مُؤَكِّدا ، وكَرَّرَ عَلَيَّ القَولَ مُرَدِّدا ، فَأَصغَيتُ إلَيهِ سَمعي ، فَظَنَّ أنّي أبيعُهُ ديني ، وأتَّبِعُ قِيادَهُ مُفارِقا طَريقَتي .
فَأَحمَيتُ لَهُ حَديدَةً ، ثُمَّ أدنَيتُها مِن جِسمِهِ لِيَعتَبِرَ بِها ، فَضَجَّ ضَجيجَ ذي دَنَفٍ ۱ مِن ألَمِها ، وكادَ أن يَحتَرِقَ مِن ميسَمِها ۲ ، فَقُلتُ لَهُ : ثَكَلَتكَ الثَّواكِلُ يا عَقيلُ ! أتَئِنُّ مِن حَديدَةٍ أحماها إنسانُها لِلَعِبِهِ ، وتَجُرُّني إلى نارٍ سَجَرَها جَبّارُها لِغَضَبِهِ ؟ ! أتَئِنُّ مِنَ الأَذى ولا أئِنُّ مِن لَظىً ؟ ! ۳
۱۵۵۱.المناقب لابن شهر آشوب :قَدِمَ عَلَيهِ [عَلِيٍّ عليه السلام ] عَقيلٌ فَقالَ لِلحَسَنِ : اُكسُ عَمَّكَ ، فَكَساهُ قَميصا مِن قُمُصِهِ ۴ ورِداءً مِن أردِيَتِهِ . فَلَمّا حَضَرَ العِشاءَ فَإِذا هُوَ خُبزٌ وملِحٌ ، فَقالَ عَقيلٌ : لَيسَ [إلّا] ۵ ما أرى ؟
فَقالَ : أ وَلَيسَ هذا مِن نِعمَةِ اللّهِ ؟ ! فَلَهُ الحَمدُ كَثيرا .
فَقالَ : أعطِني ما أقضي بِهِ دَيني وعَجِّل سِراحي حَتّى أرحَلَ عَنكَ .
قالَ : فَكَم دَينُكَ يا أبا يَزيدَ ؟
قالَ : مِئَةُ ألفِ دِرهَمٍ .
قالَ : وَاللّهِ ما هِيَ عِندي ولا أملِكُها ، ولكِنِ اصبرِ حَتّى يَخرُجَ عَطائي فَاُواسِيَكَهُ ، ولَولا أنَّهُ لابُدَّ لِلعِيالِ مِن شَيءٍ لَأَعطَيتُكَ كُلَّهُ .
فَقالَ عَقيلٌ : بَيتٌ المالِ في يَدِكَ وأنتَ تُسَوِّفُني إلى عَطائِكَ ؟ وكَم عَطاؤُكَ وما
1.الدَّنَف : المرض اللازِم المُخامِر (لسان العرب : ج۹ ص۱۰۷) .
2.المِيْسَم : المِكواة (لسان العرب : ج۱۲ ص۶۳۶) .
3.نهج البلاغة : الخطبة ۲۲۴ وراجع الأمالي للصدوق : ص۷۱۹ ح۹۸۸ .
4.في المصدر : «قميصه» ، والصحيح ما أثبتناه كما في بحار الأنوار نقلاً عن المصدر .
5.ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من بحار الأنوار .