117
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

فَرَغَ مِن قِراءَتِهِ ، قالَ لَهُ ابنُ عَبّاسٍ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، لَوِ اطَّرَدَت خُطبَتُكَ مِن حَيثُ أفضَيتَ !
فَقالَ : هَيهاتَ يَابنَ عَبّاسٍ ! تِلكَ شِقشِقَةٌ هَدَرَت ثُمَّ قَرَّت !
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : فَوَاللّهِ ، ما أسَفتُ عَلى كَلامٍ قَطُّ كَأَسَفي عَلى هذَا الكَلامِ ألّا يَكونَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام بَلَغَ مِنهُ حَيثُ أرادَ ۱ .

راجع : ج 4 ص 137 (خطبة الإمام بعد قتل محمّد بن أبي بكر) .
و ص 138 (رسالة الإمام المفتوحة إلى اُمّة الإسلام) .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۳ ، الإرشاد : ج۱ ص۲۸۷ ، معاني الأخبار : ص۳۶۱ ح۱ ، علل الشرائع : ص۱۵۰ ح۱۲ ، الأمالي للطوسي : ص۳۷۲ ح۸۰۳ ، الاحتجاج : ج۱ ص۴۵۲ ح۱۰۵ ، المناقب لابن شهر آشوب : ج۲ ص۲۰۴ ، نثر الدرّ : ج۱ ص۲۷۴ ؛ تذكرة الخواصّ : ص۱۲۴ كلّها نحوه .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
116

تَقَحَّمَ ، فَمُنِيَ النّاسُ ـ لَعَمرُ اللّهِ ـ بِخَبطٍ وشِماسٍ ، وتَلَوُّنٍ وَاعتِراضٍ ؛ فَصَبَرتُ عَلى طولِ المُدَّةِ ، وشِدَّةِ المِحنَةِ ؛ حَتّى إذا مَضى لِسَبيلِهِ جَعَلَها في جَماعَةٍ زَعَمَ أنّي أحَدُهُم ، فَيا للّهِِ وَلِلشّورى ! مَتَى اعتَرَضَ الرَّيبُ فِيَّ مَعَ الأَوَّلِ مِنهُم ، حَتّى صِرتُ اُقرَنُ إلى هذِهِ النَّظائِرِ ! لكِنّي أسفَفتُ إذ أسفّوا ، وطرِتُ إذ طاروا ؛ فَصَغا رَجُلٌ مِنهُم لِضِغنِهِ ، ومالَ الآخَرُ لِصِهرِهِ ، مَعَ هَنٍ وهَنٍ ، إلى أن قامَ ثالِثُ القَومِ نافِجا حِضنَيهِ ، بَينَ نَثيلِهِ ومُعتَلَفِهِ ، وقامَ مَعَهُ بَنو أبيهِ يَخضَمونَ مالَ اللّهِ خِضمَةَ الإِبِلِ نِبتَةَ الرَّبيعِ ، إلى أنِ انتكَثَ عَلَيهِ فَتلُهُ ، وأجهَزَ عَلَيهِ عَمَلُهُ ، وكَبَتَ بِهِ بَطنَتُهُ !
فَما راعَني إلّا وَالنّاسُ كَعُرفِ الضَّبُعِ إلَيَّ ، يَنثالونَ عَلَيَّ مِن كُلِّ جانِبٍ ، حَتّى لَقَد وُطِئَ الحَسَنانِ ، وشُقَّ عِطفايَ ، مُجتَمِعينَ حَولي كَرَبيضَةِ الغَنَمِ ، فَلَمّا نَهَضتُ بِالأَمرِ نَكَثَت طائِفَةٌ ، ومَرَقَت اُخرى ، وقَسَطَ آخَرونَ : كَأَنَّهُم لَم يَسمَعُوا اللّهَ سُبحانَهُ يَقولُ : «تِلْكَ الدَّارُ الْأَخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِى الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَ الْعَـقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ»۱ بَلى ! وَاللّهِ لَقَد سَمِعوها ووَعَوهَا ، ولكِنَّهُم حَلِيَتِ الدُّنيا في أعيُنِهِم وراقَهُم زِبرِجُها !
أما وَالَّذي فَلَقَ الحَبَّةَ ، وَبَرأَ النّسَمَةَ ، لَولا حُضورُ الحاضِرِ ، وقِيامُ الحُجَّةِ بِوُجودِ النّاصِرِ ، وما أخَذَ اللّهُ عَلَى العُلَماءِ ألّا يُقارّوا عَلى كِظَّةِ ظالِمٍ ، ولا سَغَبِ مَظلومٍ ، لَأَلقَيتُ حَبلَها عَلى غارِبِها ، ولَسَقيتُ آخِرَها بِكَأسِ أوَّلِها ، ولَأَلفَيتُم دُنياكُم هذِهِ أزهَدَ عِندي مِن عَفطَةِ عَنْزٍ !
قالوا : وقامَ إلَيهِ رَجُلٌ مِن أهلِ السَّوادِ عِندَ بُلوغِهِ إلى هذَا المَوضِعِ مِن خُطبَتِهِ ، فَناوَلَهُ كِتابا ـ قيلَ : إنَّ فيهِ مَسائِلَ كانَ يُريدُ الإِجابَةَ عَنها ـ فَأَقبَلَ يَنظُرُ فيهِ ، فَلَمّا

1.القصص : ۸۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 229810
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي