21
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

اُمورِهِم مِنهُم ، ولَنا بِذلِكَ عَلى مَن أبى مِنَ العَرَبِ الحُجَّةُ الظّاهِرَةُ وَالسُّلطانُ المُبينُ . مَن ذا يُنازِعُنا سُلطانَ مُحَمَّدٍ وإمارَتَهُ ـ ونَحنُ أولِياؤُهُ وعَشيرَتُهُ ـ إلّا مُدلٍ بِباطِلٍ ، أو مُتَجانِفٌ لِاءِثمٍ ، ومُتَوَرِّطٌ في هَلَكَةٍ . . . .
فَقالَ أبو بَكرٍ : هذا عُمَرُ وهذا أبو عُبَيدَةَ ، فَأَيُّهُما شِئتُم فَبايِعوا . فَقالا : لا وَاللّهِ لا نَتَوَلّى هذَا الأَمرَ عَلَيكَ ؛ فَإِنَّكَ أفضَلُ المُهاجِرينَ ، وثانِي اثنَينِ إذ هُما فِي الغارِ ، وخَليفَةُ رَسولِ اللّهِ عَلَى الصَّلاةِ ، وَالصَّلاةُ أفضَلُ دينِ المُسلِمينَ ، فَمَن ذا يَنبَغي لَهُ أن يَتَقَدَّمَكَ أو يَتَوَلّى هذَا الأَمرَ عَلَيكَ ، ابسُط يَدَكَ نُبايِعكَ .
فَلَمّا ذَهَبا لِيُبايِعاهُ سَبَقَهُما إلَيهِ بَشيرُ بنُ سَعدٍ فَبايَعَهُ ، فَناداهُ الحُبابُ بنُ المُنذِرِ : يا بَشيرَ بنَ سَعدٍ ! عَقَّتك عِقاقٌ ، ما أحوَجَكَ إلى ما صَنَعتَ ، أ نَفِستَ عَلَى ابنِ عَمِّكَ الإِمارَةَ ؟ ! فَقالَ : لا وَاللّهِ ، ولكِنّي كَرِهتُ أن اُنازِعَ قَوما حَقّا جَعَلَهُ اللّهُ لَهُم .
ولَمّا رَأَتِ الأَوسُ ماصَنَعَ بَشيرُ بنُ سَعدٍ ، وما تَدعو إلَيهِ قُرَيشٌ ، وما تَطلُبُ الخَزرَجُ مِن تَأميرِ سَعدِ بنِ عُبادَةَ قالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ ـ وفيهِم اُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ وكانَ أحَدَ النُّقَباءِ ۱ ـ : وَاللّهِ لَئِن وَلِيَتهَا الخَزرَجُ عَلَيكُم مَرَّةً لا زالَت لَهُم عَلَيكُم بِذلِكَ الفَضيلَةُ ، ولا جَعَلوا لَكُم مَعَهُم فيها نَصيبا أبَدا ، فَقوموا فَبايِعوا أبا بَكرٍ . فَقاموا إلَيهِ فَبايَعوهُ ، فَانكَسَرَ علَى سَعدِ بن عُبادَةَ وعَلَى الخَزرَجِ ما كانوا أجمَعوا لَهُ مِن أمرِهِم ۲ .

۹۲۹.صحيح البخاري عن عائشة :اِجتَمَعَتِ الأَنصارُ إلى سَعدِ بن عُبادَةَ في سَقيفَةِ بَني ساعِدَةَ ، فَقالوا : مِنّا أميرٌ ومِنكُم أميرٌ ، فَذَهَبَ إلَيهِم أبو بَكرٍ وعُمَرُ بنُ الخَطّاب

1.النقباء : جمع نقيب ؛ وهو كالعريف على القوم المقدّم عليهم ، الَّذي يتعرّف أخبارهم ، وينقّب عن أحوالهم ؛ أي يفتَّش . وكان النبيّ صلى الله عليه و آله قد جعل ليلةَ العقبة كلَّ واحد من الجماعة الَّذين بايعوه بها نقيبا على قومه وجماعته ، ليأخذوا عليهم الإسلام ، ويعرّفوهم شرائطه . وكانوا اثنى عشر نقيبا ، كلّهم من الأنصار (النهاية : ج۵ ص۱۰۱) .

2.تاريخ الطبري : ج۳ ص۲۱۸ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۱۲ و ۱۳ عن أبي عمرة الأنصاري ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص۲۱ نحوه .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
20

إِلَا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى» 1 فَعَظُمَ عَلَى العَرَبِ أن يَترُكوا دينَ آبائِهِم ، فَخَصَّ اللّهُ المُهاجِرينَ الأَوَّلينَ مِن قَومِهِ بِتَصديقِهِ وَالإِيمانِ بِهِ وَالمُؤاساةِ لَهُ ، والصَّبرِ مَعَهُ عَلى شِدَّةِ أذى قَومِهِم لَهُم وتَكذيبِهِم إيّاهُم ، وكُلُّ النّاسِ لَهُم مُخالِفٌ زارٍ عَلَيهم ، فَلَم يَستَوحِشوا لِقِلَّةِ عَدَدِهِم وشَنَفِ 2 النّاسِ لَهُم ، وإجماعِ قَومِهِم عَلَيهِم ، فَهُم أوَّلُ مَن عَبَدَ اللّهَ فِي الأَرضِ ، وآمَنَ بِاللّهِ وبِالرَّسولِ ، وهُم أولِياؤُهُ وعَشيرَتُهُ وأحَقُّ النّاسِ بِهذَا الأَمرِ مِن بَعدِهِ ، ولا يُنازِعُهُم ذلِكَ إلّا ظالمٌ .
وأنتُم يا مَعشَرَ الأَنصارِ ! مَن لا يُنكَرُ فَضلُهُم فِي الدِّينِ ، ولا سابِقَتُهُم العَظيمَةُ فِي الإِسلامِ ، رَضِيَكُمُ اللّهُ أنصارا لِدينِهِ ورَسولِهِ ، وجَعَلَ إليكُم هِجرَتَهُ ، وفيكُم جُلَّةُ أزواجِهِ وأصحابِهِ ، فَلَيسَ بَعدَ المُهاجِرينَ الأَوَّلينَ عِندَنا أحَدٌ بِمَنزِلَتِكُم ، فَنَحنُ الاُمَراءُ وأنتُمُ الوُزَراءُ ، لا تَفتاتونَ بِمَشورَةٍ ولا نَقضي دونَكُمُ الاُمورَ .
فَقامَ الحُبابُ بنُ المُنذِرِ بنِ الجَموحِ فَقالَ : يا مَعشَرَ الأَنصارِ ! املِكوا عَلَيكُم أمرَكُم ؛ فَإِنَّ النّاسَ في فَيئِكُم وفي ظِلِّكُم ، ولَن يَجتَرِئَ مُجتَرِئٌ عَلى خِلافِكُم ، ولَن يَصدُرَ النّاسُ إلّا عَن رَأيِكُم ، أنتُم أهلُ العِزِّ وَالثَّروَةِ ، واُولُو العَدَدِ وَالمَنَعَةِ والتَّجرِبَةِ [ و ] 3 ذَوُو البَأسِ وَالنَّجدَةِ ، وإنَّما يَنظُرُ النّاسُ إلى ما تَصنَعونَ ، ولا تَختَلِفوا فَيَفسُدَ عَلَيكُم رَأيُكُم ، ويَنتَقِضَ عَلَيكُم أمرُكُم ، فَإِن أبى هؤُلاءِ إلّا ما سَمِعتُم ، فَمِنّا أميرٌ ومِنهُم أميرٌ .
فَقالَ عُمَرُ : هَيهاتَ لا يَجتَمِعُ اثنانِ في قَرنٍ ! وَاللّهِ لا تَرضَى العَرَبُ أن يُؤَمِّروكُم ونَبِيُّها مِن غَيرِكُم ، ولكِنَّ العَرَبَ لا تَمتَنِعُ أن تُوَلِّيَ أمرَها مَن كانَتِ النُّبُوَّةُ فيهِم ووَلِى

1.الزمر : ۳ .

2.يقال : شَنِفَ له شَنَفا ؛ إذا أبغضه (النهاية : ج۲ ص۵۰۵) .

3.هذه الزيادة من الكامل في التاريخ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 181690
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي