129
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

أهوَنُ سَيرِهِما فيهِ الوَجيفُ ۱ ، وأرفَقُ حِدائِهِمَا العَنيفُ ، وكانَ مِن عائِشَةَ فيهِ فَلتَةُ غَضَبٍ ، فَاُتيحَ لَهُ قَومٌ فَقَتَلوهُ ، وبايَعَنِي النّاسُ غَيرَ مُستَكرَهينَ ولا مُجبَرينَ ، بَل طائِعينَ مُخَيَّرينَ .
وَاعلَموا أنَّ دارَ الهِجرَةِ قَد قَلَعَت بِأَهلِها وقَلَعوا بِها ، وجاشَت جَيشَ المِرجَلِ ۲ ، وقامَتِ الفِتنَةُ عَلَى القُطبِ ، فَأَسرِعوا إلى أميرِكُم ، وبادِروا جِهادَ عَدُوِّكُم ، إن شاءَ اللّهُ عَزَّ وجَلَّ ۳ .

4 / 5

خُطبَةُ الإِمامِ لَمّا أرادَ المَسيرَ إلَى البَصرَةِ

۲۱۳۷.شرح نهج البلاغة عن الكلبي :لَمّا أرادَ عَلِيٌّ عليه السلام المَسيرَ إلَى البَصرَةِ ، قامَ فَخَطَبَ النّاسَ ، فَقالَ ـ بَعدَ أن حَمِدَ اللّهَ وصلّى عَلى رَسولِهِ صلى الله عليه و آله ـ : إنَّ اللّهَ لَمّا قَبَضَ نَبِيَّهُ استَأثَرَت عَلَينا قُرَيشٌ بِالأَمرِ ، ودَفَعَتنا عَن حَقٍّ نَحنُ أحَقُّ بِهِ مِنَ النّاسِ كافَّةً ، فَرَأَيتُ أنَّ الصَّبرَ عَلى ذلِكَ أفضَلُ مِن تَفريِقِ كَلِمَةِ المُسلِمينَ وسَفكِ دِمائِهِم . وَالنّاسُ حَديثو عَهدٍ بِالإِسلامِ ، وَالدّينُ يُمخَضُ مَخضَ الوَطبِ ۴ ، يُفسِدُهُ أدنى وَهنٍ ، ويَعكِسُهُ أقَلُّ خُلفٍ . فَوَلِيَ الأَمرَ قَومٌ لَم يَألوا في أمرِهِمُ اجتِهادا ، ثُمَّ انتَقَلوا إلى دارِ الجَزاءِ ، وَاللّهُ وَلِى

1.الوجيف : هو ضَرْبٌ من السير سريعٌ (النهاية : ج۵ ص۱۵۷) .

2.المِرْجَل : قِدرٌ من نحاس ، وقيل : يطلق على كلّ قدر يُطبخ فيها (المصباح المنير : ص۲۲۱) .

3.نهج البلاغة : الكتاب ۱ ، الأمالي للطوسي : ص۷۱۸ ح۱۵۱۸ عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري وليس فيه من «ولا مجبرين . . .» ، المناقب لابن شهر آشوب : ج۳ ص۱۵۱ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۸۴ ح۵۶ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۱۴ ص۸ وفيه «روى محمّد بن إسحاق عن عمّه عبد الرحمن بن يسار القرشي قال : لمّا نزل عليّ عليه السلام الربذة متوجّها إلى البصرة بعث إلى الكوفة محمّد بن جعفر بن أبي طالب ، ومحمّد بن أبي بكر الصدّيق ، وكتب إليهم هذا الكتاب ، وزاد في آخره : فحسبي بكم إخوانا وللدين أنصارا ، ف «انفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَـهِدُواْ بِأَمْوَ لِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ذَ لِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ» التوبة : ۴۱» .

4.الوَطْب : الزقّ الذي يكون فيه السمن واللبن ، وهو جلد الجذع ـ الشابّ الفتي من الحيوانات ـ فما فوقه (النهاية : ج۵ ص۲۰۳) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
128

تَخرُج مِنها ؛ فَوَاللّهِ لَئِن خَرَجتَ مِنها لا تَرجِعُ إلَيها ، ولا يَعودُ إلَيها سُلطانُ المُسلِمينَ أبَدا ، فَسَبّوهُ فَقالَ : دَعُوا الرَّجُلَ ؛ فَنِعمَ الرَّجُلُ مِن أصحابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله . وسارَ حَتَّى انتَهى إلَى الرَّبَذَةِ فَبَلَغَهُ مَمَرُّهُم ، فَأَقامَ حينَ فاتوهُ يَأتَمِرُ بِالرَّبَذَةِ ۱ .

۲۱۳۵.الجمل :ثُمَّ خَرَجَ في سَبعِمِئَةِ رَجُلٍ مِنَ المُهاجِرينَ وَالأَنصارِ ، وَاستَخلَفَ عَلَى المَدينَةِ تَمّامَ بنَ العَبّاسِ ، وبَعَثَ قُثَمَ بنَ العَبّاسِ إلى مَكَّةَ ، ولَمّا رَأى أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام التَّوَجُّهَ إلَى المَسيرِ طالِبا لِلقَومِ رَكِبَ جَمَلاً أحمَرَ وقادَ كُمَيتا ۲ وسارَ وهُوَ يَقولُ :

سيروا أبابيلَ وحُثُّوا السَّيرا
كَي نَلحَقَ التَّيمِيَّ وَالزُّبَيرا

إذ جَلَبَا الشَّرَّ وعافَا الخَيرا
يا رَبِّ أدخِلهُم غَدا سُعَيرا

وسارَ مُجِدّا فِي السَّيرِ حَتّى بَلَغَ الرَّبَذَةَ ، فَوَجَدَ القَومَ قَد فاتوا ، فَنَزَلَ بِها قَليلاً ثُمَّ تَوَجَّهَ نَحوَ البَصرَةِ ، وَالمُهاجِرونَ وَالأَنصارُ عَن يَمينِهِ وشِمالِهِ ، مُحدِقونَ بِهِ مَعَ مَن سَمِعَ بِمَسيرِهِم ، فَاتَّبَعَهُم حَتّى نَزَلَ بِذي قارٍ فَأَقامَ بِها ۳ .

4 / 4

كِتابُ الإِمامِ إلى أهلِ الكوفَةِ عِندَ المَسيرِ مِنَ المَدينَةِ

۲۱۳۶.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن كِتابٍ لَهُ إلى أهلِ الكوفَةِ عِندَ مَسيرِهِ مِن المَدينَةِ إلَى البَصرَةِ ـ: مِن عَبدِ اللّهِ عَليٍّ أميرِ المُؤمِنينَ إلى أهلِ الكوفَةِ ؛ جَبهَةِ الأَنصارِ ، وسَنامِ العَرَبِ .
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنّي اُخبِرُكُم عَن أمرِ عُثمانَ حَتّى يَكونَ سَمعُهُ كَعِيانِهِ : إنَّ النّاسَ طَعَنوا عَلَيهِ ، فَكُنتُ رَجُلاً مِنَ المُهاجِرينَ اُكثِرُ استِعتابَهُ ، واُقِلُّ عِتابَهُ ، وكانَ طَلحَةُ وَالزُّبَير

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۵۵ وراجع تاريخ ابن خلدون : ج۲ ص۶۱۱ .

2.الكُمَيت : أقوى الخيل (لسان العرب : ج۲ ص۸۱) .

3.الجمل : ص۲۴۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 193559
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي