهُ تَعالى : «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَ كُونُواْ مَعَ الصَّـدِقِينَ»۵ .
مَولايَ بِكَ ظَهَرَ الحَقُّ وقَد نَبَذَهُ الخَلقُ ، وأوضَحتَ السُّنَنَ بَعدَ الدُّروسِ وَالطَّمسِ ، ولَكَ سابِقَةُ الجِهادِ عَلى تَصديقِ التَّنزيلِ ، ولَكَ فَضيلَةُ الجِهادِ عَلى تَحقيقِ التَّأويلِ ،

1.قال المجلسي قدس سره : كذا فيما عندنا من النسخ بتقديم الجيم على الحاء المهملة ، ويمكن أن يكون تصغير الجرح ؛ أي لا يرى أمراً من الاُمور جارحاً في دينه . والصواب ما في نهج البلاغة بتقديم الحاء المهملة على الجيم . . . أي ليس بذي حرج ، والحريجة التقوى (بحار الأنوار : ج۱۰۰ ص۳۶۹ و ۳۷۰) .

2.في المصدر : «لعمري لما تريدان» ، وما أثبتناه من المزار للشهيد الأوّل وبحار الأنوار .

3.الهَمَج : رذالة الناس . والهمجُ: ذبابٌ صغير يسقط على وجوه الغنم والحمير ، فشبّه به رَعاع الناس (النهاية : ج ۵ ص ۲۷۳) .

4.رعاع الناس : غوغاؤهم وسقّاطهم وأخلاطهم (النهاية : ج ۲ ص۲۳۵) .

5.التوبة : ۱۱۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
608

عَمرَوهُم ، وهَزَمتَ جَمعَهُم «وَ رَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْرًا وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَ كَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا»۱ .
ويَومُ اُحُدٍ إذ يُصعِدونَ ولا يَلوونَ ۲ عَلى أحَدٍ وَالرَّسولُ يَدعوهُم في اُخراهُم ۳ وأنتَ تَذودُ بِهِمُ المُشرِكينَ عَنِ النَّبِيِّ ذاتَ اليَمينِ وذاتَ الشِّمالِ ، حَتّى رَدَّهُمُ اللّهُ عَنكُما خائِفينَ ۴ ، ونَصَرَ بِكَ الخاذِلينَ .
ويَومُ حُنَينٍ عَلى ما نَطَقَ بِهِ التَّنزيلُ «إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْـئا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَْرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ»۵ وَالمُؤمِنونَ أنتَ ومَن يَليكَ ، وعَمُّكَ العَبّاسُ يُنادِي المُنهَزِمينَ : يا أصحابَ سورَةِ البَقَرَةِ ، يا أهلَ بَيعَةِ الشَّجَرَةِ ! حَتَّى استَجابَ لَهُ قَومٌ قَد كَفَيتَهُمُ المَؤونَةَ ، وتَكَفَّلتَ دونَهُمُ المَعونَةَ ، فَعادوا آيِسينَ مِنَ المَثوبَةِ ، راجينَ وَعدَ اللّهِ تَعالى بِالتَّوبَةِ ، وذلِكَ قَولُهُ جَلَّ ذِكرُهُ : « ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِن بَعْدِ ذَ لِكَ عَلَى مَن يَشَآءُ»۶ وأنتَ حائِزٌ دَرَجَةَ الصَّبرِ ، فائِزٌ بِعَظيمِ الأَجرِ .
ويَومُ خَيبَرَ إذ أظهَرَ اللّهُ خَوَرَ المُنافِقينَ ، وقَطَعَ دابِرَ الكافِرينَ ، وَالحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ «وَلَقَدْ كَانُواْ عَـهَدُواْ اللَّهَ مِن قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَـرَ وَ كَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْـئولًا»۷ .
مَولايَ أنتَ الحُجَّةُ البالِغَةُ ، وَالمَحَجَّةُ الواضِحَةُ ، والنِّعمَةُ السّابِغَةُ ، وَالبُرهانُ المُنيرُ ، فَهَنيئا لَكَ ما آتاكَ اللّهُ مِن فَضلٍ ، وتَبّاً لِشانِئِكَ ذِي الجَهلِ . شَهِدَت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله

1.الأحزاب : ۲۵ .

2.في المصدر: « .. . تصعدون ولا تلوون»، والتصويب من بحار الأنوار.

3.إشارة إلى الآية ۱۵۳ من سورة آل عمران .

4.في المصدر : « .. . حتّى صرفهما عنكم الخائفين»، والتصويب من المزار للشهيد الأوّل وبحار الأنوار.

5.التوبة : ۲۵ و ۲۶ .

6.التوبة : ۲۷ .

7.الأحزاب : ۱۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 231329
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي