265
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

خَيرٌ مِن قَولِيَ الأَوَّلِ» ۱ .
ومن هؤلاء الانتهازيّين أيضا عمرو بن العاص الَّذي فقد منصبه في عهد عثمان ، وكان يعزّ عليه أن يرى بلاد مصر الَّتي فتحها هو قد أصبحت الآن بيد عبد اللّه بن أبي سرح .
ومن هنا فهو كان يسعى لتعجيل الثورة ضدّ عثمان ، وقد أشرنا إلى بعض مساعيه في هذا الاتّجاه ، وكان يقول :
«أنَا أبو عَبدِ اللّهِ ، إذا حَكَكتُ قرحةً نَكأَتُها ! إن كُنتُ لَاُحَرِّضُ عَلَيهِ ، حَتّى إنّي لَاُحَرِّضُ عَلَيهِ الرّاعِيَ في غَنَمِهِ في رَأسِ الجَبَلِ» ۲ .
وهكذا الحال بالنسبة إلى إلزبير أيضا ؛ فهو كان مسايرا لطلحة ، ويطمع في انتهاز فرصة الثورة لتحقيق ما تصبو إليه نفسه ، وكان يعتبر نفسه قائدا لهذه الجماعة .

ج . الأعوان الانتهازيّون

هناك أشخاص كانوا مسايرين لعثمان ويرون رأيه ، ولكنّهم في هذه الحادثة لم ينصروه بل خذلوه ، وصاروا عليه عونا ـ ولو بشكل غير مباشر ـ وهذا من عجائب عِبَر الدنيا .
وأبرز نموذج لهذه الطائفة معاوية ؛ فقد كان هو وزمرته تجسيدا حقيقيّا لهذا التوجّه . والواقع أنّه كان له يد طولى في قتل عثمان . فقد كان بإمكانه أن يرسل من الشام سريّة لحماية الخليفة أو مواجهة المعارضين . بَيد أنّه لم يفعل ! وحتّى بعدما استنصره عثمان ، جاء إلى المدينة بمفرده . وقد أدرك عثمان الغاية من قدومه ، فقال له :

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۵۹ .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۳۵۷ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
264

2 ـ أخذوا يشعرون بعد اتّساع رقعة الثورة أنّ الفرصة قد أصبحت مؤاتية لنيل مآربهم الدنيويّة ، والحقيقة هي أنّهم لم يُدركوا ما ستؤول إليه الأوضاع بعد مقتل عثمان .
إذا فمعارضتهم لعثمان لم تكن نابعة من حرصهم على المصلحة العامّة ، ولا من باب الغيرة الدينيّة واستشعار الوظيفة الشرعيّة . ومعنى هذا أنّهم كانوا يتطلّعون إلى الجاه والرئاسة .
نشير على سبيل المثال إلى أنّ طلحة كان واحدا منهم ، وقد كتب إلى أهل الكوفة بالقدوم إلى المدينة من أجل وضع حدٍّ لتصرّفات عثمان ، ويبدو أنّه لم يكن يتوقّع بعد مقتل عثمان سوى تسلّم منصب الخلافة . وكان بعض أنصاره على مثل ظنّه . فبعدما انتهى سودان بن حمران من قتل عثمان ، خرج من الدار ونادى :
«أينَ طَلحَةُ بنُ عُبَيدِ اللّهِ ؟ لَقَد قَتَلنَا ابنَ عَفّانَ» ۱ .
وفي معركة الجمل رماه مروان بسهم من خلفه وقتله ؛ لأنّه كان يعتبره هو قاتل عثمان .
وهكذا الحال بالنسبة لعائشة أيضا ؛ فقد كانت تأمل أن تكون الغلبة لأقاربها ؛ فكانت تقول : «اُقتُلوا نَعثَلاً ؛ فَقَد كَفَرَ !» ۲ ، ولكن بعدما انقلبت الاُمور ، وآلت إلى مآل آخر ، غيّرت موقفها . وهذا ينمّ عن أنّها كانت ترمي إلى شيء آخر غير الحقّ ؛ فعندما أخذوا يسائلونها في وقعة الجمل عن السبب الَّذي جعلها تحرّضهم قبل ذاك على قتل عثمان ، ثمّ أصبحت تطلب بثأره ، قالت : «قَد قُلتُ وقالوا ، وقَولِيَ الأَخير

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۳۷۹ .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۵۹ ، الكامل فيالتاريخ : ج۲ ص۳۱۳ ، العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۰۰ ، الفتوح : ج۲ ص۴۳۷ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۷۲ وفيه «فقد فجر» بدل «فقد كفر» .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 186089
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي