649
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

فَلَم أشعُر بَعدَ أن قُبِضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله إلّا بِرِجالٍ مِن بَعثِ اُسامَةَ بنِ زَيدٍ وأهلِ عَسكَرِهِ قَد تَرَكوا مَراكِزَهُم ، وأخَلّوا مَواضِعَهُم ، وخالَفوا أمرَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فيما أنهَضَهُم لَهُ وأمَرَهُم بِهِ وتَقَدَّمَ إلَيهِم ؛ مِن مُلازَمَةِ أميرِهِم ، وَالسَّيرِ مَعَهُ تَحتَ لِوائِهِ ، حَتّى يُنفَذَ لِوَجهِهِ الَّذي أنفَذَهُ إلَيهِ !
فَخَلَّفوا أميرَهُم مُقيما في عَسكَرِهِ ، وأقبَلوا يَتَبادَرونَ عَلَى الخَيلِ رَكضا إلى حَلِّ عُقدَةٍ عَقَدَهَا اللّهُ عزّوجلّ لي ولِرَسولِهِ صلى الله عليه و آله في أعناقِهِم فَحَلّوها ، وعَهدٍ عاهَدُوا اللّهَ ورَسولَهُ فَنَكَثوهُ ! وعَقَدوا لِأَنفُسِهِم عَقدا ضَجَّت بِهِ أصواتُهُم ، وَاختَصَّت بِهِ آراؤُهُم ، مِن غَيرِ مُناظَرَةٍ لِأَحَدٍ مِنّا بني عَبدِ المُطَّلِبِ ، أو مُشارَكَةٍ في رَأيٍ ، أوِ استِقالَةٍ ۱ لِما في أعناقِهِم مِن بَيعَتي ! ۲

1.تَقايَلَ البَيِّعان : تَفاسَخا صَفْقَتَهما . وتكون الإقالَةُ في البَيْعة والعهد . والاستِقالَة : طلَب الإِقالَة (لسان العرب : ج۱۱ ص۵۷۹ و ۵۸۰) .

2.الخصال : ص۳۷۱ ح۵۸ عن جابر الجعفي عن الإمام الباقر عليه السلام ، الاختصاص : ص۱۷۰ عن جابر عن أبي جعفر عن محمّد ابن الحنفيّة ، شرح الأخبار : ج۱ ص۳۴۶ ح۳۱۵ عن محمّد بن سلام بإسناده عنه عليه السلام نحوه .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
648

ثُمَّ نَزَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَانكَمَشَ ۱ النّاسُ في جِهازِهِم ، وَاستَعَزَّ بِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَجَعُهُ ، فَخَرَجَ اُسامَةُ وخَرَجَ جَيشُهُ مَعَهُ حَتّى نَزَلُوا الجُرفَ ـ مِنَ المَدينَةِ عَلى فَرسَخٍ ـ فَضَرَبَ بِهِ عَسكَرَهُ ، وتَتامَّ ۲ إلَيهِ النّاسُ ، وثَقُلَ ۳ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأَقامَ اُسامَةُ وَالنّاسُ لِيَنظُروا مَا اللّهُ قاضٍ في رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ۴ .

۹۲۰.الإمام عليّ عليه السلام :أمَرَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِتَوجيهِ الجَيشِ الَّذي وَجَّهَهُ مَعَ اُسامَةَ ابنِ زَيدٍ عِندَ الَّذي أحدَثَ اللّهُ بِهِ مِنَ المَرَضِ الَّذي تَوَفّاهُ فيهِ ، فَلَم يَدَعِ النَّبِيُّ أحَدا مِن أفناءِ ۵ العَرَبِ ، ولا مِنَ الأَوسِ وَالخَزرَجِ وغَيرِهِم مِن سائِرِ النّاسِ مِمَّن يَخافُ عَلى نَقضِهِ ومُنازَعَتِهِ ، ولا أحَدا مِمَّن يَراني بِعَينِ البَغضاءِ مِمَّن قَد وَتَرتُهُ بِقَتلِ أبيهِ أو أخيهِ أو حَميمِهِ ، إلّا وَجَّهَهُ في ذلِكَ الجَيشِ ، ولا مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ وَالمُسلِمينَ وغَيرِهِم وَالمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهُم وَالمُنافِقينَ ؛ لِتَصفُوَ قُلوبُ مَن يَبقى مَعي بِحَضرَتِهِ ، ولِئَلّا يَقولَ قائِلٌ شَيئا مِمّا أكرَهُهُ ، ولا يَدفَعُني دافِعٌ مِنَ الوِلايَةِ وَالقِيامِ بِأَمرِ رَعِيَّتِهِ مِن بَعدِهِ .
ثُمَّ كانَ آخِرُ ما تَكَلَّمَ بِهِ في شَيءٍ مِن أمرِ اُمَّتِهِ أن يُمضِيَ جَيشَ اُسامَةَ ، ولا يَتَخَلَّفَ عَنهُ أحَدٌ مِمَّن أُنهَضَ مَعَهُ ، وتَقَدَّمَ في ذلِكَ أشَدَّ التَّقَدُّمِ ، وأوعَزَ ۶ فيهِ أبلَغَ الإِيعازِ ، وأكَّدَ فيهِ أكثَرَ التَّأكيدِ .

1.اِنْكَمَشَ في هذا الأمر : أي تَشَمَّرَ وجَدَّ (النهاية : ج۴ ص۲۰۰) .

2.تَتامُّوا : أي جاؤوا كُلُّهم وتَمُّوا . وفي الحديث : «تَتامَّتْ إليه قُريش» أي أجابَتْهُ وجاءَتْهُ مُتَوافِرَة مُتَتابِعة (تاج العروس : ج۱۶ ص۷۹) .

3.ثَقُلَ الرجُلُ : اشتَدَّ مرَضُه (لسان العرب : ج۱۱ ص۸۸) .

4.السيرة النبويّة لابن هشام : ج۴ ص۲۹۹ وراجع تاريخ الطبري : ج۳ ص۱۸۴ و ص ۱۸۶ والكامل في التاريخ : ج۲ ص۵ .

5.أي لم يُعْلَم مِمَّن هو (النهاية : ج۳ ص۴۷۷) .

6.الوَعْز : التَّقْدِمة في الأمر والتَّقَدُّمُ فيه (لسان العرب : ج۵ ص۴۲۹) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 234501
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي