فَلَم يَبقَ بِالمَدينَةِ أحَدٌ إلّا حنق عَلى عُثمانَ ، وَاشتَدَّ حنق بَني هُذَيلٍ خاصَّةً عَلَيهِ لاِجلِ صاحِبِهِم عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعودٍ ، وهاجَت بَنو مَخزومٍ لِأَجلِ صاحِبِهِم عَمّارِ بنِ ياسِرٍ ، وكَذلِكَ غِفارٌ لِأَجلِ صاحِبِهِم أبي ذَرٍّ .
ثُمَّ إنَّ عَلِيّا أخَذَ الكِتابَ وأقبَلَ حَتّى دَخَلَ عَلى عُثمانَ ، فَقالَ لَهُ : ويَحَكَ ! لا أدري عَلى ماذا أنزِلُ ! استَعتَبَكَ القَومُ فَأَعتَبتَهُم بِزَعمِكَ وضَمِنتَني ثُمَّ أحقَرتَني ، وكَتَبتَ فيهِم هذَا الكِتابَ !
فَنَظَرَ عُثمانُ فِي الكِتابِ ثُمَّ قالَ : ما أعرِفُ شَيئا مِن هذا ! !
فَقالَ عَلِيٌّ : الغُلامُ غُلامُكَ أم لا ؟
قالَ عُثمانُ : بَل هُوَ وَاللّهِ غُلامي ، وَالبَعيرُ بَعيري ، وهذَا الخاتَمُ خاتَمي ، وَالخَطُّ خَطُّ كاتِبي .
قال عَلِيٌّ رضى الله عنه : فَيَخرُجُ غُلامُكَ عَلى بَعيرِكَ بِكِتابٍ وأنتَ لا تَعلَمُ بِهِ ؟
فَقالَ عُثمانُ : حَيَّرتُكَ يا أبَا الحَسَنِ ! وقَد يُشبِهُ الخَطُّ الخَطَّ وقَد تَختمُ عَلَى الخاتَمِ ، ولا وَاللّهِ ما كَتَبتُ هذَا الكِتابَ ، ولا أمَرتُ بِهِ ، ولا وَجَّهتُ هذَا الغُلامَ إلى مِصرَ .
فَقالَ عَلِيٌّ : لا عَلَيكَ ، فَمَن نَتَّهِمُ ؟ قالَ : أتَّهِمُكَ وأتَّهِمُ كاتِبي !
قالَ عَلِيٌّ : بَل هُوَ فِعلُكَ وأمرُكَ . ثُمَّ خَرَجَ مِن عِندَهُ مُغضَبا ۱ .
۱۲۱۷.تاريخ المدينة عن هارون بن عنترة عن أبيه :لَمّا كانَ مِن أمرِ عُثمانَ ما كانَ ، قَدِمَ قَومٌ مِن مِصرَ مَعَهُم صَحيفَةٌ صَغيرَةُ الطَيِّ ، فَأَتَوا عَلِيّا رضى الله عنه فَقالوا : إنَّ هذَا الرَّجُلَ قَد غَيَّرَ وبَدَّلَ ،