293
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

السياسة في عالَم السياسييّن المحترفين فلن يبقى منها شيء .
أمّا في قاموس السياسة العلويّة فإنّ الصدق أوّل شروط الحكم والتأهّل السياسي ، فإذا لم يكن ثَمَّ وجود للصدق السياسي فلن يكون هناك معنى لسيادة الحقّ ، وحاكميّة القانون ، وحقوق الإنسان ، والعدالة الاجتماعيّة ، وجميع البرامج والسياسات البنّاءة الَّتي سنشير لها بعدئذٍ ، حيث تتحوّل بأجمعها إلى كلمات فارغة لا معنى لها ، وتنقلب إلى أداة للابتزاز والتعدّي على حقوق النّاس أكثر .
في نهج السياسة العلويّة لا يجوز توظيف الحيل السياسيّة إلّا في مورد واحد هو الحرب ، والحرب هي الاستثناء الوحيد للّجوء إلى الخديعة ، كما سيأتي توضيح ذلك أثناء الحديث عن السياسة الحربيّة للإمام عليه السلام .

2 ـ محوريّة الحقّ

تعدّ محوريّة الحقّ مظهراً للصدق السياسي في الحكم العلوي ، فإذا ما جلت النظر في سلوك الإمام عليه السلام وسيرته السياسيّة في جميع مجالات الحكم ، لرأيت أن الالتزام بهذا الأصل واضح في ثنايا هذه السيرة ، وفي كلّ مرفق من مرافقها . لقد كان الإمام يرى أنّ إقامة الحقّ وإحقاقه هو عماد فلسفة حكمه ، ولم يكن يفكِّر في إدارة الاجتماع السياسي بشيء آخر غير إحياء الحقّ ومحو الباطل .
على هذا الضوء واجه الإمام عليه السلام بشدّة اُسلوب المداهنة والتلوّن في إدارة شؤون المجتمع ، فيما كانت تمثِّله السياسة الاُمويّة .

3 ـ سيادة القانون

لقد بلغ من احترام الإمام عليه السلام للقانون أنّه لم يكن يرى لنفسه خاصّية أمام القانون . كان يؤمن أنّه ليس هناك شخص فوق القانون ، ولن يستطيع أحد ـ ولا ينبغي له ـ أن يكون مانعاً عن تنفيذ القانون الإلهي .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
292

وفيما يلي نمرّ سريعاً على الاُصول السياسيّة للإمام ومرتكزاته في إدارة البلاد ؛ هذه المرتكزات الَّتي تعدّ في حقيقتها سرّ إيجاد ضروب الجمال ، ودائرة النفوذ العلويّة ، كما تؤلّف الاُصول السياسيّة للحكومة على القلوب ، وذلك على أمل أن يقترب مسؤولوا نظام الجمهوريّة الإسلاميّة وقادته من الإمام أكثر فأكثر ، ويعكسوا للعالم ملامح من الصورة الوضّاءة للحكم العلوي .

اُصول السياسة الإداريّة

يمكن استخلاص السياسة الإداريّة للإمام علي عليه السلام وإرجاعها إلى عدّة اُصول ، هي :

1 ـ الصدق في السياسة

الصدق فيالسياسة هو أهمّ أصل فيالسياسة الإداريّه للإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وهو رمز النفوذ الخلّاق والجاذبيّة الخالدة للحكم العلوي ، والحدّ الفاصل بين تخوم السياستين العلويّة والاُمويّة ، فإنّه لا معنى للصدق ولا مكان له في قاموس السياسة الاُمويّة ، والكذب هو الأداة الأساسيّة في ضروب الفعّاليّة السياسيّة عند السياسييّن المحترفين .
يذكر الإمام الخميني أنّ أحد مسؤولي النظام الملكي السابق زاره عندما كان في السجن ، وقال له : «إنَّ السياسة خبث وكذب وخداع . . . وهي بلاء سيّئ ، اتركوا ذلك لنا» !
يضيف الإمام الخميني في تتمّة الواقعة : «صحيحٌ ما يقوله ؛ فلئن كانت السياسة لا تعني إلّا هذه الاُمور ، فهي من شؤونهم» ۱ . أجل ، إذا ما حذف الكذب عن

1.ولاية الفقيه : ص۱۹۲ و ۱۹۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 181591
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي