163
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

وخَرَجا حَتّى دَخَلا عَلى طَلحَةَ فَقالا لَهُ : نَنشُدُكَ اللّهَ أن تُهراقَ الدِّماءُ بِسَبَبِكَ ! فَقالَ لَهُما طَلحَةُ : أ يُحِبُّ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ أنَّهُ إذا غَلَبَ عَلى أمرِ المَدينَةِ أنَّ الأَمرَ لَهُ ، وأنَّهُ لا أمرَ إلّا أمرُهُ ؟ وَاللّهِ لَيَعلَمَنَّ ، فَانصَرِفا مِن حَيثُ جِئتُما . فَانصَرَفا مِن عِندِهِ إلى عُثمانَ بنِ حُنَيفٍ فَأَخبَراهُ الخَبَرَ .
ورَوَى ابنُ أبي سَبرَةَ عَن عيسَى بنِ أبي عيسى عَنِ الشَّعبِيِّ أنَّ أبَا الأَسوَدِ الدُّؤَلِيَّ وعِمرانَ لَمّا دَخَلا عَلى عائِشَةَ قالا لَها : مَا الَّذي أقدَمَكِ هذَا البَلَدَ وأنتِ حَبيسَةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وقَد أمَرَكِ أن تَقَرّي في بَيتِكِ ؟ فَقالَت : غَضِبتُ لَكُم مِنَ السَّوطِ وَالعَصا ، ولا أغضَبُ لِعثمانَ مِنَ السَّيفِ ؟! فَقالا لَها : نَنشُدُكِ اللّهَ أن تُهراقَ الدِّماءُ بِسَبَبِكِ ، وأن تَحمِلِي النّاسَ بَعضَهُم عَلى بَعضٍ ، فَقالَت لَهُما : إنَّما جِئتُ لِاُصلِحَ بَينَ النّاسِ . وقالَت لِعِمرانَ بنِ الحُصَينِ : هَل أنتَ مُبَلِّغٌ عُثمانَ بنَ حُنَيفٍ رِسالَةً ؟ فَقالَ : لا اُبَلِّغُهُ عَنكِ إلّا خَيراً . فَقالَ لَها أبُو الأَسوَدِ : أنَا اُبَلِّغُهُ عَنكِ فَهاتي ، قالَت : قُل لَهُ : يا طَليقَ ابنَ أبي عامِرٍ، بَلَغَني أنَّكَ تُريدُ لِقائي لِتُقاتِلَني ! فَقالَ لَها أبُو الأَسوَدِ : نَعَم وَاللّهِ لَيُقاتِلَنَّكِ . فَقالَت : وأنتَ أيضا أيُّهَا الدُّؤَلِيُّ ؟ ! يَبلُغُني عَنكَ ما يَبلُغُني ! قُم فَانصَرِف عَنّي .
فَخَرَجا مِن عِندِها إلى طَلحَةَ فَقالا لَهُ : يا أبا مُحَمَّدٍ ! أ لَم يَجتَمِعِ النّاسُ إلى بَيعَةِ ابنِ عَمِّ رَسولِ اللّهِ الَّذي فَضَّلَهُ اللّهُ تَعالى كَذا وكَذا ؟ وجَعَلا يَعُدّانِ مَناقِبَ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وفَضائِلَهُ وحُقوقَهُ ، فَوقَعَ طَلحَةُ بِعَلِيٍّ عليه السلام وسَبَّهُ ونالَ مِنهُ وقالَ : إنَّهُ لَيسَ أحَدٌ مِثلَهُ ، أمَ وَاللّهِ لَيَعلَمَنَّ غِبَّ ۱ ذلِكَ . فَخَرَجا مِن عِندِهِ وهُما يَقولانِ : غَضِبَ هذَا الدَّنيءُ ، ثُمَّ دَخَلا عَلَى الزُّبَيرِ فَكَلَّماهُ مِثلَ كَلامِهِما لِصاحِبِهِ ، فَوَقَعَ أيضاً في عَلِيٍّ عليه السلام وسَبَّهُ ، وقالَ لِقَومٍ كانوا بِمَحضَرٍ مِنهُ : صَبِّحوهُم قَبلَ أن يُمسوكُم ، فَخَرَجا مِن

1.غِبُّ كلّ شيء : عاقبته (لسان العرب : ج۱ ص۶۳۵) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
162

فَقالَ عُثمانُ : إي ورَبِّ الحَرَمَينِ لَأَفعَلَنَّ ۱ .

۲۱۵۹.الجمل عن الواقدي وأبي مِخنَف عن أصحابهما والمدائني وابن دأب عن مشايخهما بالأسانيد :إنَّ عائِشَةَ وطَلحَةَ وَالزُّبَيرَ لَمّا ساروا مِن مَكَّةَ إلَى البَصرَةِ أغَذُّوا ۲ السَّيرَ مَعَ مَنِ اتَّبَعَهُم مِن بَني اُميَّةَ وعُمّالِ عُثمانَ وغَيرِهِم مِن قُرَيشٍ ، حَتّى صاروا إلَى البَصرَةِ ، فَنَزَلوا حَفَرَ أبي موسى ، فَبَلَغَ عُثمانَ بنَ حُنَيفٍ وهُوَ عامِلُ البَصرَةِ يَومَئِذٍ ، وخَليفَةُ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، وكانَ عِندَهُ حُكَيمُ بنُ جَبَلَةَ ، فَقالَ لَهُ حُكَيمٌ : مَا الَّذي بَلَغَكَ ؟ فَقالَ : خُبِّرتُ أنَّ القَومَ قَد نَزَلوا حَفَرَ أبي موسى ، فَقالَ لَهُ حُكَيمٌ : اِيذَن لي أن أسيرَ إلَيهِم ؛ فَإِنّي رَجُلٌ في طاعَةِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، فَقالَ لَهُ عُثمانُ : تَوَقَّف عَن ذلِكَ حَتّى اُراسِلَهُم ، فَقالَ لَهُ حُكَيمٌ : إنّا للّهِِ ، هَلَكتَ وَاللّهِ يا عُثمانُ !
فَأَعرَضَ عَنهُ وأَرسَلَ إلى عِمرانَ بنِ حُصَينٍ وأبِي الأسوَدِ الدُّؤَلِيِّ ، فَذَكَرَ لَهُما قُدومَ القَومِ البَصرَةَ وحُلولَهُم حَفَرَ أبي موسى ، وسَأَلَهُمَا المَسيرَ إلَيهِم وخِطابَهُم عَلى ما قَصَدوا به ، وكَفَّهُم عَنِ الفِتنَةِ ، فَخَرَجا حَتّى دَخَلا عَلى عائِشَةَ فَقالا لَها :
يا اُمَّ المُؤمِنينَ ! ما حَمَلَكِ عَلَى المَسيرِ ؟ فَقالَت : غَضِبتُ لَكُما مِن سَوطِ عُثمانَ وعَصاهُ، ولا أغضَبُ أن يُقتَلَ ؟!
فَقالا لَها : وما أنتِ مِن سوطِ عُثمانَ وعَصاهُ وإنَّما أنتِ حَبيسَةُ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟نُذَكِّرُكِ اللّهَ أن تُهراقَ الدِّماءُ بِسَبَبِكِ . فَقالَت : وهَل مِن أحَدٍ يُقاتِلُني ؟فَقالَ لَها أبُو الأَسوَدِ : نَعَم وَاللّهِ؛ قِتالاً أهوَنُهُ شَديدٌ !
ثُمَّ خَرَجا مِن عِندِها ، فَدَخَلا عَلَى الزُّبَيرِ فَقالا : يا أبا عَبدِ اللّهِ ! نَنشُدُكَ اللّهَ أن تُهراقَ الدِّماءُ بِسَبَبِكَ ! فَقالَ لَهُما : اِرجِعا مِن حَيثُ جِئتُما ، لا تُفسِدا عَلَينا . فَأَيِسا مِنه

1.أنساب الأشراف : ج۳ ص۲۴ وراجع بلاغات النساء : ص۱۷ والمعيار والموازنة : ص۵۷ .

2.أغَذّ : أسرع في السير (النهاية : ج۳ ص۳۴۷) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 193838
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي