419
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

مُعاوِيَةُ ! إنَّ الدُّنيا عَنكَ زائِلَةٌ ، وإنَّكَ راجِعٌ إلَى الآخِرَةِ ، وإنَّ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ مُحاسِبُكَ بِعَمَلِكَ ، وجازيكَ بِما قَدَّمَت يَداكَ ، وإنّي أنشُدُكَ اللّهَ عَزَّ وجَلَّ أن تُفَرِّقَ جَماعَةَ هذِهِ الاُمَّةِ ، وأن تَسفِكَ دِماءَها بَينَها !
فَقَطَعَ عَلَيهِ الكَلامَ ، وقالَ : هَلّا أوصَيتَ بِذلِكَ صاحِبَكَ ؟
فَقالَ أبو عَمرَةَ : إنَّ صاحِبي لَيسَ مِثلَكَ ، صاحِبي أحَقُّ البَرِيَّةِ كُلِّها بِهذَا الأَمرِ فِي الفَضلِ وَالدّينِ وَالسّابِقَةِ فِي الإِسلامِ ، وَالقَرابَةِ مِنَ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله .
قالَ : فَيَقولُ ماذا ؟
قالَ : يَأمُرُكَ بِتَقوَى اللّهِ عَزَّ وجَلَّ ، وإجابَةِ ابنِ عَمِّكَ إلى ما يَدعوكَ إلَيهِ مِنَ الحَقِّ ، فَإِنَّهُ أسلَمُ لَكَ في دُنياكَ ، وخَيرٌ لَكَ في عاقِبَةِ أمرِكَ .
قالَ مُعاوِيَةُ : ونُطِلُّ ۱ دَمَ عُثمانَ ! لا وَاللّهِ ، لا أفعَلُ ذلِكَ أبَدا .
فَذَهَبَ سَعيدُ بنُ قَيسٍ يَتَكَلَّمُ ، فَبادَرَهُ شَبَثُ بنُ رِبعِيٍّ فَتَكَلَّمَ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، وقالَ : يا مُعاوِيَةُ ! إنّي قَد فَهِمتُ ما رَدَدتَ عَلَى ابنِ مِحصَنٍ ، إنَّهُ وَاللّهِ ، لا يَخفى عَلَينا ما تَغزو وما تَطلُبُ ، إنَّكَ لم تَجِد شَيئا تَستَغوي بِهِ النّاسَ وتَستَميلُ بِهِ أهواءَهُم ، وتَستَخلِصُ بِهِ طاعَتَهُم ، إلّا قَولَكَ : «قُتِلَ إمامُكُم مَظلوما ، فَنَحنُ نَطلُبُ بِدَمِهِ» ، فَاستَجابَ لَكَ ۲ سُفَهاءُ طَغامٌ ، وقَد عَلِمنا أن قَد أبطَأتَ عَنهُ بِالنَّصرِ ، وأحبَبتَ لَهُ القَتلَ ، لِهذِهِ المَنزِلَةِ الَّتي أصبَحتَ تَطلُبُ ، ورُبَّ مُتَمَنّي أمرٍ وطالِبِهِ ، اللّهُ عَزَّ وجَلَّ يَحولُ دونَهُ بِقُدرَتِهِ ، ورُبَّما اُوتِيَ المُتَمَنّي اُمنِيَّتَهُ وفَوقَ اُمنِيَّتِهِ .
ووَاللّهِ ، ما لَكَ في واحِدَةٍ مِنهُما خَيرٌ ، لَئِن أخطَأتَ ما تَرجو إنَّكَ لَشَرُّ العَرَبِ حالاً في ذلِكَ ، ولَئِن أصَبتَ ما تَمَنّى لا تُصيبُهُ حَتّى تَستَحِقَّ مِن رَبِّكَ صُلِيَّ النّارِ ، فَاتَّقِ اللّه

1.الطَّلُّ : هَدْرُ الدَّم (لسان العرب : ج۱۱ ص۴۰۵) .

2.في المصدر : «له» ، والصواب ما أثبتناه كما في المصادر الاُخرى .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
418

۲۴۵۳.شرح نهج البلاغةـ في ذِكرِ القِتالِ عَلَى الماءِ وَاستيلاءِ أصحابِ الإِمامِ عَلَيهِ ـ: فَقالَ لَهُ أصحابُهُ وشيعَتُهُ : اِمنَعهُمُ الماءَ يا أميرَ المُؤمِنينَ ! كَما مَنَعوكَ ، ولا تَسقِهِم مِنهُ قَطرَةً ، وَاقتُلهُم بِسُيوفِ العَطَشِ ، وخُذهُم قَبضا بِالأَيدي فَلا حاجَةَ لَكَ إلَى الحَربِ .
فَقالَ : لا وَاللّهِ ، لا اُكافِئُهُم بِمِثلِ فِعلِهِم ، افسَحوا لَهم عَن بَعضِ الشَّريعَةِ ، فَفي حَدِّ السَّيفِ ما يُغني عَن ذلِكَ ۱ .

7 / 6

إقامَةُ الحُجَّةِ في ساحَةِ القِتالِ

۲۴۵۴.تاريخ اليعقوبي :وجَّهَ عَلِيٌّ إلى مُعاوِيَةَ يَدعوهُ ويَسأَلُهُ الرُّجوعَ ، وألّا يُفَرِّقَ الاُمَّةَ بِسَفكِ الدِّماءِ ، فَأَبى إلَا الحَربَ ۲ .

۲۴۵۵.تاريخ الطبري عن عبد الملك بن أبي حرّة الحنفيـ بَعدَ ذِكرِ القِتالِ عَلَى الماءِ ـ: مَكَثَ عَلِيٌّ يَومَينِ لا يُرسِلُ إلى مُعاوِيَةَ أحَدا ، ولا يُرسِلُ إلَيهِ مُعاوِيَةُ . ثُمَّ إنَّ عَلِيّا دَعا بَشيرَ بنَ عَمرِو بنِ مِحصَنٍ الأَنصارِيَّ ، وسَعيدَ بنَ قَيسٍ الهَمدانِيَّ ، وشَبَثَ بنَ رِبعِيٍّ التَّميمِيَّ ، فَقالَ : اِيتوا هَذَا الرَّجُلَ ، فَادعوهُ إلَى اللّهِ ، وإلَى الطّاعَةِ وَالجَماعَةِ .
فَقالَ لَهُ شَبَثُ بنُ رِبعِيٍّ : يا أميرَ المُؤمِنينَ !أ لا تُطمِعُهُ في سُلطانٍ تُوَلّيهِ إيّاهُ ، ومَنزِلَةٍ يَكونُ لَهُ بِها اُثرَةٌ عِندَكَ إن هُوَ بايَعَكَ ؟
فَقالَ عَلِيٌّ : اِيتوهُ فَالقَوهُ وَاحتَجّوا عَلَيهِ ، وَانظُروا ما رَأيُهُ . ـ وهذا في أوَّلِ ذِي الحِجَّةِ ـ.
فَأَتَوهُ ، ودَخَلوا عَلَيهِ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ أبو عَمرَةَ بَشيرُ بنُ عَمرٍو ، وقالَ : يا

1.شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۲۴ وج ۳ ص۳۳۱ نحوه ، ينابيع المودّة : ج۱ ص۴۵۱ ؛ بحار الأنوار : ج۳۲ ص۴۴۳ .

2.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۸۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 161864
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي