أَمْرِى * قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَـكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى» 1 وكَذلِكَ أنتَ لَمّا رُفِعَتِ المَصاحِفُ قُلتَ : يا قَومِ إنَّما فُتِنتُم بِها وخُدِعتُم . فَعَصَوكَ وخَالَفوا عَلَيكَ وَاستَدعَوا نَصبَ الحَكَمَينِ ، فَأَبَيتَ عَلَيهِم وتَبَرَّأتَ إلَى اللّهِ مِن فِعلِهِم وفَوَّضتَهُ إلَيهِم ، فَلَمّا أسفَرَ الحَقُّ ، وسَفِهَ المُنكَرُ ، وَاعتَرَفوا بِالزَّلَلِ وَالجَورِ عَنِ القَصدِ ، وَاختَلَفوا مِن بَعدِهِ ، وألزَموكَ عَلى سَفَهِ التَّحكيمِ الَّذي أبَيتَهُ ، وأحَبّوهُ ، وحَظَرتَهُ وأباحوا ذَنبَهُمُ الَّذِي اقتَرَفوهُ ، وأنتَ عَلى نَهجِ بَصيرَةٍ وهُدىً ، وهُم عَلى سُنَنِ ضَلالَةٍ وعَمىً ، فَما زالوا عَلَى النِّفاقِ مُصِرّينَ ، وفِي الغَيِّ مُتَرَدِّدينَ ، حَتّى أذاقَهُمُ اللّهُ وَبالَ أمرِهِم ، فَأَماتَ بِسَيفِكَ مَن عانَدَكَ فَشَقِيَ وهَوى ، وأحيا بِحُجَّتِكَ مَن سَعِدَ فَهَدى ، صَلَواتُ اللّهِ عَلَيكَ غادِيَةً ورائِحَةً وعاكِفَةً وذاهِبَةً ، فَما يُحيطُ المادِحُ وَصفَكَ ، ولا يُحبِطُ الطاعِنُ فَضلَكَ ، أنتَ أحسَنُ الخَلقِ عِبادَةً ، وأخلَصُهُم زَهادَةً ، وأذَبُّهُم عَنِ الدّينِ ، أقَمتَ حُدودَ اللّهِ بِجُهدِكَ ، وفَلَلتَ عَساكِرَ المارِقينَ بِسَيفِكَ ، تُخمِدُ لَهَبَ الحُروبِ بِبَنانِكَ ، وتَهتِكُ سُتورَ الشُّبَهِ بِبَيانِكَ ، وتَكشِفُ لَبسَ الباطِلِ عَن صَريحِ الحَقِّ ، لا تَأخُذُكَ فِي اللّهِ لَومَةُ لائِمٍ ، وفي مَدحِ اللّهِ تَعالى لَكَ غِنىً عَن مَدحِ المادِحينَ وتَقريظِ الواصِفينَ ، قالَ اللّهُ تَعالى : «مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَـهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَ مِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَ مَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً» 2 ولَمّا رَأَيتَ أن قَتَلتَ النّاكِثينَ وَالقاسِطينَ وَالمارِقينَ وصَدَّقَكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَعدَهُ فَأَوفَيتَ بِعَهدِهِ ، قُلتَ : أ ما آنَ أن تُخضَبَ هذِهِ مِن هذِهِ ؟ أم مَتى يُبعَثُ أشقاها ؟ واثِقاً بِأَنَّكَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّكَ ، وبَصيرَةٍ مِن أمرِكَ ، قادِما عَلَى اللّهِ ، مُستَبشِرا بِبَيعِكَ الَّذي بايَعتَهُ بِهِ ، وذلِكَ هُوَ الفَوزُ العَظيمُ 3 .
اللّهُمَّ العَن قَتَلَةَ أنبِيائِكَ، وأوصِياءِ أنبِيائِكَ، بِجَميعِ لَعَناتِكَ، وأصلِهِم حَرَّ نارِكَ... .