قالَ : فَذَهَبتُ فَتَتَبَّعتُ ما أمَرَني بِهِ ، فَرَجَعتُ وَاللّهِ ما بَقِيَ عَلَيَّ دِرهَمٌ واحدٌ إلّا وَفَيتُهُ ۱ .
۱۴۸۴.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن عَهدِهِ إلى بَعضِ عُمّالِهِ وقَد بَعَثَهُ عَلَى الصَّدَقَةِ ـ: أمَرَهُ بِتَقوَى اللّهِ في سَرائِرِ أمرِهِ ، وخَفِيّاتِ عَمَلِهِ ، حَيثُ لا شَهيدَ غَيرُهُ ، ولا وَكيلَ دونَهُ . وأمَرَهُ ألّا يَعمَلَ بِشَيءٍ مِن طاعَةِ اللّهِ فيما ظَهَرَ ، فَيُخالِفَ إلى غَيرِهِ فِيما أسَرَّ ، ومَن لَم يَختَلِف سِرُّهُ وعَلانِيَتُهُ وفِعلُهُ ومَقالَتُهُ ، فَقَد أدَّى الأَمانَةَ ، وأخلَصَ العِبادَةَ .
وأمَرَهُ أن لا يَجبَهَهُم ، ولا يَعضَهَهُم ۲ ، ولا يَرغَبَ عَنهُم ، تَفَضُّلاً بِالإِمارَةِ عَلَيهِم ؛ فَإِنَّهُمُ الإِخوانُ فِي الدّينِ ، وَالأَعوانُ عَلَى استِخراجِ الحُقوقِ .
وإنَّ لَكَ في هذِهِ الصَّدَقَةِ نَصيبا مَفروضا ، وحَقّا مَعلوما ، وشُرَكاءَ أهلَ مَسكنَةٍ ، وضُعَفاءَ ذَوي فاقَةٍ ، وإنّا مُوَفّوكَ حَقَّكَ ، فَوَفِّهِم حُقوقَهُم ، وإلّا تَفعَل فَإِنَّكَ مِن أكثَرِ النّاسِ خُصوما يَومَ القِيامَةِ ، وبُؤسى لِمَن خَصمُهُ عِندَ اللّهِ الفُقَراءُ والمَساكِينُ وَالسّائِلونَ وَالمَدفوعونَ وَالغارِمونَ وَابنُ السَّبيلِ .
ومَنِ استَهانَ بِالأَمانَةِ ، ورَتَعَ فِي الخِيانَةِ ، ولَم يُنَزِّه نَفسَهُ ودينَهُ عَنها ، فَقَد أحَلَّ بِنَفسِهِ الذُّلَّ وَالخِزيَ في الدُّنيا ، وهُوَ فِي الآخِرَةِ أذَلُّ وأخزى . وإنَّ أعظَمَ الخِيانَةِ خِيانَةُ الاُمَّةِ ، وأفظَعَ الغِشِّ غِشُّ الأَئِمَّةِ . وَالسَّلامُ ۳ .
۱۴۸۵.عنه عليه السلامـ مِن وَصِيَّةٍ لَهُ كانَ يَكتُبُها لِمَن يَستَعمِلُهُ عَلَى الصَّدَقاتِ۴ـ: اِنطَلِق عَلى تَقوَى
1.تاريخ دمشق : ج۴۲ ص۴۸۷ ، حلية الأولياء : ج۱ ص۸۲ وفيه إلى «طيّبا» وراجع المعيار والموازنة : ص۲۴۸ وكنز العمّال : ج۵ ص۷۷۳ ح۱۴۳۴۶ وشرح الأخبار : ج۲ ص۳۶۴ ح۷۲۶ .
2.العَضَهُ والعِضَهُ والعَضيهةُ : القالة القبيحة ، وهي الإفك والبهتان والنميمة (لسان العرب : ج۱۳ ص۵۱۵) .
3.نهج البلاغة : الكتاب ۲۶ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۵۲۸ ح۷۱۹ وراجع دعائم الإسلام : ج۱ ص۲۵۲ .
4.قال الشريف الرضي : وإنّما ذكرنا هنا جملاً ليعلم بها أنّه عليه السلام كان يقيم عماد الحقّ ويشرع أمثلة العدل في صغير الاُمور وكبيرها ودقيقها وجليلها .