507
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

فَاختَلَفَ أصحابُ عَلِيٍّ فِي الرَّأيِ ، فَطائِفَةٌ قالَت : القِتالُ ،وطائِفَةٌ قالَت : المُحاكَمَةُ إلَى الكِتابِ ، ولا يَحِلُّ لَنَا الحَربُ وقَد دُعينا إلى حُكمِ الكِتابِ ۱ .

۲۵۷۳.وقعة صفّين عن صعصعة :أقبَلَ عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! إن كانَ أهلُ الباطِلِ لا يَقومونَ بِأَهلِ الحَقِّ ؛ فَإِنَّهُ لم يُصَب عُصبَةٌ مِنّا إلّا وقَد اُصيبَ مِثلُها مِنهُم ، وكلٌّ مَقروحٌ ، ولكِنّا أمثَلُ بَقِيَّةً مِنهُم ، وقَد جَزِعَ القَومُ ، ولَيسَ بَعدَ الجَزَعِ إلّا ما تُحِبُّ ، فَناجِزِ القَومَ .
فَقامَ الأَشتَرُ النَّخَعِيُّ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! إنَّ مُعاوِيَةَ لا خَلَفَ لَهُ مِن رِجالِهِ ، ولَكَ بِحَمدِ اللّهِ الخَلَفُ ، ولَو كانَ لَهُ مِثلُ رِجالِكَ لَم يَكُن لَهُ مِثلُ صَبرِكَ ولا بَصَرِكَ ، فَاقرَعِ الحَديدَ بِالحَديدِ ، وَاستَعِن بِاللّهِ الحَميدِ .
ثُمَّ قامَ عَمرُو بنُ الحَمِقِ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! إنّا وَاللّهِ ما أجَبناكَ ، ولا نَصَرناكَ عَصَبِيَّةً عَلَى الباطِلِ ولا أجَبنا إلَا اللّهَ عَزَّ وجَلَّ ، ولا طَلَبنا إلَا الحَقَّ ، ولَو دَعانا غَيرُكَ إلى مادَعَوتَ إلَيهِ لاستَشرى فيهِ اللَّجاجُ ، وطالَت فيهِ النَّجوى ؛ وقَد بَلَغَ الحَقُّ مَقطَعَهُ ، ولَيسَ لَنا مَعَكَ رَأيٌ .
فَقامَ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ مُغضِباً فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! إنّا لَكَ اليَومَ عَلى ما كُنّا عَلَيهِ أمسِ ، ولَيسَ آخِرُ أمرِنا كَأَوَّلِهِ ، وما مِنَ القَومِ أحَدٌ أحنى عَلى أهلِ العِراقِ ولا أوتَرَ لِأَهلِ الشّامِ مِنّي ؛ فَأَجِبِ القَومَ إلى كِتابِ اللّهِ ؛ فَإِنَّكَ أحَقُّ بِهِ مِنهُم ، وقَد أحَبَّ النّاسُ البَقاءَ ، وكَرِهُوا القِتالَ .
فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : إنَّ هذا أمرٌ يُنظَرُ فيهِ .
وذَكَروا أنَّ أهلَ الشّامِ جَزِعوا فَقالوا : يا مُعاوِيَةُ ! ما نَرى أهلَ العِراقِ أجابوا إلى

1.وقعة صفّين : ص۴۷۸ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۵۲۹ وص۵۳۰ ح۴۴۶ و ۴۴۷ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۲۱۱ ، ينابيع المودّة : ج۲ ص۱۲ وراجع الأخبار الطوال : ص۱۸۸ ـ ۱۹۰ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
506

ورُفِعَ في عَسكَرِ مُعاوِيَةَ نَحوٌ مِن خَمسِمِئَةِ مُصحَفٍ .
وفي ذلِكَ يَقولُ النَّجاشِيُّ بنُ الحارِثِ :

فَأَصبَحَ أهلُ الشّامِ قَد رَفَعُوا القَنا
عَلَيها كِتابُ اللّهِ خَيرُ قُرانِ

ونادَوا عَلِيّا يَا ابنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ
أما تَتَّقي أن يَهلِكَ الثَّقَلانِ

فَلَمّا رَأى كَثيرٌ مِن أهلِ العِراقِ ذلِكَ قالوا : نُجيبُ إلى كِتابِ اللّهِ ونُنيبُ إلَيهِ ، وأحَبَّ القَومُ المُوادَعَةَ ، وقيلَ لِعَلِيٍّ : قَد أعطاكَ مُعاوِيَةُ الحَقَّ ، ودَعاكَ إلى كِتابِ اللّهِ فَاقبَل مِنهُ ، وكانَ أشَدَّهُم في ذلِكَ اليَومِ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ ۱ .

۲۵۷۲.وقعة صفّين عن تميم بن حذيم :لَمّا أصبَحنا مِن لَيلَةِ الهَريرِ نَظَرنا ، فَإِذا أشباهُ الرّاياتِ أمامَ صَفِّ أهلِ الشّامِ وَسطَ الفَيلَقِ من حِيالِ مَوقِفِ مُعاوِيَةَ ، فَلَمّا أسفَرنا إذا هِيَ المُصاحِفُ قَد رُبِطَت عَلى أطرافِ الرِّماحِ ، وهِيَ عِظامُ مَصاحِفِ العَسكَرِ ، وقَد شَدّوا ثَلاثَةَ أرماحٍ جَميعا وقَد رَبَطوا عَلَيها مُصحَفَ المَسجِدِ الأَعظَمِ يُمسِكُهُ عَشَرَةُ رَهطٍ .
وقالَ أبو جَعفَرٍ وأبو الطُّفَيلِ : اِستَقبَلوا عَلِيّا بِمِئَةِ مُصحَفٍ ، ووَضَعوا في كُلِّ مُجَنِّبَةٍ ۲ مِئَتَي مُصحَفٍ ، وكانَ جَميعُها خَمسَمِئَةِ مُصحَفٍ .
قالَ أبو جَعفَرٍ : ثُمَّ قامَ الطُّفَيلُ بنُ أدهَمَ حِيالَ عَلِيٍّ عليه السلام ، وقامَ أبو شُرَيحٍ الجُذامِيُّ حِيالَ المَيمَنَةِ ، وقامَ وَرقاءُ بنُ المُعَمَّرِ حِيالَ المَيسَرَةِ ، ثُمَّ نادَوا : يا مَعشَرَ العَرَبِ ! اللّهَ اللّهَ في نِسائِكُم وبَناتِكُم ، فَمَن لِلرّومِ وَالأَتراكِ وأهلِ فارِسٍ غَدا إذا فَنيتُم ، اللّهَ اللّهَ في دينِكُم ، هذا كِتابُ اللّهِ بَينَنا وبَينَكُم .
فَقالَ عَلِيٌّ : اللّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنَّهُم مَا الكِتابَ يُريدونَ ، فَاحكُم بَينَنا وبَينَهُم ، إنَّكَ أنتَ الحَكَمُ الحَقُّ المُبينُ .

1.مروج الذهب : ج۲ ص۴۰۰ وراجع الفتوح : ج۳ ص۱۸۱ .

2.مُجنَّبة الجيش : هي التي تكون في الميمنة والميسرة (النهاية : ج۱ ص۳۰۳) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 161887
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي