135
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

عَلَيكَ بِالنّارِ .
فَقالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : إن فَعَلتُم بي ذلِكَ ، فَطالَما فُعِلَ ذلِكَ بَأَولِياءِ اللّهِ ! وإنّي لَأَرجو هذِهِ النّارَ الَّتي تُحرِقُني بِها أن يَجعَلَهَا اللّهُ عَلَيَّ بَردا وسَلاما كَما جَعَلَها عَلى خَليلِهِ إبراهيمَ ، وأن يَجعَلَها عَلَيكَ وعَلى أولِيائِكَ كَما جَعَلَها عَلى نُمرودَ وأولِيائِهِ ، إنَّ اللّهَ يَحرِقُكَ ومَن ذَكَرتَهُ قَبلُ وإمامَكَ ـ يَعني مُعاوِيَةَ ـ وهذا ـ وأشارَ إلى عَمرِو بنِ العاصِ ـ بِنارٍ تَلظّى عَلَيكُم ، كُلَّما خَبَت زادَها اللّهُ سَعيرا ، قالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : إنّي إنَّما أقتُلُكَ بِعُثمانَ .
قالَ لَهُ مُحَمَّدٌ : وما أنتَ وعُثمانُ ؟ إنَّ عُثمانَ عَمِلَ بِالجَورِ ، ونَبَذَ حُكمَ القُرآنِ ، وقَد قالَ اللّهُ تَعالى : «ومَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْفَـسِقُونَ»۱ ، فَنَقَمنا ذلِكَ عَلَيهِ فَقَتَلناهُ ، وحَسَّنتَ أنتَ لَهُ ذلِكَ ونُظَراؤُكَ ، فَقَد بَرَّأَنَا اللّهُ إن شاءَ اللّهُ مِن ذَنبِهِ ، وأنتَ شَريكُهُ في إثمِهِ وعِظَمِ ذَنبِهِ ، وجاعِلُكَ عَلى مِثالِهِ .
قالَ : فَغَضِبَ مُعاوِيَةُ فَقَدَّمَهُ فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ ألقاهُ في جيفَةِ حِمارٍ ، ثُمَّ أحرَقَهُ بِالنّارِ ، فَلَمّا بَلَغَ ذلِكَ عائِشَةَ جَزِعَت عَلَيهِ جَزَعا شَديدا ، وقَنَتَت عَلَيهِ في دَبرِ الصَّلاةِ تَدعو عَلى مُعاوِيَةَ وعَمرٍو ، ثُمَّ قَبَضَت عِيالَ مُحَمَّدٍ إلَيها ، فَكانَ القاسِمُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ في عِيالِها ۲ .

7 / 6

حُزنُ الإِمامِ

۲۸۲۸.الغارات عن مالك بن الجون الحضرمي :إنَّ عَلِيّا عليه السلام قالَ : رَحِمَ اللّهُ مُحَمَّدا ، كانَ غُلاما

1.المائدة : ۴۷ .

2.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۰۳ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۱۲ و ۴۱۳ ؛ الغارات : ج۱ ص۲۸۲ ـ ۲۸۵ كلاهما نحوه وراجع أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۷۱ و ۱۷۲ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
134

«لَقَد كانَ إلِيَّ حَبيبا ، وَكانَ لي رَبيبا ۱ ، فَعِندَ اللّهِ نَحتَسِبُهُ وَلَدا ناصِحا ، وَعامِلاً كادِحا ، وَسَيفا قاطِعا ، وَرُكنا دافِعا» ۲ .

۲۸۲۷.تاريخ الطبري عن محمّد بن يوسف بن ثابت الأنصاري عن شيخ من أهل المدينة :خَرَجَ مُحَمَّدٌ في ألفَي رَجُلٍ ، وَاستَقبَلَ عَمرُو بنُ العاصِ كِنانَةَ وهُوَ عَلى مُقَدَّمَةِ مُحَمَّدٍ ، فَأَقبَلَ عَمرٌو نَحوَ كِنانَةَ ، فَلَمّا دَنا مِن كِنانَةَ سَرَّحَ الكَتائِبَ كَتيبَةً بَعدَ كَتيبَةٍ ، فَجَعَلَ كِنانَةُ لا تَأتيهِ كَتيبةٌ مِن كَتائِبِ أهلِ الشّامِ إلّا شَدَّ عَلَيها بِمَن مَعَهُ ، فَيَضرِبُها حَتّى يُقَرِّبَها لِعَمرِو بنِ العاصِ ، فَفَعَلَ ذلِكَ مِرارا ، فَلَمّا رَأى ذلِكَ عَمرٌو بَعَثَ إلى مُعاوِيَةَ بنِ حُدَيجٍ السَّكوني ، فأتاهُ في مِثلِ الدَّهمِ ۳ ، فَأَحاطَ بِكَنانَةَ وأصحابِهِ ، وَاجتَمَعَ أهلُ الشّامِ عَلَيهِم مِن كُلِّ جانِبٍ ، فَلَمّا رَأى ذلِكَ كِنانَةُ بنُ بِشرٍ نَزَلَ عَن فَرَسِهِ ، ونَزَلَ أصحابَهُ وكِنانَةَ يَقولُ : «وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَـبًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْأَخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِى الشَّـكِرِينَ»۴ ، فَضارَبَهُم بِسَيفِهِ حَتَّى استُشهِدَ .
وأقبَلَ عَمرُو بنُ العاصِ نَحوَ مُحَمَّدِ بنِ أبي بَكرٍ ، وقَد تَفَرَّقَ عَنهُ أصحابُهُ لَمّا بَلَغَهُم قَتلُ كِنانَةَ ، حَتّى بَقِيَ وما مَعَهُ أحَدٌ مِن أصحابِهِ ، فَلَمّا رَأى ذلِكَ مُحَمَّدٌ خَرَجَ يَمشي فِي الطَّريقِ حَتَّى انتَهى إلى خِربَةٍ في ناحِيَةِ الطَّريقِ ، فَأَوى إلَيها ، وجاءَ عَمرُو ابنُ العاصِ حَتّى دَخَلَ الفُسطاطَ ، وخَرَجَ مُعاوِيَةُ بنُ حُدَيجٍ في طَلَبِ مُحَمَّدٍ . . . حَتّى دَخَلوا عَلَيهِ ، فَاستَخرَجوهُ ، وقَد كادَ يَموتُ عَطَشا ، فَأَقبَلوا بِهِ نَحوَ فُسطاطِ مصر . . .
قالَ لَهُ مُعاوِيَةُ : أ تَدري ما أصنَعُ بِكَ ؟ اُدخِلُكَ في جَوفِ حِمارٍ ، ثُمَّ اُحرِقُه

1.نهج البلاغة : الخطبة ۶۸ ، الغارات : ج۱ ص۳۰۱ وليس فيه صدره .

2.نهج البلاغة : الكتاب ۳۵ .

3.الدُّهمة : السواد ، والدَّهْم : الجماعة الكثيرة (لسان العرب : ج۱۲ ص۲۰۹ و۲۱۰) .

4.آل عمران : ۱۴۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 203705
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي