بالسياسة ودعاة الفتن ، لو كانت يومذاك ثمّةَ آذان واعية . وجاء الشاهد على صدق كلام أمير المؤمنين عليه السلام فيما نقله المؤرّخون ؛ من أنّ عثمان بعدما اشتدّ عليه المرض دعا كاتبا ، وأمره أن يكتب عهده بالخلافة من بعده لعبد الرحمن : فكتب بما أمره ۱ .
2 ـ لماذا لم يوافق الإمام عليه السلام على شرط عبد الرحمن؟
لأنّه كانت قد مرّت حينذاك سنوات على وفاة الرسول صلى الله عليه و آله ، ووقعت فيها تغيّرات كثيرة ، وصدرت أحكام كثيرة مناقضة لحكم الرسول صلى الله عليه و آله ، وبُدّلت سنّته صلى الله عليه و آله في موارد كثيرة ۲ .
فكيف كان يتسنّى للإمام عليه السلام قبول هذا الشرط ؟ ولو أنّه قبله وتسلّم زمام الاُمور ـ على فرض المحال ـ كيف كان يتسنّى له التوفيق بين تلك المتناقضات؟ وما كان عساه يفعل مع تلك التغييرات؟
هل كان النّاس على استعداد لقبول إعادة الحقائق إلى مسارها الأوّل؟ فقد أثبت عهد خلافة الإمام عليّ عليه السلام عدم استعداد النّاس لقبول عودة الحقائق إلى مسارها الأوّل ، مع أنّ الكثير من المسائل قد تجلّت بكلّ وضوح يومذاك ، ومع أنّ النّاس قد أقبلوا بأنفسهم عليه ، غير أنّه كان يواجه صعوبة في كثير من القرارات ، والمثال الواضح على ذلك «صلاة التراويح» .
ولو عرضنا هذا السؤال من زاوية اُخرى وقلنا : لماذا لم يقبل الإمام شرط عبد الرحمن؟ نلاحظ هنا أنّه عليه السلام كان أمام معادلتين :
الاُولى : قبول الشرط وإقامة حكومة العدل الإسلامي .
الثانية : عدم قبول الشرط ؛ لأنّه لم يكُن حقّا ، مع التضحية بهذا المنصب الخطير .