151
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

فَقالَ عُثمانُ : وَما يُدريكُما أنَّهُ شَرِبَ خَمرا ؟ !
فَقالا : هِيَ الخَمرُ الَّتي كُنّا نَشرَبُها فِي الجاهِلِيَّةِ ؛ وأخرَجا خاتَمَهُ ، فَدَفَعاهُ إلَيهِ ، فَزَجَرَهُما ، ودَفَعَ في صُدورِهِما ، وقالَ : تَنَحَّيا عَنّي .
فَخَرَجا مِن عِندِهِ وأتَيا عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ رضى الله عنه ، وأخبَراهُ بِالقِصَّةِ . فَأَتى عُثمانَ وهُوَ يَقولُ : دَفَعتَ الشُّهودَ ، وأبطَلتَ الحُدودَ ! !
فَقالَ لَهُ عُثمانُ : فَما تَرى ؟
قالَ : أرى أن تَبعَثَ إلى صاحِبِكَ فَتُحضِرَهُ ، فَإِن أقامَا الشَّهادَةَ عَلَيهِ في وَجهِهِ ولَم يَدرَأ عَن نَفسِهِ بِحُجَّةٍ أقَمتَ عَلَيهِ الحَدَّ !
فَلَمّا حَضَرَ الوَليدُ ، دَعاهُما عُثمانُ : فَأَقامَا الشَّهادَةَ عَلَيهِ ، وَلَم يُدلِ بِحُجَّةٍ ، فَأَلقى عُثمانُ السَّوطَ إلى عَلِيٍّ . . .
فَلَمّا نَظَرَ إلَى امتِناعِ الجَماعَةِ عَن إقامَةِ الحَدِّ عَلَيهِ ؛ تَوَقِّيا لِغَضَبِ عُثمانَ ؛ لِقَرابَتِهِ مِنهُ ، أخَذَ عَلِيٌّ السَّوطَ ودَنا مِنهُ . فَلَمّا أقبَلَ نَحوَهُ سَبَّهُ الوَليدُ ، وَقالَ : يا صاحِبَ مَكسٍ ۱ .
فَقالَ عَقيلُ بنُ أبي طالِبٍ ـ وَكانَ مِمَّن حَضَرَ ـ : إنَّكَ لَتَتَكَلَّمُ يَابنَ أبي مُعَيطٍ كَأَنَّكَ لا تَدري مَن أنتَ ! وأنتَ عِلجٌ مِن أهلِ صَفّورِيَةَ ۲ ـ وهِيَ قَريَةٌ بَينَ عكاءَ واللّجون ، مِن أعمالِ الاُردُنِّ مِن بِلادِ طَبَرِيَّةَ ، وكانَ ذُكِرَ أنَّ أباهُ كانَ يَهودِيّا مِنها ـ .
فَأَقبَلَ الوَليدُ يَروغُ مِن عَلِيٍّ ، فَاجتَذَبَهُ عَلِيٌّ فَضَرَبَ بِهِ الأَرضَ ، وعَلاهُ بالسّوطِ .
فَقالَ عُثمانُ : لَيسَ لَكَ أن تَفعَلَ بِهِ هذا !

1.المَكس : النقص والظلم (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۲۵۲) .

2.صَفُّورِيَة: بلدة من نواحي الاُردن بالشام وهي قرب طَبَرية (معجم البلدان : ج۳ ص۴۱۴) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
150

فَقالَ عُثمانُ : ومَن لَها ؟ فَأَشاروا بِعَبدِ اللّهِ بنِ عامِرٍ ، وهُوَ ابنُ سِتَّ عَشَرَةَ سَنَةً ، فَوَلّاهُ حينَئِذٍ ۱ .

راجع : ج3 ص93 (عبد اللّه بن عامر) .

4 / 5

الصَّدُّ عَن إقامَةِ الحَدِّ عَلَى الوَليدِ

۱۱۴۷.مروج الذهب :إنَّ الوَليدَ بنَ عُقبَةَ كانَ يَشرَبُ مَعَ نُدَمائِهِ وَمُغَنّيهِ مِن أوَّلِ اللَّيلِ إلَى الصَّباحِ ، فَلَمّا آذَنَهُ المُؤَذِّنونَ بِالصَّلاةِ خَرَجَ مُتَفَضِّلاً في غَلائِلِهِ ۲ ، فَتَقَدَّمَ إلَى المِحرابِ في صَلاةِ الصُّبحِ ، فَصَلّى بِهِم أربَعا ، وقالَ : أ تُريدُونَ أن أزيدَكُم؟ وقيلَ : إنَّهُ قالَ في سُجودِهِ ـ وقَد أطالَ ـ : اِشرَب وَاسقِني .
فَقالَ لَهُ بَعضُ مَن كانَ خَلفَهُ فِي الصَّفِ الأوَّلِ : ما تَزيدُ ! لا زادَكَ اللّهُ مِنَ الخَيرِ ، وَاللّهِ لا أعجَبُ إلّا مِمَّن بَعَثَكَ إلَينا والِيا ، وعَلَينا أميرا . وكانَ هذَا القائِلُ عتابَ بن غيلانَ الثَّقَفِيَّ . . .
وأشاعوا بِالكوفَةِ فِعلَهُ ، وظَهَرَ فِسقُهُ ومُداوَمَتُهُ عَلى شُربِ الخَمرِ ، فَهَجَمَ عَلَيهِ جَماعَةٌ مِنَ المَسجِدِ ، مِنهُم : أبو زَينَبَ بنُ عَوفٍ الأَزدِيُّ ، وجُندَبُ بنُ زُهَيرٍ الأَزدِيُّ ، وغَيرُهُما ، فَوَجَدوهُ سَكرانَ مُضطَجِعا عَلى سَريرِهِ ، لا يَعقِلُ ، فَأَيقَظوهُ مِن رَقَدَتِهِ ، فَلَم يَستَيقِظ . ثُمَّ تَقايَأَ عَلَيهِم ما شَرِبَ مِنَ الخَمرِ ، فَانتَزَعوا خاتَمَهُ مِن يَدِهِ ، وخَرَجوا مِن فَورِهِم إلَى المَدينَةِ ؛ فَأَتَوا عُثمانَ بنَ عَفّانَ ، فَشَهِدوا عِندَهُ عَلَى الوَليدِ أنَّهُ شَرِبَ الخَمرَ .

1.الاستيعاب : ج۲ ص۲۵۰ الرقم ۱۱۶۰ .

2.رجل متفضّل : أي في ثوب واحد . والغلائل : الدروع ، وقيل : بطائن تُلبس تحت الدروع (لسان العرب : ج۱۱ ص۵۰۲ و ص۵۲۶) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 181583
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي