493
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

الفصل العاشر : أشدّ الأيّام

10 / 1

وَقعَةُ الخَميسِ

كان يوم الخميس أشدّ أيّام الحرب في صفّين وأكثرها فزعا ؛ فقد كان الإمام عليه السلام يقاتل قتالاً شديدا في خضمّ تلك المعركة مضافا إلى قيادته للجيش .
وكان يُهيج الجيش للقتال بما صنعه من ملاحم عظيمة مثيرة تشجّع على خوض الحرب . ولم يهدأ القتال يومئذٍ لحظةً واحدةً ، حتى صلّى الجند وهم يقاتلون .
وكثر القتلى حتى صاروا كالتلّ ، وجُرح مالا يُحصى من الجيش ، وقتل الإمام عليه السلام آنذاك في يوم واحد (523) من مُنازِلي الأقران ، ومن شجعان العرب . وكان كلّما قتل يكبّر ، ومن تكبيرات الإمام عليه السلام كانوا يعرفون عدد من يُصرع من العدوّ .
وقد سُمّي ذلك اليوم «وَقعَةَ الخَميسِ» أو «يَومَ الهَريرِ ۱ » .

1.قال المجلسي قدس سره ـ في بيان وجه تسمية ليلة الهرير ـ : إنّما سمّيت الليلة بليلة الهرير لكثرة أصوات الناس فيها للقتال ، وقيل : لاضطرار معاوية وفزعه عند شدّة الحرب واستيلاء أهل العراق كالكلب ؛ فإنّ الهرير أنين الكلب عند شدّة البرد (مرآة العقول : ج۱۵ ص۴۲۷) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
492

هِندٍ إلَيَّ عَقلي ، وحَتّى مَتى اُجَمجِمُ عَلى ما في نَفسي ؟ ! فَكَتَبَ إلَيهِ :
أمّا بَعدُ ؛ فَقَد أتاني كِتابُكَ وقَرَأتُهُ ، فَأَمّا ما ذَكَرتَ مِن سُرعَتِنا إلَيكَ بِالمَساءَةِ في أنصارِ ابنِ عَفّانَ ، وكَراهِيَتِنا لِسُلطانِ بَني اُمَيَّةَ ، فَلَعَمري لَقَد أدرَكتَ في عُثمانَ حاجَتَكَ حينَ استَنصَرَكَ فَلَم تَنصُرهُ ، حَتّى صِرتَ إلى ما صِرتَ إلَيهِ ، وبَيني وبَينَكَ في ذلِكَ ابنُ عَمِّكَ وأخو عُثمانَ الوَليدُ بنُ عُقبَةَ . وأمّا طَلحَةُ وَالزُّبَيرُ ؛ فَإِنَّهُما أجلَبا عَلَيهِ ، وضَيَّقا خِناقَهُ ، ثُمَّ خَرَجا يَنقُضانِ البَيعةَ ويَطلُبانِ المُلكَ ، فَقاتَلناهُما عَلَى النَّكثِ ، وقاتَلناكَ عَلَى البَغِي . وأمّا قَولُكَ : إنَّهُ لَم يَبقَ مِن قُرَيشٍ غَيرُ سِتَّةٍ ؛ فَما أكثَرَ رِجالَها وأحسَنَ بَقِيَّتَها ، وقَد قاتَلَكَ مِن خِيارِها مَن قاتَلَكَ ، لَم يَخذُلنا إلّا مَن خَذَلَكَ . وأمّا إغراؤُكَ إيّانا بِعَدِيٍّ وتَيمٍ ؛ فَأَبو بَكرٍ وعُمَرُ خَيرٌ مِن عُثمانَ ، كَما أنَّ عُثمانَ خَيرٌ مِنكَ ، وقَد بَقِيَ لَكَ مِنّا يَومٌ يُنسيكَ ما قَبلَهُ ، ويُخافُ ما بَعدَهُ . وأمّا قَولُكَ : إنَّه لَو بايَعَ النّاسُ لي لاَاستقامَت لي ، فَقَد بايَعَ النّاسُ عَلِيّا وهُوَ خَيرٌ مِنّي فَلَم يَستَقيموا لَهُ ، وإنَّمَا الخِلافَةُ لِمَن كانَت لَهُ فِي المَشوَرَةِ . وما أنتَ يا مُعاوِيَةُ وَالخِلافَةَ ، وأنتَ طَليقٌ ؟ ! وَابنُ طَليقٍ ، وَالخِلافَةُ لِلمُهاجِرينَ الأَوَّلينَ ، ولَيسَ الطُّلَقاءُ مِنها في شَيءٍ . وَالسَّلامُ ۱ .

1.وقعة صفّين : ص۴۱۵ ، الدرجات الرفيعة : ص۱۱۳ ؛ الفتوح : ج۳ ص۱۵۳ ، شرح نهج البلاغة : ج۸ ص۶۶ ، المناقب للخوارزمي : ص ۲۵۷ ح۲۴۰ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۱۳۳ نحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 159094
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي