121
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

يعدلون بعثمان أحدا 1 . بينما صاح عمّار والمقداد مؤكّدَين على انتخاب عليّ عليه السلام . وارتفعت الأصوات في المسجد ، وصاح عمّار : لماذا تُبعدون هذا الأمر عن أهل بيت الرسول؟! 2
ثمّ إنّ عبد الرحمن بن عوف قال لعليّ عليه السلام : هل تعاهِد اللّه على العمل بكتاب اللّه وسنّة نبيّه وسيرة أبي بكر وعمر؟ فقال : لا ، ولكن أسير على كتاب اللّه وسنّة رسول اللّه قدر وسعي .
ولمّا عرض هذا السؤال على عثمان ، قال : أعمل بالقرآن وسنّة رسول اللّه وسيرة الشيخين. ثمّ كرّر عبد الرحمن سؤاله لعليّ عليه السلام ، فأجابه عليه السلام كما أجابه من قبل ، وأضاف لا حاجة مع كتاب اللّه وسيرة نبيّه إلى سيرة أحد ، ولكنّك تريد أن تزوي هذا الأمر عنّي 3 .
وهكذا اختار عبد الرحمن بن عوف عثمان للخلافة ، وأجلسه على مسند السلطة .
وذُبح الحقّ مرّة اُخرى على مذبح الزيف والفتنة ، ووجد الّذين سلّوا سيف العداوة ضدّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله سنوات طويلة ، أنّ الفرصة قد سنحت الآن في ظلّ الدعم الَّذي يوفّره لهم خليفة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، لكي يستأنفوا مواقفهم العدائيّة ضدّه .
ولمّا رأى عليّ عليه السلام الأمر على هذه الشاكلة قال لعبد الرحمن :
«حَبَوتَهُ حَبوَ الدَّهرِ ، لَيسَ هذا أوَّلَ يَومٍ تَظاهَرتُم فيهِ عَلَينا ، «فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّه

1.المصنّف لعبد الرزّاق : ج۵ ص۴۷۷ ح۹۷۷۵ .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص ۲۳۳ ، شرح نهج البلاغة : ج۱۲ ص۱۹۴ وانظر أيضا الأمالي للمفيد : ص۱۱۴ ح۷ وتاريخ المدينة : ج۳ ص۹۲۹ .

3.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۶۲ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۱۸۸ و ج ۱۲ ص۲۶۲ ، البدء والتاريخ : ج۵ ص۱۹۲ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
120

كانت المعادلة الَّتي أرادها الخليفة واضحة تماما . وكانت نتيجتها معروفة منذ البداية لكلّ لبيب . ولهذا السبب فقد حثّ ابن عبّاس عليّا على عدم الدخول في الشورى ، لكنّ عليّا قال : لا ، بَل أدخُلُ مَعَهُم فِي الشّورى ؛ لِأَنَّ عُمَرَ قَد أهَّلَنِي الآنَ لِلخِلافَةِ ، وكانَ قَبلَ ذلِكَ يَقولُ : إنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ : إنَّ النُّبُوَّةَ وَالإِمامَةَ لا يَجتَمِعانِ في بَيتٍ ! ! فَأَنَا أدخُلُ في ذلِكَ لِاُظهِرَ لِلنّاسِ مُناقَضَةَ فِعلِهِ لِرِوايَتِهِ ۱ .
ولكنّه أكّد بصريح القول أنّ عمر قد عدل ـ بهذا التركيب ـ الخلافة عن بني هاشم ، قائلاً : قد قرِنَ بي عُثمانُ ، ويَجِبُ اتِّباعُ الأَكثَرِيَّةِ ؛ فَسَعدٌ لا يُخالِفُ ابنَ عَمِّهِ عَبدَ الرَّحمنِ ، وعَبدُ الرَّحمنِ صِهرُ عُثمانَ ، وهُما لا يَختَلِفانِ ؛ فَلَو كانَ الآخَرانِ مَعي لم يَنفَعاني ۲ .
تنحّى طلحة جانبا لصالح عثمان (على أساس الرواية الَّتي تقول إنّ طلحة قد حضر الشورى) ، وتنحّى الزبير جانبا لصالح عليّ عليه السلام ، وتنازل سعد عن حقّه لصالح عبد الرحمن . وأعلن عبد الرحمن أنّه أخرج نفسه من الخلافة ، واقترح على الآخرَين (عليّ عليه السلام وعثمان) أن يفوّض أحدهما حقّه للآخر ، فسكتا. وذكر الطبري أنّ عبد الرحمن بقي ليالي متوالية يشاور رؤساء الجيش والأشراف ، وكان لا يخلو بواحد منهم حتّى يأمره بعثمان ۳ . حتّى إذا انتهت الأيّام الثلاثة اجتمع النّاس صباحا في المسجد ، فخرج إليهم عبد الرحمن وقال : إنّي نظرت في النّاس فلم أرهم

1.شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۱۸۹.

2.الإرشاد : ج۱ ص۲۸۵ ؛ تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۲۹ ، شرح نهج البلاغة: ج۱ ص۱۹۱ .

3.تاريخ الطبري : ج۴ ص۲۳۱ ، تاريخ المدينة : ج۳ ص۹۲۸ ، يقول عبد العزيز الدوري : «وتخبرنا المصادر أيضا أنّ عبد الرحمن استشار أشراف النّاس واُمراء الأجناد ، وحاول معرفة رأي عامّة النّاس . . . فوجدهم يشيرون عليه بعثمان ، وهذا يوحي بدعاية واسعة نظّمها بنو اُميّة لمرشّحهم ، وقد كان بنو اُميّة يسعون لاستعادة نفوذهم بالتدريج منذ فتح مكّة ، ونجحوا في ذلك نجاحا كبيرا خلال فترة الخليفتين الأوّلين» . مقدّمة في تاريخ صدر الإسلام : ص۵۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 230292
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي