بِدونِ هذَا الأَمرِ أبَدا . فَقالَ سَعدُ بن عُبادَةَ حينَ سَمِعَها : هذا أوَّلُ الوَهنِ !
وأتى عُمَرَ الخَبَرُ ، فَأَقبَلَ إلى مَنزِلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَأَرسَلَ إلى أبي بَكرٍ ، وأبو بَكرٍ فِي الدّارِ وعَلِيُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام دائِبٌ في جَهازِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأَرسَلَ إلى أبي بَكرٍ أنِ اخرُج إلَيَّ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ : إنّي مُشتَغِلٌ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ أنَّهُ قَد حَدَثَ أمرٌ لابُدَّ لَكَ مِن حُضورِهِ ، فَخَرَجَ إلَيهِ فَقالَ : أما عَلِمتَ أنَّ الأَنصارَ قَدِ اجتَمَعَت في سَقيفَةِ بَني ساعِدَةَ يُريدونَ أن يُوَلّوا هذَا الأَمرَ سَعدَ بن عُبادَةَ ، وأحسَنُهُم مَقالَةً مَن يَقولُ : مِنّا أميرٌ ومِن قُرَيشٍ أميرٌ ؟
فَمَضَيا مُسرِعَينِ نَحوَهُم ، فَلَقِيا أبا عُبَيدَةَ بنَ الجَرّاحِ ، فَتَماشَوا إلَيهِم ثَلاثَتُهُم ، فَلَقِيَهُم عاصِمُ بنُ عَدِيٍّ وعُوَيمُ بنُ ساعِدَةَ ، فَقالا لَهُم : اِرجِعوا ؛ فَإِنَّهُ لا يَكونُ ما تُريدونَ ، فَقالوا : لا نَفعَلُ . فَجاؤوا وهُم مُجتَمِعونَ .
فَقالَ عُمَرُ بنُ الخَطّابِ : أتَيناهُم ـ وقَد كُنتُ زَوَّرتُ كَلاما أرَدتُ أن أقومَ بِهِ فيهم ـ فَلَمّا أن دَفَعتُ إلَيهِم ذَهَبتُ لاِبتَدِئَ المَنطِقَ ، فَقالَ لي أبو بَكرٍ : رُوَيدا حَتّى أتَكَلَّمَ ، ثُمَّ انطِق بَعدُ بِما أحبَبتَ . فَنَطَقَ ، فَقالَ عُمَرُ : فَما شَيءٌ كُنتُ أرَدتُ أن أقولَهُ إلّا وقَد أتى بِهِ أو زادَ عَلَيهِ .
فَقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ : فَبَدَأَ أبو بَكرٍ فَحَمِدَ اللّهَ وأَثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : إنَّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمَّدَا رَسولاً إلى خَلقِهِ ، وشَهيدا عَلى اُمَّتِهِ ؛ لِيَعبُدُوا اللّهَ ويُوَحِّدوهُ ، وَهُم يَعبُدونَ مِن دونِهِ آلِهَةً شَتّى ، ويَزعُمونَ أنَّها لَهُم عِندَهُ شافِعَةٌ ، ولَهُم نافِعَةٌ ، وإنَّما هِيَ مِن حَجَرٍ مَنحوتٍ ، وخَشَبٍ مَنجورٍ ، ثُمَّ قَرَأَ : «وَ يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَ لَا يَنفَعُهُمْ وَ يَقُولُونَ هَـؤُلَاءِ شُفَعَـؤُنَا عِندَ اللَّهِ» 1 وقالوا : «مَا نَعْبُدُهُم