اُمورِهِم مِنهُم ، ولَنا بِذلِكَ عَلى مَن أبى مِنَ العَرَبِ الحُجَّةُ الظّاهِرَةُ وَالسُّلطانُ المُبينُ . مَن ذا يُنازِعُنا سُلطانَ مُحَمَّدٍ وإمارَتَهُ ـ ونَحنُ أولِياؤُهُ وعَشيرَتُهُ ـ إلّا مُدلٍ بِباطِلٍ ، أو مُتَجانِفٌ لِاءِثمٍ ، ومُتَوَرِّطٌ في هَلَكَةٍ . . . .
فَقالَ أبو بَكرٍ : هذا عُمَرُ وهذا أبو عُبَيدَةَ ، فَأَيُّهُما شِئتُم فَبايِعوا . فَقالا : لا وَاللّهِ لا نَتَوَلّى هذَا الأَمرَ عَلَيكَ ؛ فَإِنَّكَ أفضَلُ المُهاجِرينَ ، وثانِي اثنَينِ إذ هُما فِي الغارِ ، وخَليفَةُ رَسولِ اللّهِ عَلَى الصَّلاةِ ، وَالصَّلاةُ أفضَلُ دينِ المُسلِمينَ ، فَمَن ذا يَنبَغي لَهُ أن يَتَقَدَّمَكَ أو يَتَوَلّى هذَا الأَمرَ عَلَيكَ ، ابسُط يَدَكَ نُبايِعكَ .
فَلَمّا ذَهَبا لِيُبايِعاهُ سَبَقَهُما إلَيهِ بَشيرُ بنُ سَعدٍ فَبايَعَهُ ، فَناداهُ الحُبابُ بنُ المُنذِرِ : يا بَشيرَ بنَ سَعدٍ ! عَقَّتك عِقاقٌ ، ما أحوَجَكَ إلى ما صَنَعتَ ، أ نَفِستَ عَلَى ابنِ عَمِّكَ الإِمارَةَ ؟ ! فَقالَ : لا وَاللّهِ ، ولكِنّي كَرِهتُ أن اُنازِعَ قَوما حَقّا جَعَلَهُ اللّهُ لَهُم .
ولَمّا رَأَتِ الأَوسُ ماصَنَعَ بَشيرُ بنُ سَعدٍ ، وما تَدعو إلَيهِ قُرَيشٌ ، وما تَطلُبُ الخَزرَجُ مِن تَأميرِ سَعدِ بنِ عُبادَةَ قالَ بَعضُهُم لِبَعضٍ ـ وفيهِم اُسَيدُ بنُ حُضَيرٍ وكانَ أحَدَ النُّقَباءِ ۱ ـ : وَاللّهِ لَئِن وَلِيَتهَا الخَزرَجُ عَلَيكُم مَرَّةً لا زالَت لَهُم عَلَيكُم بِذلِكَ الفَضيلَةُ ، ولا جَعَلوا لَكُم مَعَهُم فيها نَصيبا أبَدا ، فَقوموا فَبايِعوا أبا بَكرٍ . فَقاموا إلَيهِ فَبايَعوهُ ، فَانكَسَرَ علَى سَعدِ بن عُبادَةَ وعَلَى الخَزرَجِ ما كانوا أجمَعوا لَهُ مِن أمرِهِم ۲ .
۹۲۹.صحيح البخاري عن عائشة :اِجتَمَعَتِ الأَنصارُ إلى سَعدِ بن عُبادَةَ في سَقيفَةِ بَني ساعِدَةَ ، فَقالوا : مِنّا أميرٌ ومِنكُم أميرٌ ، فَذَهَبَ إلَيهِم أبو بَكرٍ وعُمَرُ بنُ الخَطّاب
1.النقباء : جمع نقيب ؛ وهو كالعريف على القوم المقدّم عليهم ، الَّذي يتعرّف أخبارهم ، وينقّب عن أحوالهم ؛ أي يفتَّش . وكان النبيّ صلى الله عليه و آله قد جعل ليلةَ العقبة كلَّ واحد من الجماعة الَّذين بايعوه بها نقيبا على قومه وجماعته ، ليأخذوا عليهم الإسلام ، ويعرّفوهم شرائطه . وكانوا اثنى عشر نقيبا ، كلّهم من الأنصار (النهاية : ج۵ ص۱۰۱) .
2.تاريخ الطبري : ج۳ ص۲۱۸ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۱۲ و ۱۳ عن أبي عمرة الأنصاري ، الإمامة والسياسة : ج ۱ ص۲۱ نحوه .