455
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

الفِئَةُ الباغِيَةُ» ۱ ، وقال : «لَيسَ يَنبَغي لِعَمّارٍ أن يُفارِقَ الحَقَّ ، ولَن تَأكُلَ النّارُ مِنهُ شَيئا» ۲ ، وقال : «إذَا اختَلَفَ النّاسُ كانَ ابنُ سُمَيَّةَ مَعَ الحَقِّ . . .» ۳ .
وحاول الكثيرون أن يروا عمّارا ، ويسمعوا كلامه ؛ كي يستزيدوا من التعرّف على حقّانيّة أمير المؤمنين عليه السلام من خلال كلام هذا الشيخ الجليل الفتيّ القلب . . . الذي ينبع حديثه من أعماق قلبه ، من أجل أن يتثبّتوا من مواضع أقدامهم .
ولمّا تجندل ذلك الشيخ المتفاني ذو القدّ الممشوق ، وتضمّخ بدمه ، وشرب كأس المنون . . . كبر ذلك على كلا الجيشين . ورأى مثيرو الفتنة ومسعّرو الحرب ما أخبر به رسول اللّه صلى الله عليه و آله باُمّ أعينهم ، وإذ شقّ عليهم وصمة «الفئة الباغية» فلابدّ أن يحتالوا بتنميق فتنة اُخرى وخديعة ثانية ؛ ليحولوا دون تضعضع جندهم ، وهذا ما فعله معاوية ۴ .
فقد إمامنا العظيم ـ صلوات اللّه عليه ـ أخلص أصحابه وأفضلهم ، وقُطع عضده المقتدر ، واغتمّت نفسه المقدّسة وضاق صدره ، فقال : رَحِمَ اللّهُ عَمّارا يَومَ أسلَمَ ، ورَحِمَ اللّهُ عَمّارا يَومَ قُتِلَ ، ورَحِمَ اللّهُ عَمّارا يَومَ يُبعَثُ حَيّا . ۵

۲۵۰۴.تاريخ بغداد عن أبي أيّوب :سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ لِعَمّارٍ : يا عَمّارُ ، تَقتُلُكَ الفِئَةُ الباغِيَةُ ، وأنتَ إذ ذاكَ مَعَ الحَقِّ وَالحَقُّ مَعَكَ ، يا عَمّارَ بنَ ياسِرٍ ، إن رَأَيتَ عَلِيّا قَد

1.وقعة صفّين : ص۳۳۵ .

2.وقعة صفّين : ص۳۳۵ عن عمرو بن العاص .

3.المعجم الكبير : ج۱۰ ص۹۶ ح۱۰۰۷۱ ، دلائل النبوّة للبيهقي : ج۶ ص۴۲۲ ، البداية والنهاية : ج۷ ص۲۷۱ .

4.تاريخ الطبري : ج۵ ص۴۱ ، العقد الفريد : ج۳ ص۳۳۷ ، الفتوح : ج۳ ص۱۵۹ ، شرح نهج البلاغة : ج۲۰ ص۳۳۴ ح۸۳۵ ؛ وقعة صفّين : ص۳۴۳ .

5.الطبقات الكبرى : ج۳ ص۲۶۲ ، تاريخ دمشق : ج۴۳ ص۴۷۶ كلاهما عن محمّد بن عمر وغيره ، كنزالعمّال : ج۱۳ ص۵۳۹ ح۳۷۴۱۱ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
454

إنّ عمّارا وما تحمّله من مشاقّ وجهود في سبيل الدين وإرساء دعائم المجتمع الإسلامي الفتيّ صفحة مشرقة تتألّق في التأريخ الإسلامي ؛ فكان ذا بصيرة ثاقبة ، ورؤية نافذة ، وخطوات وطيدة ، فقد كان يرى الشرك على حقيقته من بين ركام المكر والخديعة والظواهر المموّهة بالإسلام والتوحيد . وكان يقف وقفة مهيبة أمام راية أهل الشام ويقول :
وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ لَقَد قاتَلتُ بِهذِهِ الرّايَةِ مَعَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ثَلاثَ مَرّاتٍ ، وهذِهِ الرّابِعَةُ . وَالّذي نَفسي بِيَدِهِ لَو ضَرَبونا حَتّى يَبلُغوا بِنا شَعَفاتِ هَجَرَ لَعَرَفتُ أنَّ مُصلِحينا عَلَى الحَقِّ ، وأنَّهُم عَلَى الضَّلالَةِ ۱ .
وهكذا كان وجود عمّار في صفّين باعثا على زهو البعض ، ومولّدا الذعر في نفوس البعض الآخر ، ومثيرا للتأمّل عند آخرين .
ولمّا علم الزبير بحضوره في معركة الجمل ، طفق يتضعضع ۲ . وأرابَ وجودُه في صفّين كثيرا من أصحاب معاوية ، وذلك أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله كان قد قال له : «تَقتُلُكَ الفِئَةُ الباغِيَةُ» ۳ ، وقال : «يَلتَقي أهلُ الشّامِ وأهلُ العِراقِ ، وعَمّارٌ في أهلِ الحَقِّ تَقتُلُه

1.مسند ابن حنبل : ج۶ ص۴۸۰ ح۱۸۹۰۶ ، مسند أبي يعلى : ج۲ ص۲۶۲ ح۱۶۰۷ ، العقد الفريد : ج۳ ص۳۳۶ وفيه «سعفات» بدل « شعفات » .

2.الأخبار الطوال : ص۱۴۷ ، تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۱۰ .

3.نقل سبعة وعشرون صحابيّا هذا الحديث بألفاظ مختلفة ، راجع : صحيح البخاري : ج۱ ص۱۷۲ ح۴۳۶ وج۳ ص۱۰۳۵ ح۲۶۵۷ ، صحيح مسلم : ج۴ ص۲۲۳۵ ح۷۰ و ص۲۲۳۶ ح۷۲ ، سنن الترمذي : ج۵ ص۶۶۹ ح۳۸۰۰ ، مسند ابن حنبل : ج۲ ص۶۵۴ ح۶۹۴۳ و ج۶ ص۲۲۹ ح۱۷۷۸۱ ، المستدرك على الصحيحين : ج۳ ص۴۳۵ ح۵۶۵۷ و ص۴۳۶ ح۵۶۵۹ و ح۵۶۶۰ و ص۴۴۲ ح۵۶۷۶ ، مسند البزّار : ج۴ ص۲۵۶ ح۱۴۲۸ ، المعجم الكبير : ج۵ ص۲۲۱ ح۵۱۴۶ و ج۲۳ ص۳۶۳ ح۸۵۲ ـ ۸۵۷ ، مسند أبي يعلى : ج۶ ص۳۵۵ ح۷۱۳۹ ، الطبقات الكبرى : ج۳ ص۲۵۱ ـ ۲۵۳ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۳ ص۵۷۱ و ص۵۷۷ ـ ۵۷۹ ، الاستيعاب : ج۳ ص۲۳۱ الرقم۱۸۸۳ ، الإصابة : ج۴ ص۴۷۴ الرقم۵۷۲۰ وفيهما «تواترت الآثار عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال : تقتل عمّارا الفئة الباغية» ، الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة : ص۷۶ ح۱۰۴ ، البداية والنهاية : ج۷ ص۲۶۷ ـ ۲۷۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 192213
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي