ثُمَّ نَزَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَانكَمَشَ ۱ النّاسُ في جِهازِهِم ، وَاستَعَزَّ بِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَجَعُهُ ، فَخَرَجَ اُسامَةُ وخَرَجَ جَيشُهُ مَعَهُ حَتّى نَزَلُوا الجُرفَ ـ مِنَ المَدينَةِ عَلى فَرسَخٍ ـ فَضَرَبَ بِهِ عَسكَرَهُ ، وتَتامَّ ۲ إلَيهِ النّاسُ ، وثَقُلَ ۳ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأَقامَ اُسامَةُ وَالنّاسُ لِيَنظُروا مَا اللّهُ قاضٍ في رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ۴ .
۹۲۰.الإمام عليّ عليه السلام :أمَرَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِتَوجيهِ الجَيشِ الَّذي وَجَّهَهُ مَعَ اُسامَةَ ابنِ زَيدٍ عِندَ الَّذي أحدَثَ اللّهُ بِهِ مِنَ المَرَضِ الَّذي تَوَفّاهُ فيهِ ، فَلَم يَدَعِ النَّبِيُّ أحَدا مِن أفناءِ ۵ العَرَبِ ، ولا مِنَ الأَوسِ وَالخَزرَجِ وغَيرِهِم مِن سائِرِ النّاسِ مِمَّن يَخافُ عَلى نَقضِهِ ومُنازَعَتِهِ ، ولا أحَدا مِمَّن يَراني بِعَينِ البَغضاءِ مِمَّن قَد وَتَرتُهُ بِقَتلِ أبيهِ أو أخيهِ أو حَميمِهِ ، إلّا وَجَّهَهُ في ذلِكَ الجَيشِ ، ولا مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالمُسلِمينَ وغَيرِهِم وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَالمُنافِقينَ ؛ لِتَصفُوَ قُلوبُ مَن يَبقى مَعي بِحَضرَتِهِ ، ولِئَلّا يَقولَ قائِلٌ شَيئا مِمّا أكرَهُهُ ، ولا يَدفَعُني دافِعٌ مِنَ الوِلايَةِ وَالقِيامِ بِأَمرِ رَعِيَّتِهِ مِن بَعدِهِ .
ثُمَّ كانَ آخِرُ ما تَكَلَّمَ بِهِ في شَيءٍ مِن أمرِ اُمَّتِهِ أن يُمضِيَ جَيشَ اُسامَةَ ، ولا يَتَخَلَّفَ عَنهُ أحَدٌ مِمَّن أُنهَضَ مَعَهُ ، وتَقَدَّمَ في ذلِكَ أشَدَّ التَّقَدُّمِ ، وأوعَزَ ۶ فيهِ أبلَغَ الإِيعازِ ، وأكَّدَ فيهِ أكثَرَ التَّأكيدِ .
1.اِنْكَمَشَ في هذا الأمر : أي تَشَمَّرَ وجَدَّ (النهاية : ج۴ ص۲۰۰) .
2.تَتامُّوا : أي جاؤوا كُلُّهم وتَمُّوا . وفي الحديث : «تَتامَّتْ إليه قُريش» أي أجابَتْهُ وجاءَتْهُ مُتَوافِرَة مُتَتابِعة (تاج العروس : ج۱۶ ص۷۹) .
3.ثَقُلَ الرجُلُ : اشتَدَّ مرَضُه (لسان العرب : ج۱۱ ص۸۸) .
4.السيرة النبويّة لابن هشام : ج۴ ص۲۹۹ وراجع تاريخ الطبري : ج۳ ص۱۸۴ و ص ۱۸۶ والكامل في التاريخ : ج۲ ص۵ .
5.أي لم يُعْلَم مِمَّن هو (النهاية : ج۳ ص۴۷۷) .
6.الوَعْز : التَّقْدِمة في الأمر والتَّقَدُّمُ فيه (لسان العرب : ج۵ ص۴۲۹) .