101
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

الأَجَلَ أتى مَنزِلَ المِسوَرِ بنِ مَخرَمَةَ فَأَيقَظَهُ ، وقالَ لَهُ : لَم أذُق في هذِهِ اللَّيلَةِ كَبيرَ غُمضٍ ۱ ! اِنطَلِق فَادعُ الزُّبَيرَ وسَعدا . فَدَعاهُما ، فَبَدَأَ بِالزُّبَيرِ فَقالَ لَهُ : خَلِّ بَني عَبدِ مَنافٍ وهذَا الأَمرَ . قالَ : نَصيبي لِعَلِيٍّ . وقالَ لِسَعدٍ : اِجعَل نَصيبَكَ لي . فَقالَ : إنِ اختَرتَ نَفسَكَ فَنَعَم ، وإنِ اختَرتَ عُثمانَ فَعَلِيٌّ أحَبُّ إلَيَّ . . . .
فَلَمّا صَلّوُا الصُّبحَ جَمَعَ الرَّهطَ ، وبَعَثَ إلى مَن حَضَرَهُ مِن المُهاجِرينَ وأهلِ السّابِقَةِ وَالفَضلِ مِنَ الأَنصارِ وإلى اُمَراءِ الأَجنادِ ، فَاجتَمَعوا حَتَّى التَجَّ ۲ المَسجِدُ بِأَهلِهِ ، فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! إنَّ النّاسَ قَد أجمَعوا أن يَرجِعَ أهلُ الأَمصارِ إلى أمصارِهِم ، فَأَشيروا عَلَيَّ .
فَقالَ عَمّارٌ : إن أرَدتَ ألّا يَختَلِفَ المُسلِمونَ فَبايِع عَلِيّا . فَقالَ المِقدادُ بنُ الأَسوَدِ : صَدَقَ عمّارٌ ! إن بايَعتَ عَلِيّا قُلنا : سَمِعنا وأطَعنا .
قالَ ابنُ أبي سَرحٍ : إن أرَدتَ ألّا تَختَلِفَ قُرَيشٌ فَبايعِ عُثمانَ . فَقالَ عَبدُ اللّهِ بِنُ أبي رَبيعَةَ : صَدَقَ ! ۳ إن بايَعتَ عُثمانَ قُلنا : سَمِعنا وأطَعنا .
فَشَتَمَ ۴ عَمّارٌ ابنَ أبي سَرحٍ وقالَ : مَتى كُنتَ تَنصَحُ المُسلِمينَ ! !
فَتَكَلَّمَ بَنو هاشِمٍ وبنو اُمَيَّةَ ، فَقالَ عَمّارٌ : أيُّهَا النّاسُ ! إنَّ اللّهَ أكرَمَنا بِنَبِيِّهِ وأعَزَّنا بِدينِهِ ، فَأَنّى تَصرِفونَ هذَا الأَمرَ عَن أهلِ بَيتِ نَبِيِّكُم ؟ ! فَقالَ رَجُلٌ مِن بَني مَخزومٍ : لَقَد عَدَوتَ طَورَكَ يَابنَ سُمَيَّةَ ! وما أنتَ وتَأميرُ قُرَيشٍ لأَنفُسِها ! !
فَقالَ سَعدُ بنُ أبي وَقّاصٍ : يا عَبدَ الرَّحمنِ ، افرُغ قَبلَ أن يَفتَتِنَ النّاسُ .

1.ما ذُقْتُ غُمْضا : أي ما ذُقْتُ نَوما (لسان العرب : ج۷ ص۱۹۹) .

2.التجّ الظلام : اختلط (المحيط في اللغة : ج۶ ص۴۰۸) .

3.في المصدر : «صدقت» ، وما أثبتناه من تاريخ الطبري ؛ وهو المناسب للسياق .

4.في المصدر: «فتبسَّم» ، وما أثبتناه من تاريخ الطبري .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
100

فَرَفَعَ رَأسَهُ إلى سَقفِ المَسجِدِ ويَدُهُ في يَدِ عُثمانَ ، ثُمَّ قالَ : اللّهُمَّ اسمَع وَاشهَد ! اللّهُمَّ إنّي قد جَعَلتُ ما في رَقَبَتي مِن ذاكَ في رَقَبَةِ عُثمانَ .
وَازدَحَم النّاسُ يُبايِعونَ عُثمانَ حَتّى غَشوهُ عِندَ المِنبَرِ ، فَقَعَدَ عَبدُ الرَّحمنِ مَقعَدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مِنَ المِنبَرِ ، وأقعَدَ عُثمانَ عَلَى الدَّرَجَةِ الثّانِيَةِ ، فَجَعَلَ النّاسُ يُبايِعونَهُ ، وتَلَكَّأَ عَلِيٌّ ، فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ : «فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفَى بِمَا عَـهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا»۱ .
فَرَجَعَ عَلِيٌّ يَشُقُّ النّاسَ حَتّى بايَعَ وهُوَ يَقولُ : خُدعَةٌ وأيُّما خُدعَةٍ ! ! ۲

۱۰۵۸.الكامل في التاريخ :لَمّا دُفِنَ عُمَرُ ، جَمَعَ المِقدادُ أهلَ الشّورى . . . فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ : أيّكُمُ يُخرِجُ مِنها نَفسَهُ ويَتَقَلَّدُها عَلى أن يُوَلِّيَها أفضَلَكُم ؟ فَلَم يُجِبهُ أحَدٌ .
فَقالَ : فَأَنا أنخَلِعُ مِنها ، فَقالَ عُثمانُ : أنَا أوَّلُ مَن رَضِيَ ، فَقالَ القَومُ : قَد رَضينا ، وعَلِيٌّ ساكِتٌ .
فَقالَ : ما تَقولُ يا أبَا الحَسَنِ ؟
قالَ : أعطِني مَوثِقا لَتُؤثِرَنَّ الحَقَّ ، ولا تَتَّبِعُ الهَوى ، ولا تَخُصُّ ذا رَحِمٍ ، ولا تَألُو الاُمَّةَ نُصحا .
فَقالَ : أعطوني مَواثيقَكُم عَلى أن تَكونوا مَعي عَلى مَن بَدَّلَ وغَيَّرَ ، وأن تَرضَوا مَنِ اختَرتُ لَكُم ؛ وعَلَيَّ ميثاقُ اللّهِ ألّا أخُصَّ ذا رَحِمٍ لِرَحِمِهِ ، ولا آلُوَ المُسلِمينَ . فَأَخَذَ مِنهُم ميثاقا ، وأعطاهُم مِثلَهُ . . . .
ودارَ عَبدُ الرَّحمنِ لَيالِيَهُ يَلقى أصحابَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ومَن وافَى المَدينَةَ مِن اُمَراءِ الأَجنادِ وأشرافِ النّاسِ يُشاوِرُهُم ، حَتّى إذا كانَ اللَّيلَةُ الَّتي صَبيحَتُها تَستَكمِل

1.الفتح : ۱۰ .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۳۸ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۳۰۵ ، البداية والنهاية : ج۷ ص۱۴۶ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 230497
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي