23
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

بَيعَةُ أبي بَكرٍ فَلتَةً وتَمَّت . ألا وإنَّها قَد كانَت كَذلِكَ ، ولكِنَّ اللّهَ وقى شَرَّها ، ولَيسَ فيكُم مَن تُقطَعُ الأعناقُ إلَيهِ مِثلُ أبي بَكرٍ .
مَن بايَعَ رَجُلاً عَن غَيرِ مَشورَةٍ مِنَ المُسلِمينَ فَلا يُتابَعُ هُوَ ولَا الَّذي تابَعَهُ تَغِرَّةٌ ۱ أن يُقتَلا وإِنَّه قَد كانَ مِن خَبَرِنا حينَ تَوفّى اللّهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه و آله أنَّ الأَنصارَ خالَفونا ، واجتَمَعوا بِأَسْرِهِم في سَقيفَةِ بَني ساعِدَةَ ، وخالَفَ عَنّا عَليٌّ والزُّبَيرُ ومَن مَعَهُما ، واجتَمَعَ المُهاجِرونَ إلى أبي بَكرٍ ، فَقُلتُ لأَبي بَكرٍ : يا أبا بَكرِ اِنطَلِق بِنا إلى إخوانِنا هؤلاءِ مِنَ الأنصارِ ، فَانطَلَقنا نُريدُهُم ، فَلمّا دَنَونا مِنهُم لَقيَنا مِنهُم رَجُلانِ صالِحانِ ، فَذَكَرا ما تَمالأَ عَلَيهِ القَومُ ، فَقالا : أينَ تُريدونَ يامَعشَرَ المُهاجِرينَ ؟ فَقُلنا : نُريدُ إخوانَنا هؤلاءِ مِنَ الأنصارِ . فَقالا : لا عَلَيكُم أن لا تَقرَبوهُم ، اقضوا أمرَكُم . فَقُلتُ : وَاللّهِ لَنَأتينَّهُم .
فَانطَلَقنا حَتّى أتَيناهُم في سَقيفَةِ بَني ساعِدَةَ ، فإِذا رَجُلٌ مُزَمَّلٌ بَينَ ظَهرانيهم ، فَقُلتُ : مَن هذَا ؟ فَقالوا : هذَا سَعدُ بن عِبادَةَ . فَقُلتُ : ما لَهُ ؟ قالوا : يُوعَكُ ، فَلَمّا جَلَسنا قَليلاً تَشَهَّدَ خَطيبَهُم ، فَأَثنى عَلَى اللّهِ بِما هو أهلُهُ ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ ، فَنَحنُ أنصارُ اللّهِ وكَتيبَةُ الإِسلامِ ، وأنتُم مَعشَرَ المُهاجِرينَ رَهطٌ ، وقَد دَفَّت دافّةٌ ۲ مِن قَومِكُم ، فإِذا هُم يُريدونَ أن يَختَزِلونا مِن أصلِنا ، وأن يَحضِنونا مِنَ الأمرِ .
فَلَمّا سَكَتَ أردتُ أن أتَكَلَّمُ ، وكُنتُ قَد زَوّرتُ مَقالَةً أعجَبَتني أرَدتُ أن اُقَدِّمَها بَينَ يَدَي أبي بَكرٍ ، وكُنتُ اُداري مِنهُ بَعضَ الحَدِّ ، فَلَمّا أرَدتُ أن أتَكَلَّمُ قالَ أبو بَكرٍ : عَلى رَسلِكَ ، فَكَرَهتُ أن اُغضِبَهُ ، فَتَكَلَّمَ أبو بَكر ، فَكانَ هو أحلَمُ مِنِّي وأوقَرُ ، وَاللّهِ ما تَرَكَ مِن كَلِمَةٍ أعجَبَتني في تَزويري إلّا قالَ في بَديهَتِهِ مِثلها أو أفضَلَ ، حَتّى

1.التَّغِرّة : مصدر غرّرته: إذا ألقيته في الغَرَر (النهاية : ج ۳ ص۳۵۶) .

2.الدافّة : القوم يسيرون جماعة (النهاية : ج۲ ص۱۲۴) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
22

وأبو عُبَيدَةَ بَنُ الجَرّاحِ ، فَذَهَبَ عُمَرُ يَتَكَلَّمُ فَأَسكَتَهُ أبو بَكرٍ ، وكانَ عُمَرُ يَقولُ : وَاللّهِ ما أرَدتُ بِذلِكَ إلّا أنّي قَد هَيَّأتُ كَلاما قَد أعجَبَني ، خَشيتُ أن لا يَبلُغَهُ أبو بَكرٍ .
ثُمَّ تَكَلَّمَ أبو بَكرٍ فَتَكَلَّمَ أبلَغَ النّاسِ ، فَقالَ في كَلامِهِ : نَحنُ الاُمَراءُ وأنتُمُ الوُزَراءُ ، فَقالَ حُبابُ بنُ المُنذِرِ : لا وَاللّهِ لا نَفعَلُ ، مِنّا أميرٌ ، ومِنكُم أميرٌ ، فَقالَ أبو بَكرٍ : لا ، ولكِنَّا الاُمَراءُ وأنتُم الوُزَراءُ ، هُم أوسَطُ العَرَبِ دارا ، وأعرَبُهُم أحسابا ، فَبايِعوا عُمَرَ أو أبا عُبَيدَةَ بنَ الجَرّاحِ ، فَقالَ عُمَرُ : بَل نُبايِعُكُ أنتَ ؛ فَأَنتَ سَيِّدُنا وخَيرُنا وأحَبُّنا إلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأَخَذَ عُمَرُ بِيَدِهِ فَبايَعَهُ وبايَعَهُ النّاسُ ، فَقالَ قائِلٌ : قَتَلتُم سَعدا ، فَقالَ عُمَرُ : قَتَلَهُ اللّهُ ! ۱

۹۳۰.تاريخ الطبري عن الضحّاك بن خليفة :لَمّا قامَ الحُبابُ بنُ المُنذِرِ انتَضى سَيفَهُ ؛ وقالَ أنَا جُذَيلُهَا المُحَكَّكُ ۲ ، وعُذَيقُهَا المُرَجَّبُ ۳ ، أنَا أبو شِبلٍ في عِرّيسَةِ ۴ الأَسَدِ ، يُعزى إليَّ الأُسدُ . فَحامَلَهُ عُمَرُ فَضَرَبَ يَدَهُ ، فَنَدَرَ ۵ السَّيفُ فَأَخَذَهُ ، ثُمَّ وَثَبَ عَلى سَعدٍ ووَثَبوا عَلى سَعدٍ ، وتَتابَعَ القَومُ عَلَى البَيعةِ ، وبايَعَ سَعدٌ ، وكانَت فَلتَةً كَفَلَتاتِ الجاهِلِيَّةِ ، قامَ أبو بَكرٍ دونَها ۶ .

۹۳۱.صحيح البخاري عن ابن عبّاس عن عمرـ مِن خُطبَتِهِ فِي أواخِرِ عُمُرِهِ ـ: بَلَغَني أنَّ قائِلاً مِنكُم يَقولُ : وَاللّهِ لَو قَد ماتَ عُمَرُ بايَعتُ فُلاناً فَلا يَغتَرَّنَّ امرُؤٌ أن يَقولَ : إنَّما كانَت

1.صحيح البخاري : ج۳ ص۱۳۴۱ ح۳۴۶۷ ، الطبقات الكبرى : ج۲ ص۲۶۹ .

2.جُذَيلها : تصغير جِذل ، وهو العود الَّذي يُنصَب للإبل الجربى لتحتكّ به ، وهو تصغير تعظيم ؛ أي أنا ممّن يستشفى برأيه كما تستشفي الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود (النهاية : ج۱ ص۲۵۱) .

3.عُذيقها : تصغير العَذق : النخلة ، والرُّجْبَة : هو أن تُعمَد النخلة الكريمة ببناءٍ من حجارة أو خشب إذا خيف عليها لطولها وكثرة حَملها أن تقع (النهاية : ج۳ ص۱۹۹ و ج ۲ ص۱۹۷) .

4.العِرِّيسة : الشجر الملتفّ ، وهو مأوى الأسد في خيسه (لسان العرب : ج۶ ص۱۳۶) .

5.أي سقط ووقع (النهاية: ج۵ ص۳۵) .

6.تاريخ الطبري : ج۳ ص۲۲۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 181675
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي