313
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

واستعداداً للتضحية والفداء ؛ فقد كانت هذه القوّات تتحلّى بكفاءة ممتازة ، ويستفيد منها الإمام في المهمّات الخاصّة .
لقد خاطب الإمام هذه القوّات في واحدة من خطبه ، بقوله عليه السلام : «أنتُمُ الأَنصارُ عَلَى الحَقِّ ، وَالإِخوانُ فِي الدّينِ ، وَالجُنَنُ ۱ يَومَ البَأسِ ، وَالبِطانَةُ دونَ النّاسِ ، بِكُم أضرِبُ المُدبِرَ ، وأرجو طاعَةَ المُقبِلِ ، فَأَعينوني بِمُناصَحَةٍ خَلِيَّةٍ مِنَ الغِشِّ ، سَليمَةٍ مِنَ الرَّيبِ ؛ فَوَاللّهِ إنّي لَأَولَى النّاسِ بِالنّاسِ» ۲ .
ويمكن مقاربة «شُرْطة الخميس» في إطار الثقافة المعاصرة بمصطلح «الاُصوليين» وحالة «حزب اللّه » الَّتي تتمتّع بالعقلانيّة والخبرة والكفاءة ، وهي تقف إلى جوار الإمام . فلقد كان لهذه «القوّات» القدرة على النقد البنّاء في اللحظة المطلوبة ، كما كانت وفيّة للإمام ، ثابتة على ولائه في أحلك الأوضاع الَّتي مرَّ بها الحكم العلوي .
أمّا سبب تسمية هذه القوّة بـ «شُرْطة الخميس» فلعلامات خاصّة كانوا يُعرفون بها ، أو لعهدٍ خاص أبرموه مع الإمام ، حيث سئل الأصبغ بن نباتة : كيف تسمّيتم شُرْطة الخميس يا أصبغ ؟ قال : «لأنّا ضمنّا له الذبح ، وضمن لنا الفتح» يعني أمير المؤمنين عليه السلام ۳ .

3 ـ تقوية البنية المعنويّة

حرص الإمام على أن يولي القدرة النفسيّة وما تحظى به القوات المسلّحة من قوّة في البنية المعنويّة وروح تضحويّة عالية ؛ أهمّيةً استثنائية فائقة . وعلى هذا

1.الجُنَن : جمع جُنّة ؛ ما استترت به من سلاح (الصحاح : ج۵ ص۲۰۹۴) .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۱۸ .

3.مجمع البحرين : ج۲ ص۹۴۲ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
312

القوّات وينظّمها على نسق خاص ، وهو يكرّر على مسامعها أبرز النقاط التدريبيّة على هذا الصعيد .
لقد حصل في أثناء الغارات الَّتي شنّها معاوية أن ندَّت بعض الأصوات تتّهم الإمام أن لا علم له بالحرب ! فكان ممّا أجاب به وهو يشكو أصحابه ، قوله عليه السلام : «وَأفسَدتُم عَلَيَّ رَأيي بِالعِصيانِ وَالخِذلانِ ؛ حَتّى لَقَد قَالَت قُرَيشٌ : إنَّ ابنَ أبي طالِبٍ رَجُلٌ شُجاعٌ ، وَلكِن لا عِلمَ لَهُ بِالحَربِ .
للّهِِ أبوهُم ! وَهَل أحَدٌ مِنهُم أشَدُّ لَها مِرَاسَاً ، وأقدَمُ فيها مَقاماً مِنّي ! لَقَد نَهَضتُ فيها وَما بَلَغتُ العِشرِينَ ، وها أنذا قَد ذَرَّفتُ عَلَى السِّتّينَ ، وَلكِن لا رَأيَ لِمَن لا يُطاع !» ۱ .
لم يكن الإمام يغفل في تدريب المقاتلين على ضروب الفنون العسكريّة أدقّ النقاط وأصغرها ، من قبيل عدم الانفصال عن السلاح في المعركة ، استثمار الفرص المناسبة لإنزال الضربة بالعدوّ ، طبيعة النظرة إلى قوّات العدوّ وكيفيّة ممارسة الانسحاب التكتيكي .

2 ـ تأسيس القوّات الخاصّة

واحدة من المعالم البارزة في سياسة الإمام الحربيّة تأسيسه قوّات خاصّة عرفت باسم «شُرْطة الخميس ۲ » أو ما يعبّر عنه اليوم بـ «الفدائييّن» .
لقد انضمّت إلى «شُرْطة الخميس» أوفى القوات للإمام وأكثرها إخلاصا

1.نهج البلاغة : الخطبة ۲۷ .

2.الشُّرطة (بسكون الراء وفتحها) : الجُنْد ، والجمع شُرَط ؛ وهم أعوان السلطان والولاة ، وأوّل كتيبة تشهد الحرب ، وتتهيّأ للموت ، سُمّوا بذلك لأنّهم جعلوا لأنفسهم علامات يُعرفون بها للأعداء (مجمع البحرين : ج۲ ص۹۴۲) والمراد هنا نُخَبه وأصحابه عليه السلام المتقدّمين على غيرهم من الجند . والخميس : الجيش ، سمّي به لأنّه مقسوم بخمسة أقسام : المقدّمة والسابقة والميمنة والميسرة والقلب . وقيل : لأنّه تُخمّس فيه الغنائم (النهاية : ج۲ ص۷۹) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 181603
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي