191
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

فَجَمَعَهُم عُثمانُ وقالَ : ما تَرَونَ ؟
فَقالَ مُعاوِيَةُ : أمّا أنَا فَراضٍ بي جُندي .
وقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عامِرِ بنِ كُرَيزٍ : لِيَكفِكَ امرُؤٌ ما قِبَلَهُ أكفِكَ ما قِبَلي .
وقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَعدِ بنِ أبي سَرحٍ : لَيسَ بِكَثيرٍ عَزلُ عامِلٍ لِلعامَّةِ وتَولِيَةُ غَيرِهِ .
وقالَ سَعيدُ بنُ العاصِ : إنَّكَ إن فَعَلتَ هذا كانَ أهلُ الكوفَةِ هُمُ الَّذين يُوَلّونَ ويَعزِلونَ ، وقَد صاروا حَلَقا فِي المَسجِدِ لَيسَ لَهُم غَيرُ الأحاديثِ وَالخَوضِ ، فَجَهِّزهُم في البُعوثِ حَتّى يَكونَ هَمُّ أحدِهِم أن يَموتَ عَلى ظَهرِ دابَّتِهِ .
قالَ : فَسَمِعَ مَقالَتَهُ عَمرُو بنُ العاصِ فَخَرجَ إلَى المَسجِدِ ، فَإِذا طَلحَةُ وَالزُّبَيرُ جالِسانِ في ناحِيَةٍ مِنهُ ، فَقالا لَهُ : تَعالَ إلَينا ، فَصارَ إلَيهِما ، فَقالا : ما وَراءَكَ ؟ قالَ : الشَّرُّ ، ما تَرَكَ شَيئا مِنَ المُنكَرِ إلّا أتى بِهِ وأمَرَهُ بِهِ .
وجاءَ الأَشتَرُ فَقالا لَهُ : إنَّ عامِلَكُمُ الَّذي قُمتُم فيهِ خُطَباءَ قَد رُدَّ عَلَيكُم واُمِرَ بِتَجهيزِكُم فِي البُعوثِ وبِكَذا وبِكَذا .
فَقالَ الأَشتَرُ : وَاللّهِ ، لَقَد كُنّا نَشكو سوءَ سيرَتِهِ وما قُمنا فيهِ خُطَباءَ ، فَكَيفَ وقَد قُمنا ؟ ! وَايمُ اللّهِ عَلى ذلِكَ ، لَولا أنّي أنفَدتُ النَّفَقَةَ وأنضَيتُ الظَّهرَ لَسَبَقتُهُ إلَى الكوفَةِ حَتّى أمنَعَهُ دُخولَها .
فَقالا لَهُ : فَعِندَنا حاجَتُكَ الَّتي تَقومُ بِكَ في سَفَرِكَ .
قالَ : فَأَسلِفاني إذا مِئَةَ ألفِ دِرهَمٍ .
قالَ : فَأَسلَفَهُ كُلُّ واحِدٍ مِنهُما خَمسينَ ألفَ دِرهَمٍ ، فَقَسَمَها بَينَ أصحابِهِ ، وخَرَجَ إلَى الكوفَةِ فَسَبَقَ سَعيدا ، وصَعِدَ المِنبَرَ وسَيفُهُ في عُنُقِهِ ما وَضَعَهُ بَعدُ .
ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ عامِلَكُمُ الَّذي أنكَرتُم تَعَدِّيَهُ وسوءَ سيرَتِهِ قَد رُدَّ عَلَيكُم ،


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
190

النَّخَعِيُّ ، وخارِجَةُ بنُ الصَّلتِ البرجَمِيُّ ـ مِن بَني تَميمٍ ـ في آخَرينَ .
فَلَمّا قَرَأَ عُثمانُ الكِتابَ قالَ : اللّهُمَّ إنّي تائِبٌ ، وكَتَبَ إلى أبي موسى وحُذَيفَةَ : أنتُما لِأَهلِ الكوفَةِ رِضىً ، ولَنا ثِقَةٌ ، فَتَوَلَّيا أمرَهُم ، وقوما بِهِ بِالحَقِّ ، غَفَرَ اللّهُ لَنا ولَكُما .
فَتَوَلّى أبو موسى وحُذَيفَةُ الأَمرَ وسَكَّنَ أبو موسَى النّاسَ ۱ .

۱۱۷۷.مروج الذهب :لَمَّا اتَّصَلَت أيّامُ سَعيدِ [بنِ العاصِ] بِالكوفَةِ ظَهَرَت مِنهُ اُمورٌ مُنكَرَةٌ ، فَاستَبَدَّ بِالأَموالِ ، وقالَ في بَعضِ الأَيّامِ أو كَتَبَ بِهِ عُثمان : إنَّما هذَا السَّوادُ قَطينٌ ۲ لِقُرَيشٍ .
فَقالَ لَهُ الأَشتَرُ ـ وهُوَ مالِكُ بنُ الحارِثِ النَّخَعِيُّ ـ : أ تَجعَلُ ما أفاءَ اللّهُ عَلَينا بِظَلالِ سُيوفِنا ومَراكِزِ رِماحِنا بُستانا لَكَ ولِقَومِكَ ؟
ثُمَّ خَرَجَ إلى عُثمانَ في سَبعينَ راكِبا مِن أهلِ الكوفَةِ فَذَكَروا سوءَ سيرَةِ سَعيدِ بنِ العاصِ ، وسَأَلوا عَزلَهُ عَنهُم .
فَمَكَثَ الأَشتَرُ وأصحابُهُ أيّاما لا يَخرُجُ لَهم مِن عُثمانَ في سَعيدٍ شيءٌ ، وَامتَدَّت أيّامُهُم بِالمَدينَةِ ، وقَدِمَ عَلى عُثمانَ اُمَراؤُهُ مِنَ الأَمصارِ ، مِنهُم : عَبدُ اللّهِ ابنُ سَعدِ بنِ أبي سَرحٍ مِن مِصرَ ، ومُعاوِيَةُ مِنَ الشّامِ ، وعَبدُ اللّهِ بنُ عامِرٍ مِنَ البَصرَةِ ، وسَعيدُ بنُ العاصِ مِنَ الكوفَةِ ، فَأَقاموا بِالمَدينَةِ أيّاما لا يَرُدُّهُم إلى أمصارِهِم ، وكَراهَةَ أن يَرُدَّ سَعيدا إلَى الكوفَةِ ، وكَرِهَ أن يَعزِلَهُ ، حَتّى كَتَبَ إلَيهِ مَن بِأَمصارِهِم يَشكونَ كَثرَةَ الخَراجِ وتَعطيلَ الثُّغورِ .

1.أنساب الأشراف: ج۶ ص۱۵۶ ، ولمزيد الاطّلاع على مسيّري الكوفة وقصّتهم راجع الفتوح : ج۲ ص۳۸۴ ـ ۴۰۲ .

2.القَطِين : الخدم والأتباع والحشَم والمماليك (لسان العرب : ج۱۳ ص۳۴۳) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 227968
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي