وَالجِهادِ عَلى حَقِّكُم ! المَوتُ وَالذُّلُّ لَكُم في هذِهِ الدُّنيا عَلى غَيرِ الحَقِّ ، فَوَاللّهِ ، لَئِن جاءَ المَوتُ ـ ولَيَأتِيَنَّ ـ لَيُفَرِّقَنَّ بَيني وبَينَكُم ، وأنَا لِصُحبَتِكُم قالٍ وبِكُم غَيرُ ضَنينٍ ، للّهِِ أنتُم لا دينَ يَجمَعُكُم ولا حَمِيَّةَ تُحميكُم ، إذا أنتُم سَمِعتُم بِعَدُوِّكُم يَرِدُ بِلادَكُم ويَشِنُّ الغارَةَ عَلَيكُم ، أوَ لَيسَ عَجَبا أنَّ مُعاوِيَةَ يَدعُو الجُفاةَ الطَّغامَ فَيَتَّبِعونَهُ عَلى غَيرِ عَطاءٍ ولا مَعونَةٍ ، ويُجيبُونَهُ فِي السَّنَةِ المَرَّتَينِ وَالثَّلاثِ إلى أيِّ وَجهٍ شاءَ ، وأنَا أدعوكُم ـ وأنتُم اُولُو النُّهى وبَقِيَّةُ النّاسِ ـ عَلَى المَعونَةِ وطائِفَةٌ مِنكُم عَلَى العَطاءِ ، فَتَقومونَ عَنّي وتَعصونَني وتَختَلِفونَ عَلَيَّ ؟
فَقامَ إلَيهِ مالِكُ بنُ كَعبٍ الهَمدانِيُّ ثُمَّ الأَرحَبِيُّ فَقالَ :
يا أميرَ المُؤمِنينَ اندُبِ النّاسَ فَإِنَّهُ لا عِطرَ بَعدَ عَروسٍ ۱ ، لِمِثلِ هذَا اليَومِ كُنتُ أدَّخِرُ نَفسي ، وَالأَجرُ لا يَأتي إلّا بِالكَرَّةِ . اِتَّقُوا اللّهَ وأجيبوا إمامَكُم وَانصُروا دَعوَتَهُ وقاتِلوا عَدُوَّهُ ، أنَا أسيرُ إلَيها يا أميرَ المُؤمِنينَ .
قالَ : فَأَمَرَ عَلِيٌّ مُناديهِ سَعداً فَنادى فِي النّاسِ : ألَا انتَدَبوا إلى مِصرَ مَعَ مالِكِ بنِ كَعبٍ .
ثُمَّ إنَّهُ خَرَجَ وخَرَجَ مَعَهُ عَلِيٌّ فَنَظَرَ فَإِذا جَميعُ مَن خَرَجَ نَحوَ ألفَي رَجُلٍ .
فَقالَ : سِر فَوَاللّهِ ، ما إخالُكَ تُدرِكُ القَومَ حَتّى يَنقَضي أمرَهُم . قالَ : فَخَرَجَ بِهِم فَسارَ خَمساً .
و[لَمَّا اُخبِرَ الإِمامُ بِفَتحِ مِصرَ وقَتلِ مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ] سَرَّحَ عَلِيٌّ عبدَالرَّحمنِ بنَ شُرَيحِ الشِّبامِيَّ إلى مالِكِ بنِ كَعبٍ فَرَدَّهُ مِنَ الطَّريقِ ۲ .
1.لا مَخبَأ لِعِطرٍ بَعدَ عَرُوسٍ ، ويُروى : لا عِطرَ بَعدَ عَرُوسٍ : أوّل مَن قال ذلك امرأةٌ من عُذْرَة يُقال لها : أسماء بنت عبد اللّه ، وكان لها زوجٌ من بني عمِّها يُقال له : عروس ، فمات عنها . . . ، فقالت : لا عِطرَ بعد عَرُوس ، فذهبت مثلاً يُضرب لمن لا يُدَّخَرُ عنه نَفيسٌ (مجمع الأمثال : ج۳ ص۱۵۱ الرقم ۳۴۹۱) .
2.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۰۸ ؛ الغارات : ج۱ ص۲۸۹ عن جندب بن عبد اللّه وراجع الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۱۳ .