205
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

فَقالَ عليه السلام : ما كانَ بالمَدينَةِ فَلا أجَلَ فيهِ ، وما غابَ فَأَجَلُهُ وُصولُ أمرِكَ إلَيهِ ۱ .

۱۲۰۱.شرح نهج البلاغة عن ابن عبّاس :شَهِدتُ عِتابَ عُثمانَ لِعَلِيٍّ عليه السلام يَوما ، فَقالَ لَهُ في بَعضِ ما قَالَهُ :
نَشَدتُكَ اللّهَ أن تَفتَحَ لِلفُرقَةِ بابا ! فَلِعَهدي بِكَ وأنتَ تُطيعُ عَتيقا وَابنَ الخَطّابِ طاعَتَكَ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، ولَستَ بِدونِ واحدٍ مِنهُما ، وأنا أمَسُّ بِكَ رَحِما ، وأقرَبُ إلَيكَ صِهرا ، فَإِن كُنتَ تَزعُمُ أنَّ هذَا الأَمرَ جَعَلَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لَكَ فَقَد رَأَيناكَ حينَ تُوُفِّيَ نازَعتَ ثُمَّ أقرَرتَ ، فَإِن كانا لَم يَركَبا مِنَ الأَمرِ جدَدا ۲ فَكَيفَ أذعَنتَ لَهُما بِالبَيعَةِ ، وبَخعتَ بِالطّاعَةِ ؟ ! وإن كانا أحسَنا فيما وَلِيا ، ولَم اُقَصِّر عَنهُما في ديني وحَسَبي وقَرابَتي ، فَكُن لي كَما كُنتَ لَهُما .
فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : أمَّا الفُرقَةُ ، فَمَعاذَ اللّهِ أن أفتَحَ لَها بابا ، واُسَهِّلَ إلَيها سَبيلاً ، ولكِنّي أنهاكَ عَمّا يَنهاكَ اللّهُ ورَسولُهُ عَنهُ ، وأهديكَ إلى رُشدِكَ .
وأمّا عَتيقٌ وَابنُ الخَطّابِ ، فَإِن كانا أخَذا ما جَعَلَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لي ، فَأَنتَ أعلَمُ بِذلِكَ وَالمُسلِمونَ ، وما لي ولِهذَا الأَمرِ وقَد تَرَكتُهُ مُنذُ حينٍ ! فَأَمّا أن لا يَكونَ حَقّي بَلِ المُسلِمونَ فيهِ شرعٌ فَقَد أصابَ السَّهمُ الثُّغرَةَ ۳ ، وأمّا أن يَكونَ حَقّي دونَهُم فَقَد تَرَكتُهُ لَهُم ، طِبتُ بِهِ نَفسا ، ونَفَضتُ يَدي عَنهُ استِصلاحا .
وأمَّا التَّسوِيَةُ بَينَكَ وبَينَهُما ، فَلَستَ كَأَحَدِهِما ؛ إنَّهُما وَلِيا هذَا الأَمرَ ، فَظَلَفا ۴ أنفُسَهُما وأهلَهُما عَنهُ ، وعُمْتَ فيهِ وقَومَكَ عوم السّابِحِ في اللُّجَّةِ ۵ ، فَارجِع إلَى اللّه

1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۶۴ ؛ العقد الفريد : ج۳ ص۳۰۹ نحوه .

2.ركب فلان جُدّةً من الأمر : إذا رأى فيه رأيا (لسان العرب : ج۳ ص۱۰۸) .

3.الثُّغْرة : هي نُقرة النحر فوق الصدر (النهاية : ج۱ ص۲۱۳) .

4.ظَلَف : أي كفّ ومنع (النهاية : ج۳ ص۱۵۹) .

5.لُجَّة البحر : معظمهُ (النهاية : ج۴ ص۲۳۳) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
204

مُخاطَبَتَهُ لَهُم وَاستِعتابَهُ لَهُم ، فَدَخَلَ عَلَيهِ فَقالَ :
إنَّ النّاسَ وَرائي ، وقَدِ استَسفَروني بَينَكَ وبَينَهُم ، ووَاللّهِ ما أدري ما أقولُ لَكَ ! ما أعرِفُ شَيئا تَجهَلُهُ ، ولا أدُلُّكَ عَلى أمرٍ لا تَعرِفُهُ ، إنَّكَ لَتَعلَمُ ما نَعلَم . ما سَبَقناكَ إلى شَيءٍ فَنُخبِرَكَ عَنهُ ، ولا خَلَونا بَشَيء فَنُبِلَغَكَهُ . وقَد رَأَيتَ كَما رَأينا ، وسَمِعتَ كَما سَمِعنا ، وصَحِبتَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله كَما صَحِبنا .
ومَا ابنُ أبي قُحافَةَ ولا ابنُ الخَطّابِ بِأَولى بِعَمَلِ الحَقِّ مِنكَ ، وأنتَ أقرَبُ إلى أبي رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَشيجَةَ رَحِمٍ مِنهُما ، وقَد نِلتَ مِن صِهرِه ما لَم يَنالا .
فاللّهَ اللّهَ في نَفسِكَ ! فَإِنَّكَ ـ وَاللّهِ ـ ما تُبَصَّرُ مِن عَمىً ، ولا تُعَلَّمُ مِن جَهلٍ ، وإنَّ الطُّرُقَ لَواضِحَةٌ ، وإنَّ أعلامَ الدّينِ لَقائِمَةٌ . فَاعلَم أنَّ أفضَلَ عِبادِ اللّهِ عِندَ اللّهِ إمامٌ عادِلٌ ، هُدِيَ وهَدى ، فَأَقامَ سُنَّةً مَعلومَةً ، وأماتَ بِدعَةً مَجهولَةً . وإنَّ السُّنَنَ لَنَيِّرَةٌ ، لَها أعلامٌ ، وإنَّ البِدَعَ لَظاهِرَةٌ ، لَها أعلامٌ . وإنَّ شَرَّ النّاسِ عِندَ اللّهِ إمامٌ جائِرٌ ضَلَّ وضُلَّ بِهِ ، فَأَماتَ سُنَّةً مَأخوذَةً ، وأحيا بِدعَةً مَتروكَةً .
وإنّي سَمِعتُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : «يُؤتى يومَ القيامَةِ بِالإمامِ الجائِرِ ولَيسَ مَعَهُ نَصيرٌ ولا عاذِرٌ ، فيُلقى في نارِ جَهَنَّمَ ، فَيَدورُ فيها كَما تَدورُ الرَّحا ، ثُمَّ يَرتَبِطُ في قَعرِها» .
وإنّي أنشِدُكَ اللّهَ ألّا تَكونَ إمامَ هذِهِ الاُمَّةِ المَقتولَ ؛ فَإِنَّهُ كانَ يُقالُ : يُقتَلُ في هذِهِ الاُمَّةِ إمامٌ يُفتَحُ عَلَيهَا القَتلُ وَالقِتالُ إلى يَومِ القِيامَةِ ، ويُلبَسُ اُمورَها عَلَيها ، ويُبَثُّ الفِتَنُ فيها ، فَلا يُبصِرونَ الحَقَّ مِنَ الباطِلِ ، يَموجونَ فيها مَوجا ، ويَمرُجونَ فيها مَرجا . فَلا تَكونَنَّ لِمَروانَ سَيِّقَةً ۱ يَسوقُكَ حَيثُ شاءَ بَعدَ جَلالِ السِّنِّ وتَقَضِّي العُمُرِ .
فَقالَ لَهُ عُثمانُ : كَلِّمِ النّاسَ في أن يُؤَجِّلوني ، حَتّى أخرُجَ إلَيهِم مِن مَظالِمِهِم .

1.السَّيِّقَةُ : ما استاقهُ العدوُّ من الدوابّ (لسان العرب : ج۱۰ ص۱۶۷) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 186140
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي