125
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

4 ـ التطميع بالخلافة
الملاحظة الأخيرة في هذا المضمار هي أنّ عمر أجَّج بعمله هذا نار الطمع بالخلافة في قلوب أعضاء الشورى . وقد أشار الشيخ المفيد إلى هذا المعنى بقوله : إنّ سعد بن أبي وقّاص ما كان يرى نفسه شيئا أمام عليّ عليه السلام ، إلّا أنّ وجوده في الشورى بعث في نفسه شعورا بالأهليّة للخلافة . ونقل ابن أبي الحديد أيضا هذا التحليل عن اُستاذه. وكان طلحة أيضا يستدلّ بوجوده في الشورى على مجابهته لعليّ ۱ . وأشار معاوية أيضا إلى هذا المعنى في إحدى محاوراته ۲ .
وعلى كلّ حال ؛ فإنّ عمر قد دأب مرّة اُخرى من خلال الشورى الَّتي أوجدها على طمس «حقّ الخلافة» وسحق حرمتها. وسلّط بني اُميّة على رقاب الاُمّة فاقترفوا كلّ تلك المفاسد . وعمل من خلال غرسه لروح التطلّع إلى الخلافة في نفوس أشخاص مثل طلحة والزبير ، على تمهيد الأجواء لنشوب الصراعات اللاحقة .
ونحن نؤكّد من خلال استقراء تلك الحادثة وكيفيّة تبلور وقائعها بأنَّ الحقّ هو ما جاء في تحليل مجرياتها إجمالاً ، ليس إلّا.. . واللّه من وراء القصد .

1.الإمامة والسياسة : ج۱ ص۹۵ . راجع : ج ۳ ص ۲۰۸ (مناقشات الإمام وطلحة) .

2.العقد الفريد : ج۳ ص۲۸۹ ، تاريخ دمشق : ج۱۹ ص۱۹۷ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
124

والوجه الآخر للسؤال هو : هل كان عبد الرحمن يعقد له البيعة لو أنّه قبل ذلك الشرط؟
يمكن القول بجزم ـ من خلال الأخبار الَّتي نقلناها عن الشورى ، وما كان فيها من تدبير ، وكذلك من خلال كلام الإمام عليه السلام مع عبد الرحمن ـ بأنّ الجواب هو السلب طبعا . وقد أدرك عليّ عليه السلام بعمق نظره الخاصّ بأنّ كلّ هذه التمهيدات الَّتي اتُّخذت جاءت لتبرير قرار متّخذ مسبقا. ولو أنّ الإمام وافق على الشرط ؛ فإنَّ عثمان كان يوافق عليه أيضا ، وفي مثل هذه الحالة كان عبد الرحمن سيلجأ إلى ذريعة اُخرى ، كأن يقول مثلاً ـ كما مرّ علينا ـ بأنَّ رؤساء الجيش ، وزعماء القبائل يميلون إلى عثمان ، وتكون النتيجة هي انتخاب عثمان أيضا ، وستكون نتيجة القبول بهذا الشرط هي إضفاء الشرعيّة من قِبَل عليّ عليه السلام على قرارات الشيخين ، وحاشا أن ينخدع عليّ ـ الَّذي يخترق بصره الحجب السطحيّة ويرى الحقائق ـ بمثل هذه المشاهد .
3 ـ كانت معادلة الشورى واضحة مسبقا ولهذا السبب أمر عمر بضرب عنق كلّ مَن يعارض ، وبعد البيعة لعثمان من قِبَل ابن عوف وسائر أعضاء الشورى ، ظلّ عليٌّ واقفا ولم يبايِع ، فقال له ابن عوف : بايِع وإلّا ضربتُ عنقك ! فخرج من الدار وتبعه أصحاب الشورى وقالوا : بايِع وإلّا جاهدناك ! ۱ وهذا ما جعل الشريف المرتضى يقول بألم :
«فَأَيُّ رِضىً هاهُنا ؟ ! . . . وكَيفَ يَكونُ مُختارا مَن تُهَدَّدُ بِالقَتلِ وبِالجِهادِ» ۲ .

1.أنساب الأشراف : ج۶ ص۱۲۸ ، شرح نهج البلاغة : ج۹ ص۵۵ و ج ۱۲ ص۲۶۵ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۱۷۶ ؛ الصراط المستقيم : ج۳ ص۱۱۷.

2.شرح نهج البلاغة : ج۱۲ ص۲۶۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 230158
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي