103
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

فَقالَ رَجُلٌ لِلمِقدادِ : رَحِمَكَ اللّهُ ! مَن أهلُ هذَا البَيتِ ؟ ومَن هذَا الرَّجُلُ ؟
قالَ : أهلُ البَيتِ بَنو عَبدِ المُطَّلِبِ ، وَالرَّجُلُ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ .
فَقالَ عَلِيٌّ : إنَّ النّاسَ يَنظُرونَ إلى قُرَيشٍ ، وقُرَيشٌ تَنظُرُ بَينَها فَتَقولُ : إن وَلِيَ عَلَيكُم بَنو هاشِمٍ لم تَخرُج مِنهُم أبَدا ، وما كانَت في غَيرِهِم تَداوَلتُموها بَينَكُم ۱ .

۱۰۵۹.تاريخ اليعقوبي :كانَ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ الزُّهريُ ـ لَمّا تُوُفِّيَ عُمَرُ وَاجتَمَعوا لِلشّورى ـ سَأَلَهُم أن يُخرِجَ نَفسَهُ مِنها عَلى أن يَختارَ مِنهُم رَجُلاً ، فَفَعَلوا ذلِكَ ، فَأَقامَ ثَلاثَةَ أيّامٍ ، وخَلا بِعَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ، فَقالَ : لَنا اللّهُ عَلَيكَ ، إن وُلّيتَ هذَا الأَمرَ ، أن تَسيرَ فينا بِكتابِ اللّهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ وسيرَةِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ .
فَقالَ : أسيرُ فيكُم بِكِتابِ اللّهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ مَا استَطَعتُ .
فَخَلا بِعُثمانَ فَقالَ لَهُ : لَنا اللّهُ عَلَيكَ ، إن وُلّيتَ هذَا الأَمرَ ، أن تَسيرَ فينا بِكِتابِ اللّهِ وسُنَّةِ نَبِيِّهِ وسيرَةِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ .
فَقالَ : لَكُم أن أسيرَ فيكُم بِكِتابِ اللّه وسُنَّةِ نَبِيِّهِ وسيرَةِ أبي بَكرٍ وعُمَرَ .
ثُمَّ خَلا بِعَلِيٍّ فَقالَ لَهُ مِثلَ مَقالَتِهِ الاُولى ، فَأَجابَهُ مِثلَ الجَوابِ الأَوَّلِ ؛ ثُمَّ خَلا بِعُثمانَ فَقالَ لَهُ مِثلَ المَقالَةِ الاُولى ، فَأَجابَهُ مِثلَ ما كانَ أجابَهُ ، ثُمَّ خَلا بِعَلِيٍّ فَقالَ لَهُ مِثلَ المَقالَةِ الاُولى ، فَقالَ :
إنَّ كِتابَ اللّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ لا يُحتاجُ مَعَهُما إلى إجِّيرى ۲ أحَدٍ ! أنتَ مُجتَهِدٌ أن تَزوِيَ هذَا الأَمرَ عَنّي ! !

1.الكامل في التاريخ : ج۲ ص۲۲۱ ـ ۲۲۴ ، تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۳۰ ـ ۲۳۳ ، تاريخ المدينة : ج۳ ص۹۲۶ ـ ۹۳۱ ، العقد الفريد : ج۳ ص۲۸۶ ـ ۲۸۸ كلّها نحوه .

2.الإجِّيرَى : العادَة (تاج العروس : ج۶ ص۱۳) والمراد هنا : الطريقة .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
102

فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ : إنّي قَد نَظَرتُ وشاوَرتُ ، فَلا تَجعَلُنَّ ـ أيُّهَا الرَّهطُ ـ عَلى أنفُسِكُم سَبيلاً . ودَعا عَلِيّا وقالَ : عَلَيكَ عَهدُ اللّهِ وميثاقُهُ لَتَعمَلَنَّ بِكِتابِ اللّهِ وسُنَّةِ رَسولِهِ وسيرَةِ الخَليفَتَينِ مِن بَعدِهِ .
قالَ : أرجو أن أفعَلَ ؛ فَأَعمَلَ بِمَبلَغِ عِلمي وطاقَتي .
ودَعا عُثمانَ فَقالَ لَهُ مِثل ما قالَ لَعلِيٍّ ، فَقالَ : نَعَم نَعمَلُ .
فَرَفَعَ رَأسَهُ إلى سَقفِ المَسجِدِ ويَدُهُ في يَدِ عُثمانَ فَقالَ : اللّهُمَّ اسمَع واشهَد ! اللّهُمَّ إنّي قَد جَعَلتُ ما في رَقَبَتي مِن ذلِكَ في رَقَبَةِ عُثمانَ . فَبايَعَهُ .
فَقالَ عَلِيٌّ : لَيسَ هذَا أوَّلَ يَومٍ تَظاهَرتُم فيهِ عَلَينا ! «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ»۱ ، وَاللّهِ ما وَلَّيتَ عُثمانَ إلّا لِيَرُدَّ الأَمرَ إلَيكَ ! ! وَاللّهُ كُلَّ يَومٍ في شَأنٍ .
فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ : يا عَلِيُّ ، لا تَجعَل عَلى نَفسِكَ حُجَّةً وسَبيلاً . فَخَرَجَ عَلِيٌّ وهُوَ يَقولُ : سَيَبلُغُ الكِتابُ أجَلَهُ !
فَقالَ المِقدادُ : يا عَبدَ الرَّحمنِ ، أما وَاللّهِ لَقَد تَرَكتَهُ وإنَّهُ مِنَ الَّذينَ يَقضونَ بِالحَقِّ وبِهِ يَعدِلونَ !
فَقالَ : يا مِقدادُ ، وَاللّهِ لَقَدِ اجتَهَدتُ لِلمُسلِمينَ .
قالَ : إن كُنتَ أرَدتَ اللّهَ فَأَثابَكَ اللّهُ ثَوابَ المُحسِنينَ .
فَقالَ المِقدادُ : ما رَأيتُ مِثلَ ما أتى إلى أهلِ هذَا البَيتِ بَعدَ نَبِيِّهِم ! إنّي لَأَعجَبُ مِن قُرَيشٍ أنَّهُم تَرَكوا رَجُلاً ما أقولُ ولا أعلَمُ أنَّ رَجُلاً أقضى بِالعَدلِ ولا أعلَمُ مِنهُ ! ! أما وَاللّهِ لَو أجِدُ أعوانا عَلَيهِ !
فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ : يا مِقدادُ ، اتَّقِ اللّهَ ! فَإِنّي خائِفٌ عَلَيكَ الفِتنَةَ .

1.يوسف : ۱۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 193048
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي