377
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

إلى ما كانَ في أيّامِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله وأبي بَكرٍ ، وقَد نُسِيَ ذلِكَ ورُفِضَ وتَخَلَّلَ بَينَ الزَّمانَينِ اثنَتانِ وعِشرونَ سَنَةً ، فَشَقَّ ذلِكَ عَلَيهِم ، وأنكَروهُ وأكبَروهُ حَتّى حَدَثَ ما حَدَثَ مِن نَقضِ البَيعَةِ ومُفارَقَةِ الطّاعَةِ ، وللّهِِ أمرٌ هُوَ بالِغُهُ ۱ .

۱۳۳۷.الإمام عليّ عليه السلامـ في أوَّلِ خُطبَةٍ خَطَبَها بَعدَ بَيعَةِ النّاسِ لَهُ عَلَى الأَمرِ ، وذلِكَ بَعدَ قَتلِ عُثمانَ ـ: أمّا بَعدُ ، فَلا يُرعِيَنَّ مُرعٍ إلّا عَلى نَفسِهِ ، شُغِلَ عَنِ الجَنَّةِ مَنِ النّارُ أمامَهُ ، ساعٍ مُجتَهِدٌ ، وطالِبٌ يَرجو ، ومُقَصَّرٌ فِي النّارِ ، ثلاثَةٌ ، وَاثنانِ : مَلَكٌ طارَ بِجَناحَيهِ ، ونَبِيٌّ أخَذَ اللّهُ بِضَبعَيهِ ۲ ، لا سادِسٌ .
هَلَكَ مَنِ ادَّعى ، ورَدِيَ مَنِ اقتَحَمَ . اليَمينُ وَالشِّمالُ مَضَلَّةٌ ، وَالوُسطَى الجادَّةُ ، مَنهَجٌ عَلَيهِ باقِي ۳ الكِتابِ وَالسُّنَّةِ وآثارِ النُّبُوَّةِ .
إنَّ اللّهَ تَعالى داوى هذِهِ الاُمَّةَ بِدَواءَينِ : السَّوطِ وَالسَّيفِ ، لا هَوادَةَ عِندَ الإِمامِ ، فَاستَتِروا بِبُيوتِكُم ، وأصلِحوا فيما بَينَكُم ، وَالتَّوبَةُ مِن وَرائِكُم ، مَن أبدى صَفحَتَهُ لِلحَقِّ هَلَكَ .
قَد كانَت اُمورٌ لَم تَكونوا عِندي فيها مَعذورينَ ، أما إنّي لَو أشاءُ أن أقولَ لَقُلتُ ، عَفَا اللّهُ عَمّا سَلَفَ ، سَبَقَ الرَّجُلانِ ، وقامَ الثّالِثُ كَالغُرابِ هِمَّتُهُ بَطنُهُ ، وَيلَهُ لَو قُصَّ جَناحاهُ وقُطِعَ رأسُهُ لَكانَ خَيرا لَهُ .
اُنظُروا فَإِن أنكَرتُم فَأَنكِروا ، وإن عَرَفتُم فَبادِروا ، حَقٌّ وباطِلٌ ولِكُلٍّ أهلٌ ، ولَئِن أمِرَ ۴ الباطِلُ لَقَديما فَعَلَ ، ولَئِن قَلَّ الحَقُّ فَلَرُبَّما ولَعَلَّ ، ولَقَلَّ ما أدبَرَ شَيءٌ فَأَقبَلَ ،

1.شرح نهج البلاغة : ج۷ ص۳۶ ؛ بحار الأنوار : ج۳۲ ص۱۶ ح۷ وراجع نهج البلاغة : الخطبة ۲۰۵ والمعيار والموازنة : ص۱۰۹ والأمالي للطوسي : ص۷۲۷ ح۱۵۳۰ .

2.الضَّبْع : وسط العَضُد . وقيل : هو ما تحت الإبط (النهاية : ج۳ ص۷۳) .

3.في هامش المصدر : في «م» و هامش «ش» : «ما في» وهو الصحيح.

4.أمِرَ الشيء : كَثُر وتمّ (لسان العرب : ج۴ ص۳۱) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
376

أنّا شُرَكاؤُكَ في هذَا الأَمرِ . فَقالَ لَهُما : لا ، ولكِنَّكُما شَريكايَ فِي الفَيءِ، لا أستَأثِرُ عَلَيكُما ولا عَلى عَبدٍ حَبَشِيٍّ مُجَدَّعٍ ۱ بِدِرهَمٍ فَما دونَهُ ، لا أنَا ولا وَلَدايَ هذانِ ، فَإِن أبَيتُما إلّا لَفظَ الشِّركَةِ ، فَأَنتُما عَونانِ لي عِندَ العَجزِ وَالفاقَةِ ، لا عِندَ القُوَّةِ وَالاِستِقامَةِ .
قالَ أبو جَعفَرٍ : فَاشتَرَطا ما لا يَجوزُ في عَقدِ الأَمانَةِ ۲ ، وشَرَطَ عليه السلام لَهُما ما يَجِبُ فِي الدّينِ وَالشَّريعَةِ .
قالَ : وقَد رُوِيَ أيضا أنَّ الزُّبَيرَ قالَ في مَلَاً مِنَ النّاسِ : هذا جَزاؤُنا مِن عَلِيٍّ ! قُمنا لَهُ في أمرِ عُثمانَ حَتّى قُتِلَ ، فَلَمّا بَلَغَ بِنا ما أرادَ جَعَلَ فَوقَنا مَن كُنّا فَوقَهُ . وقالَ طَلحَةُ : مَا اللَّومُ إلّا عَلَينا ، كُنّا مَعَهُ أهلَ الشّورى ثَلاثَةً فَكَرِهَهُ أحَدُنا ـ يَعني سَعداً ـ وبايَعناهُ فَأَعطَيناهُ ما في أيدينا ومَنَعَنا ما في يَدِهِ ، فَأَصبَحنا قَد أخطَأنَا اليَومَ ما رَجَوناهُ أمسِ ، ولا نَرجو غَداً ما أخطَأ نَا اليَومَ .
فَإِن قُلتَ : فَإِنَّ أبا بَكرٍ قَسَمَ بِالسَّواءِ كَما قَسَمَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ، ولَم يُنكِروا ذلِكَ كَما أنكَروهُ أيّامَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَمَا الفَرقُ بَينَ الحالَتَينِ ؟
قُلتُ : إنَّ أبا بَكرٍ قَسَمَ مُحتَذِيا لِقَسمِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَلَمّا وَلِيَ عُمَرُ الخِلافَةَ وفَضَّلَ قَوما عَلى قَومٍ ألِفوا ذلِكَ ونَسوا تِلكَ القِسمَةَ الاُولى ، وطالَت أيّامُ عُمَرَ ، وَأُشرِبَت قُلوبُهُم حُبَّ المالِ وكَثرَةَ العَطاءِ ، وأمَّا الَّذينَ اهتَضَموا فَقَنِعوا ومَرَنوا عَلَى القَناعَةِ ، ولَم يَخطُر لِأَحَدٍ مِنَ الفَريقَينِ لَهُ أنَّ هذِهِ الحالَ تَنتَقِضُ أو تَتَغَيَّرُ بِوَجهٍ ما ، فَلَمّا وَلِيَ عُثمانُ أجرَى الأَمرَ عَلى ما كانَ عُمَرُ يَجريهِ ، فَازدادَ وُثوقُ القَومِ بِذلِكَ ، ومَن ألِفَ أمراً شَقَّ عَلَيهِ فِراقُهُ ، وتَغييرُ العادَةِ فيهِ ، فَلَمّا وَلِيَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام أرادَ أن يَرُدَّ الأَمر

1.الجَدْع : قطع الأنف والاُذن والشفة ، وهو بالأنف أخصّ فإذا اُطلق غلب عليه (النهاية : ج۱ ص۲۴۶) .

2.كذا في المصدر ، والصحيح : «الإمامة».

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 178277
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي