187
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

وشَكِيَّتِهِم ، فَقَدِمَ عَلَيهِ مُعاوِيَةُ مِن الشّامِ ، وعَبدُ اللّهِ بنُ سَعدِ بنِ أبي سَرحٍ مِنَ المَغرِبِ ، وعبَدُ اللّهِ بنُ عامِرِ بنِ كُرَيزٍ مِنَ البَصرَةِ ، وسَعيدُ بنُ العاصِ مِنَ الكوفَةِ . . . .
وَاغتَنَمَ أهلُ الكوفَةِ غَيبَةَ مُعاوِيَةَ عَنِ الشّامِ فَكَتَبوا إلى إخوانِهِمُ الَّذينَ بِحِمص مَعَ هانِئِ بن خَطّابٍ الأَرحَبِيِّ يَدعونَهُم إلَى القُدومِ ، ويُشَجِّعونَهُم عَلَيهِ ، ويُعلِمونَهُم أنَّهُ لا طاعَةَ لِعُثمانَ مَعَ إقامَتِهِ عَلى ما يُنكَرُ مِنهُ .
فَسارَ إلَيهِم هانِئُ بنُ خَطّابٍ مُغِذّا ۱ لِلسَّيرِ راكِبا لِلفَلاةِ ، فَلَمّا قَرَؤوا كِتابَ أصحابِهِم أقبَلَ الأَشتَرُ وَالقَومُ المُسَيَّرونَ حَتّى قَدِموا الكوفَةَ ، فَأعطاهُ القُرّاءُ وَالوُجوهُ جَميعا مَواثيقَهُم وعُهودَهُم أن لا يَدَعوا سَعيدَ بنَ العاصِ يَدخُلُ الكوفَةَ والِيا أبَدا . . . وقامَ مالِكُ بنُ الحارِثِ الأَشتَرُ يَوما فَقالَ : إنَّ عُثمانَ قَد غَيَّرَ وبَدَّلَ ، وحَضَّ النّاسَ عَلى مَنعِ سَعيدٍ مِن دُخولِ الكوفَةِ .
فَقالَ لَهُ قبيصةُ بنُ جابِرِ بنِ وَهَبٍ الأَسَدِيُّ ـ مِن وُلدِ عُمَيرَةَ بنِ جَدارٍ ـ : يا أشتَرُ ! دامَ شَترُكَ ، وعَفا أثَرُكَ ، أطَلتَ الغَيبَةَ ، وجِئتَ بِالخَيبَةِ ، أ تَأمُرُنا بِالفُرقَةِ وَالفِتنَةِ ونَكثِ البَيعَةِ وخَلعِ الخَليفَةِ ؟
فَقالَ الأَشتَرُ : يا قبيصةَ بنَ جابِرٍ ! وما أنتَ وهذا ، فَوَاللّهِ ما أسلَمَ قَومُكَ إلّا كُرها ، ولا هاجَروا إلّا فَقرا ، ثُمَّ وَثَبَ النّاسُ عَلى قَبيصَةٍ فَضَرَبوهُ وجَرَحوهُ فَوقَ حاجِبِهِ .
وجَعَلَ الأَشتَرُ يَقولُ : لا حُرَّ بِوادي عَوفٍ ۲ ، مَن لا يَذُد عَن حَوضِهِ يُهَدَّم ۳
. ثُمَّ صَلّى بِالنّاسِ الجُمُعَةَ وقالَ لِزِيادِ بنِ النَّضرِ : صَلِّ بِالنّاسِ سائِرَ صَلَواتِهِم ، وَالزَم

1.أغذّ : أسرع في السَّير (النهاية : ج۳ ص۳۴۷) .

2.أي أنّه يقهر من حلّ بواديه ، فكلّ من فيه كالعبد له لطاعتهم إيّاه (مجمع الأمثال : ج۳ ص۱۹۴) .

3.إشارة إلى قول زهير بن أبي سلمى في معلّقته : ومن لا يذد عن حوضه بسلاحه يهدّم ومن لا يظلم النّاس يظلم


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
186

«إنَّهُم وَاللّهِ قاتِلوهُ ومُؤَثِّموهُ ، إنَّهُ قالَ مَقالَةً لا يَنبَغي أن يَنزِعَ عَنها» .
وحين كان المصريّون في طريق عودتهم إلى مصر ـ بعد وعود عثمان ـ تفطّنوا في أحد المواضع إلى أنّ غلاما لعثمان متوجّه إلى مصر أيضا ، فشكّوا فيه واستوقفوه ، فاستبان أنّه رسوله إلى مصر ، وفتّشوه فوجدوا عنده حكم عثمان إلى واليه على مصر عبد اللّه بن سعد بن أبي سرح يأمره فيه بقتل عدد من الثوّار .
وكان الكتاب بخطّ كاتب عثمان وعليه ختمه ، وعندئذٍ عاد الثوّار إلى المدينة وحاصروا عثمان مرّة أخرى . . . فلم يُجْدِ نفعا حينئذٍ كلام وسيط ، ولم تُقبل توبة . . .
واستغاث عثمان هذه المرّة بمعاوية يستنجده لإنقاذه بشكل من الأشكال . بَيْد أنّ معاوية الَّذي كان متعطّشا للسلطة والتسلّط وجد الفرصة مؤاتية لركوب الموجة والقفز على أريكة الحكم . من هنا لم يُسارع إلى إغاثة عثمان والذبّ عنه وإنقاذه حتّى يقتل ، ومن ثمّ يتربّع على العرش بذريعة المطالبة بدمه .
ودام الحصار أربعين يوما . وفيها طلب عثمان من الإمام عليه السلام مرّتين أن يخرج من المدينة ، فاستجاب عليه السلام لذلك . كما طلب منه في كلّ منهما أن يرجع ، وفعل عليه السلام أيضا . وأعان كبار الصحابة الثوّار في هذا الحصار . والقلّة الباقية منهم كانوا إمّا مؤيّدين لعثمان ، أو لم يبدوا معارضة علنيّة له .
وهكذا قُتل عثمان في اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة سنة (35 ه ) بفعل اقتحام الثوّار داره ـ بعد أن قُتل أحدهم بسيف مروان ـ وسنتحدّث في الفصول القادمة عن تفصيل ذلك ، والشواهد التاريخيّة الدالّة عليه .

5 / 1

التَّمَرُّدُ فِي الكوفَةِ

۱۱۷۶.أنساب الأشراف :كَتَبَ عُثمانُ إلى اُمَرائِهِ فِي القُدومِ عَلَيهِ لِلَّذي رَأى مِن ضَجيجِ النّاس

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 224232
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي