473
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

عَسى يَكونُ ولَو أعطَيتَنيهِ كُلَّهُ !
فَقالَ : ما أنَا وأنتَ فيهِ إلّا بِمَنزِلَةِ رَجُلٍ مِنَ المُسلِمينَ ـ وكانا يَتَكَلَّمانِ فَوقَ قَصرِ الإِمارَةِ مُشرِفَينِ عَلى صَناديقِ أهلِ السّوقِ ـ فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ عليه السلام : إن أبَيتَ يا أبا يَزيدَ ما أقولُ فَانزِل إلى بَعضِ هذِهِ الصَّناديقِ فَاكسِر أقفالَهُ وخُذ ما فيهِ .
فَقالَ : وما في هذِهِ الصَّناديقِ ؟
قالَ : فيها أموالُ التُّجّارِ .
قالَ : أ تَأمُرُني أن أكسِرَ صَناديقَ قَومٍ قَد تَوَكَّلوا عَلَى اللّهِ وجَعَلوا فيها أموالَهُم ؟ !
فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ : أ تَأمُرُني أن أفتَحَ بَيتَ مالِ المُسلِمينَ فَاُعطِيَكَ أموالَهُم وقَد تَوَكَّلوا عَلَى اللّهِ وأقفَلوا عَلَيها ؟ ! وإن شِئتَ أخَذتَ سَيفَكَ وأخَذتُ سَيفي وخَرَجنا جَميعا إلى الحيرَةِ ۱ ؛ فَإِنَّ بِها تُجّارا مَياسِيرَ ۲ ، فَدَخَلنا عَلى بَعضِهِم فَأَخَذنا مالَهُ !
فَقالَ : أ وَسارِقا جِئتُ ؟ !
قالَ : تَسرِقُ مِن واحدٍ خَيرٌ من أن تَسرِقَ مِنَ المُسلِمينَ جَميعا !
قالَ لَهُ : أ فَتَأذَنُ لي أن أخرُجَ إلى مُعاوِيَةَ ؟
فَقالَ لَهُ : قَد أذِنتُ لَكَ .
قالَ : فَأَعِنّي على سَفَري هذا .
قالَ : يا حَسَنُ ، أعطِ عَمَّكَ أربَعَمِئَةِ دِرهَمٍ .
فَخَرَجَ عَقيلٌ وهُوَ يَقولُ :
سَيُغْنينِي الَّذي أغناكَ عَنّي
ويَقضي دَينَنا رَبٌّ قَريبُ۳

1.الحِيْرَة : مدينة جاهلية ، كثيرة الأنهار ، وهي عن الكوفة على نحو فرسخ، وكانت منازل آل النعمان بن المنذر (تقويم البلدان : ص۲۹۹).

2.جمع مُوسِر . وأيْسَرَ الرجلُ : صار ذا غِنىً (تاج العروس : ج۷ ص۶۳۴) .

3.المناقب لابن شهر آشوب : ج۲ ص۱۰۸ ، بحار الأنوار : ج۴۱ ص۱۱۳ ح۲۳ . والظاهر أنّ عقيل بن أبي طالب لم يأتِ معاوية قبل استشهاد الإمام عليّ عليه السلام .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
472

مُؤَكِّدا ، وكَرَّرَ عَلَيَّ القَولَ مُرَدِّدا ، فَأَصغَيتُ إلَيهِ سَمعي ، فَظَنَّ أنّي أبيعُهُ ديني ، وأتَّبِعُ قِيادَهُ مُفارِقا طَريقَتي .
فَأَحمَيتُ لَهُ حَديدَةً ، ثُمَّ أدنَيتُها مِن جِسمِهِ لِيَعتَبِرَ بِها ، فَضَجَّ ضَجيجَ ذي دَنَفٍ ۱ مِن ألَمِها ، وكادَ أن يَحتَرِقَ مِن ميسَمِها ۲ ، فَقُلتُ لَهُ : ثَكَلَتكَ الثَّواكِلُ يا عَقيلُ ! أتَئِنُّ مِن حَديدَةٍ أحماها إنسانُها لِلَعِبِهِ ، وتَجُرُّني إلى نارٍ سَجَرَها جَبّارُها لِغَضَبِهِ ؟ ! أتَئِنُّ مِنَ الأَذى ولا أئِنُّ مِن لَظىً ؟ ! ۳

۱۵۵۱.المناقب لابن شهر آشوب :قَدِمَ عَلَيهِ [عَلِيٍّ عليه السلام ] عَقيلٌ فَقالَ لِلحَسَنِ : اُكسُ عَمَّكَ ، فَكَساهُ قَميصا مِن قُمُصِهِ ۴ ورِداءً مِن أردِيَتِهِ . فَلَمّا حَضَرَ العِشاءَ فَإِذا هُوَ خُبزٌ وملِحٌ ، فَقالَ عَقيلٌ : لَيسَ [إلّا] ۵ ما أرى ؟
فَقالَ : أ وَلَيسَ هذا مِن نِعمَةِ اللّهِ ؟ ! فَلَهُ الحَمدُ كَثيرا .
فَقالَ : أعطِني ما أقضي بِهِ دَيني وعَجِّل سِراحي حَتّى أرحَلَ عَنكَ .
قالَ : فَكَم دَينُكَ يا أبا يَزيدَ ؟
قالَ : مِئَةُ ألفِ دِرهَمٍ .
قالَ : وَاللّهِ ما هِيَ عِندي ولا أملِكُها ، ولكِنِ اصبرِ حَتّى يَخرُجَ عَطائي فَاُواسِيَكَهُ ، ولَولا أنَّهُ لابُدَّ لِلعِيالِ مِن شَيءٍ لَأَعطَيتُكَ كُلَّهُ .
فَقالَ عَقيلٌ : بَيتٌ المالِ في يَدِكَ وأنتَ تُسَوِّفُني إلى عَطائِكَ ؟ وكَم عَطاؤُكَ وما

1.الدَّنَف : المرض اللازِم المُخامِر (لسان العرب : ج۹ ص۱۰۷) .

2.المِيْسَم : المِكواة (لسان العرب : ج۱۲ ص۶۳۶) .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۲۲۴ وراجع الأمالي للصدوق : ص۷۱۹ ح۹۸۸ .

4.في المصدر : «قميصه» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار نقلاً عن المصدر .

5.ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من بحار الأنوار .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 228435
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي