مِن ماءِ الفُراتِ قَطرَةً ، فَرَجَعَ إلَى المَدينَةِ .
فَقالَ لَهُ عُثمانُ : ما وَراءَكَ ؟
قالَ : الشَّرُّ .
فَقالَ عُثمانُ : هذَا كُلُّهُ عَمَلُ هؤَلاءِ ؛ يَعني عَلِيّا وَالزُبَيرَ وطَلحَةَ .
وأنهَبَ الأَشتَرُ دارَ الوَليدِ بنِ عُقبَةَ وكانَ فيها مالُ سَعيدٍ ومَتاعُهُ حَتّى قُلِعَت أبوابُها . ودَخَلَ الأَشتَرُ الكوفَةَ فَقالَ لِأَبي موسى : تَوَلَّ الصَّلاةَ بِأَهلِ الكوفَةِ وَليَتَوَلَّ حُذَيفَةُ السَّوادَ وَالخَراجَ .
وكَتَبَ عُثمانُ إلَى الأَشتَرِ وأصحابِهِ مَعَ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ أبي بَكرٍ ، وَالمسوَرِ بنِ مخرمةَ يَدعوهُم إلَى الطّاعَةِ ، ويُعلِمُهُم أنَّهُم أوَّلُ مَن سَنَّ الفُرقَةَ ، ويَأمُرُهُم بِتَقوَى اللّهِ ومُراجَعَةِ الحَقِّ وَالكِتابِ إلَيهِ بِالَّذي يُحِبّونَ .
فَكَتَبَ إلَيهِ الأَشتَرُ : مِن مالِكِ بنِ الحارِثِ إلَى الخَليفَةِ المُبتَلَى الخاطِىَ الحائِدِ عَن سُنَّةِ نَبِيِّهِ ، النّابِذِ لِحُكمِ القُرآنِ ورَاءَ ظَهرِهِ .
أمّا بَعدُ ، فَقَد قَرَأنا كِتابَكَ فَانهَ نَفسَكَ وعُمّالَكَ عَنِ الظُّلمِ وَالعُدوانِ وتَسييرِ الصّالِحينَ نَسمَح لَكَ بِطاعَتِنا ، وزَعَمتَ أنّا قَد ظَلَمنا أنفُسَنا وذلِكَ ظَنُّكَ الَّذي أرداكَ ، فَأَراكَ الجَورَ عَدلاً ، وَالباطِلَ حَقّا ، وأمّا مَحَبَّتُنا فَأَن تَنزَعَ وتَتوبَ وتَستَغفِرَ اللّهَ مِن تَجَنّيكَ عَلى خِيارِنا ، وتَسييرِكَ صُلَحاءَنا ، وإخراجِكَ إيّانا مِن دِيارِنا ، وتَولِيَتِكَ الأَحداثَ عَلَينا ، وأن تُوَلِّيَ مِصرَنا عَبدَ اللّهِ بنَ قَيسٍ أبا موسَى الأَشعَرِيَّ وحُذَيفَةَ فَقَد رَضيناهُما ، وَاحبَس عَنّا وَليدَكَ وسَعيدَكَ ومَن يَدعوكَ إلَيهِ الهَوى مِن أهلِ بَيتِكَ إن شاءَ اللّهُ ، وَالسَّلامُ .
وخَرَجَ بِكِتابِهِم يَزيدُ بنُ قَيسٍ الأَرحَبِيُّ ، ومَسروقُ بنُ الأَجدَعِ الهَمدانِيُّ ، وعَبدُ اللّهِ بنُ أبي سبرة الجُعفِيُّ ـ وَاسمُ أبي سبرَةَ يَزيدُ ـ وعَلقَمَةُ بنُ قَيسٍ أبو شبل