ورُفِعَ في عَسكَرِ مُعاوِيَةَ نَحوٌ مِن خَمسِمِئَةِ مُصحَفٍ .
وفي ذلِكَ يَقولُ النَّجاشِيُّ بنُ الحارِثِ :
فَأَصبَحَ أهلُ الشّامِ قَد رَفَعُوا القَنا
عَلَيها كِتابُ اللّهِ خَيرُ قُرانِ
ونادَوا عَلِيّا يَا ابنَ عَمِّ مُحَمَّدٍ
أما تَتَّقي أن يَهلِكَ الثَّقَلانِ
فَلَمّا رَأى كَثيرٌ مِن أهلِ العِراقِ ذلِكَ قالوا : نُجيبُ إلى كِتابِ اللّهِ ونُنيبُ إلَيهِ ، وأحَبَّ القَومُ المُوادَعَةَ ، وقيلَ لِعَلِيٍّ : قَد أعطاكَ مُعاوِيَةُ الحَقَّ ، ودَعاكَ إلى كِتابِ اللّهِ فَاقبَل مِنهُ ، وكانَ أشَدَّهُم في ذلِكَ اليَومِ الأَشعَثُ بنُ قَيسٍ ۱ .
۲۵۷۲.وقعة صفّين عن تميم بن حذيم :لَمّا أصبَحنا مِن لَيلَةِ الهَريرِ نَظَرنا ، فَإِذا أشباهُ الرّاياتِ أمامَ صَفِّ أهلِ الشّامِ وَسطَ الفَيلَقِ من حِيالِ مَوقِفِ مُعاوِيَةَ ، فَلَمّا أسفَرنا إذا هِيَ المُصاحِفُ قَد رُبِطَت عَلى أطرافِ الرِّماحِ ، وهِيَ عِظامُ مَصاحِفِ العَسكَرِ ، وقَد شَدّوا ثَلاثَةَ أرماحٍ جَميعا وقَد رَبَطوا عَلَيها مُصحَفَ المَسجِدِ الأَعظَمِ يُمسِكُهُ عَشَرَةُ رَهطٍ .
وقالَ أبو جَعفَرٍ وأبو الطُّفَيلِ : اِستَقبَلوا عَلِيّا بِمِئَةِ مُصحَفٍ ، ووَضَعوا في كُلِّ مُجَنِّبَةٍ ۲ مِئَتَي مُصحَفٍ ، وكانَ جَميعُها خَمسَمِئَةِ مُصحَفٍ .
قالَ أبو جَعفَرٍ : ثُمَّ قامَ الطُّفَيلُ بنُ أدهَمَ حِيالَ عَلِيٍّ عليه السلام ، وقامَ أبو شُرَيحٍ الجُذامِيُّ حِيالَ المَيمَنَةِ ، وقامَ وَرقاءُ بنُ المُعَمَّرِ حِيالَ المَيسَرَةِ ، ثُمَّ نادَوا : يا مَعشَرَ العَرَبِ ! اللّهَ اللّهَ في نِسائِكُم وبَناتِكُم ، فَمَن لِلرّومِ وَالأَتراكِ وأهلِ فارِسٍ غَدا إذا فَنيتُم ، اللّهَ اللّهَ في دينِكُم ، هذا كِتابُ اللّهِ بَينَنا وبَينَكُم .
فَقالَ عَلِيٌّ : اللّهُمَّ إنَّكَ تَعلَمُ أنَّهُم مَا الكِتابَ يُريدونَ ، فَاحكُم بَينَنا وبَينَهُم ، إنَّكَ أنتَ الحَكَمُ الحَقُّ المُبينُ .