فَرَفَعَ رَأسَهُ إلى سَقفِ المَسجِدِ ويَدُهُ في يَدِ عُثمانَ ، ثُمَّ قالَ : اللّهُمَّ اسمَع وَاشهَد ! اللّهُمَّ إنّي قد جَعَلتُ ما في رَقَبَتي مِن ذاكَ في رَقَبَةِ عُثمانَ .
وَازدَحَم النّاسُ يُبايِعونَ عُثمانَ حَتّى غَشوهُ عِندَ المِنبَرِ ، فَقَعَدَ عَبدُ الرَّحمنِ مَقعَدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مِنَ المِنبَرِ ، وأقعَدَ عُثمانَ عَلَى الدَّرَجَةِ الثّانِيَةِ ، فَجَعَلَ النّاسُ يُبايِعونَهُ ، وتَلَكَّأَ عَلِيٌّ ، فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ : «فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَ مَنْ أَوْفَى بِمَا عَـهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا»۱ .
فَرَجَعَ عَلِيٌّ يَشُقُّ النّاسَ حَتّى بايَعَ وهُوَ يَقولُ : خُدعَةٌ وأيُّما خُدعَةٍ ! ! ۲
۱۰۵۸.الكامل في التاريخ :لَمّا دُفِنَ عُمَرُ ، جَمَعَ المِقدادُ أهلَ الشّورى . . . فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ : أيّكُمُ يُخرِجُ مِنها نَفسَهُ ويَتَقَلَّدُها عَلى أن يُوَلِّيَها أفضَلَكُم ؟ فَلَم يُجِبهُ أحَدٌ .
فَقالَ : فَأَنا أنخَلِعُ مِنها ، فَقالَ عُثمانُ : أنَا أوَّلُ مَن رَضِيَ ، فَقالَ القَومُ : قَد رَضينا ، وعَلِيٌّ ساكِتٌ .
فَقالَ : ما تَقولُ يا أبَا الحَسَنِ ؟
قالَ : أعطِني مَوثِقا لَتُؤثِرَنَّ الحَقَّ ، ولا تَتَّبِعُ الهَوى ، ولا تَخُصُّ ذا رَحِمٍ ، ولا تَألُو الاُمَّةَ نُصحا .
فَقالَ : أعطوني مَواثيقَكُم عَلى أن تَكونوا مَعي عَلى مَن بَدَّلَ وغَيَّرَ ، وأن تَرضَوا مَنِ اختَرتُ لَكُم ؛ وعَلَيَّ ميثاقُ اللّهِ ألّا أخُصَّ ذا رَحِمٍ لِرَحِمِهِ ، ولا آلُوَ المُسلِمينَ . فَأَخَذَ مِنهُم ميثاقا ، وأعطاهُم مِثلَهُ . . . .
ودارَ عَبدُ الرَّحمنِ لَيالِيَهُ يَلقى أصحابَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ومَن وافَى المَدينَةَ مِن اُمَراءِ الأَجنادِ وأشرافِ النّاسِ يُشاوِرُهُم ، حَتّى إذا كانَ اللَّيلَةُ الَّتي صَبيحَتُها تَستَكمِل