503
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

هذِهِ الاُمَّةِ فيما عَقَدَ بَينَهُم مِن حَبلِ هذِهِ الاُلفَةِ التَّي يَنتَقِلونَ في ظِلِّها ، ويَأوونَ إلى كَنَفِها ، بِنِعمَةٍ لايَعرِفُ أحَدٌ مِنَ المَخلوقينَ لَها قيمَةً ؛ لِأَنَّها أرجَحُ مِن كُلِّ ثَمَنٍ ، وأجَلُّ مِن كُلِّ خَطَرٍ ۱ .

راجع : ص 58 (مخافة الفرقة) .
و ص 517 (موقع مصالح النظام الإسلامي في صدور الأحكام) .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۲ ، بحار الأنوار : ج۱۴ ص۴۷۲ ح۳۷ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
502

وَالأَفئِدَةُ ، وتَشَعَّبوا مُختَلِفينَ ، وتَفَرَّقوا مُتَحارِبينَ ، قَد خَلَعَ اللّهُ عَنهُم لِباسَ كَرامَتِهِ ، وسَلَبَهُم غَضارَةَ نِعمَتِهِ . وَبقِيَ قَصَصُ أخبارِهِم فيكُم عِبَرا لِلمُعتَبِرينَ .
فَاعتَبِروا بِحالِ وَلَدِ إسماعيلَ وبَني إسحاقَ وبَني إسرائيلَ عليهم السلام ؛ فَما أشَدَّ اعتِدالَ الأَحوالِ ، وأقرَبَ اشتِباهَ الأَمثالِ . تَأَمَّلوا أمرَهُم في حالِ تَشَتُّتِهِم وتَفَرُّقِهِم لَيالِيَ كانَتِ الأَكاسِرَةُ وَالقَياصِرَةُ أرباباً لَهُم ، يَحتازونَهُم عَن ريفِ الآفاقِ ، وبَحرِ العِراقِ وخُضرَةِ الدُّنيا إلى مَنابِتِ الشّيحِ ، ومَهافِي الرّيحِ ، ونَكَدِ المَعاشِ . فَتَرَكوهُم عالَةً مَساكينَ ، إخوانَ دَبَرٍ ووَبَرٍ ، أذَلَّ الاُمَمِ داراً ، وأجدَبَهُم قَراراً . لا يَأوونَ إلى جَناحِ دَعوَةٍ يَعتَصِمونَ بِها ، ولا إلى ظِلِّ اُلفَةٍ يَعتَمِدونَ علَى عِزِّها . فَالأَحوالُ مُضطَرِبَةٌ ، وَالأَيدي مُختَلِفَةٌ ، وَالكَثرَةُ مُتَفَرِّقَةٌ . في بَلاءِ أزلٍ ، وأَطباقِ جَهلٍ ! مِن بَناتٍ مَوؤُودَةٍ ، وأصنامٍ مَعبودَةٍ ، وأرحامٍ مَقطوعَةٍ ، وغاراتٍ مَشنونَةٍ .
فَانظُروا إلى مَواقِعِ نِعَمِ اللّهِ عَلَيهِم حينَ بَعَثَ إلَيهمِ رَسولاً ، فَعَقَدَ بِمِلَّتِهِ طاعَتَهُم ، وجَمَعَ عَلى دَعوَتِهِ اُلفَتَهُم . كَيفَ نَشَرَتِ النِّعمَةُ عَلَيهِم جَناحَ كَرامَتِها ، وأسالَت لَهُم جَداوِلَ نَعيمِها ، وَالتَفَّتِ المِلَّةُ بِهِم في عَوائِدِ بَرَكَتِها . فَأَصبَحوا في نِعمَتِها غَرِقينَ ، وفي خُضرَةِ عَيشِها فَكِهينَ . قَد تَرَبَّعَتِ الاُمورُ بِهِم ، في ظِلِّ سُلطانٍ قاهِرٍ ، وآوَتهُمُ الحالُ إلى كَنَفِ عِزٍّ غالِبٍ . وتَعَطَّفَتِ الاُمورُ عَلَيهِم في ذُرى مُلكٍ ثابِتٍ . فَهُم حُكّامٌ عَلَى العالَمينَ ، ومُلوكٌ في أطرافِ الأَرَضينَ . يَملِكونَ الاُمورَ عَلى مَن كانَ يَملِكُها عَلَيهِم . ويُمضونَ الأَحكامَ فيمَن كانَ يُمضيها فيهِم . لا تُغمَزُ لَهُم قَناةٌ ، ولا تُقرَعُ لَهُم صَفاةٌ ۱ .
ألَا وإنَّكُم قَد نَفَضتُم أيدِيَكُم مِن حَبلِ الطّاعَةِ . وثَلَمتُم حِصن اللّهِ المَضروبَ عَلَيكُم بِأَحكامِ الجاهِلِيَّةِ ؛ فَإِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ قَدِ امتَنَّ عَلى جَماعَة

1.الصَّفاة : الصخرة والحجر الأملَس ، والمراد أنّه لا ينالُهم أحد بسوء (النهاية : ج۳ ص۴۱) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 229762
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي