151
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

لِمُسلِمٍ ولا مُعاهَدٍ ، حَتّى يَنقَضي شَرطُ المُوادَعَةِ بَينَنا ، إن شاءَ اللّهُ ۱ .

8 / 2

هُجومُ ابنُ الحَضرَمِيِّ عَلَى البَصرَةِ

۲۸۳۷.تاريخ الطبري عن أبي نعامة :لَمّا قُتِلَ مُحَمَّدُ بنُ أبي بكرٍ بِمِصرَ ، خَرَجَ ابنُ عَبّاسٍ مِنَ البَصرَةِ إلى عَلِيٍّ بِالكوفَةِ وَاستَخلَفَ زِيادا ، وقَدِمَ ابنُ الحَضرَمِيِّ مِن قِبَلِ مُعاوِيَةَ فَنَزَلَ في بَني تَميمٍ ، فَأَرسَلَ زِيادٌ إلى حَضينِ بِن المُنذِرِ ومالِكِ بنِ مِسمَعٍ فَقالَ : أنتُم يا مَعشَرَ بَكرِ بنِ وائِلٍ مِن أنصارِ أميرِ المُؤمِنينَ وثِقاتِهِ ، وقَد نَزَلَ ابنُ الحَضرَمِيِّ حَيثُ تَرَونَ وأتاهُ مَن أتاهُ ، فَامنَعوني حَتّى يَأتِيَني رَأيُ أميرِ المُؤمِنينَ .
فَقالَ حَضينٌ : نَعَم . وقالَ مالِكٌ : ـ وكانَ رَأيُهُ مائِلاً إلى بَني اُمَيَّةَ وكانَ مَروانُ لَجَأَ إلَيهِ يَومَ الجَمَلِ ـ هذا أمرٌ لي فيهِ شُرَكاءُ أستَشيرُ وأنظِرُ .
فَلَمّا رَأى زِيادٌ تَثاقُلَ مالِكٍ خافَ أن تَختَلِفَ رَبيعَةُ ، فَأَرسَلَ إلى نافِعٍ أن أشِر عَلَيَّ فَأَشارَ عَلَيهِ نافِعٌ بِصَبرَةَ بنِ شَيمانَ الحُدّانِيِّ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ زِيادٌ فَقالَ : أ لا تُجيرُني وبَيتَ مالِ المُسلِمينَ فَإِنَّهُ فَيؤُكُم وأنَا أمينُ أميرِ المُؤمِنينَ ؟
قالَ : بَلى إن حَمَلتَهُ إلَيَّ ونَزَلتَ داري .
قال : فَإِنّي حامِلُهُ ، فَحَمَلَهُ وخَرَجَ زِيادٌ حَتّى أتَى الحُدّاَن ونَزَلَ في دارِ صَبرَةَ بنِ شَيمانَ ، وحَوَّلَ بَيتَ المالِ وَالمِنبَرَ فَوَضَعَهُ في مَسجِدِ الحُدّانِ ، وتَحَوَّلَ مَعَ زِيادٍ خَمسونَ رَجُلاً مِنهُم أبو أبي حاضِرٍ .
وكانَ زِيادٌ يُصَلِّي الجُمعَةَ في مَسجِدِ الحُدّانِ ويُطعِمُ الطَّعامَ .
فَقالَ زِيادٌ لِجابِرِ بنِ وَهَبٍ الراسِبِيِّ : يا أبا مُحَمَّدٍ إنّي لا أرَى ابنَ الحَضرَمِيِّ يَكُفُّ ،

1.الإرشاد : ج۱ ص۲۷۵ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
150

2 ـ السيطرة على المحالّ التي لها موقع سياسي هامّ كالبصرة ومصر .
3 ـ إلجاء الإمام إلى المقابلة بالمثل ، وإزالة قدسيّة الإمام من أذهان الناس .
4 ـ استغلال غطاء «عهد الصلح» المشروط ـ الذي أمضاه الإمام في التحكيم ـ لخدمة مصالحه وأهدافه ، وبالتالي دفع الإمام لنقض العهد المذكور .
والذي ساعد على إيجاد أرضيّة مناسبة لهذه السياسة الخطرة هو استشهاد جملة من أركان جيش الإمام من جانب ، ومن جانب آخر تعب جيش الإمام وعدم طاعتهم لقائدهم .
لكنّ الإمام عليه السلام ـ في ذلك الظرف الحسّاس ـ لم يتخطّ حدود العدالة قَيدَ أنملة ، وأبقى درساً عمليّاً للحكومات التي تريد الاستنارة بنهجه في الوفاء والثبات على هذه السياسة المباركة ، بل لم يكن حاضراً لنقض ذلك العهد المشروط الذي اُلجئ إلى قبوله . وإليك كلام الإمام عليه السلام في هذا المجال :

۲۸۳۶.الإرشاد :ومِن كَلامِهِ عليه السلام لَمّا نَقَضَ مُعاوِيَةُ بنُ أبي سُفيانَ شَرطَ المُوادَعَةِ وأقبَلَ يَشُنُّ الغاراتِ عَلى أهلِ العِراقِ ، فَقالَ بَعدَ حَمدِ اللّهِ وَالثَّناءِ عَلَيهِ :
ما لِمُعاوِيَةَ قاتَلَهُ اللّهُ ؟ ! لَقَد أرادَني عَلى أمرٍ عَظيمٍ ، أرادَ أن أفعَلَ كَما يَفعَلُ ، فَأَكونَ قَد هَتَكتُ ذِمَّتي ونَقَضتُ عَهدي ، فَيَتَّخِذَها عَلَيَّ حُجَّةً ، فَتَكونَ عَلَيَّ شَينا إلى يَومِ القِيامَةِ كُلَّما ذُكِرتُ .
فَإِن قيلَ لَهُ : أنتَ بَدَأتَ ، قالَ : ما عَلِمتُ ولا أمَرتُ ، فَمِن قائِلٍ يَقولُ : قَد صَدَقَ ، ومِن قائِلٍ يَقولُ : كَذِبَ .
أمَ واللّهِ ، إنَّ اللّهَ لَذو أناةٍ وحِلمٍ عَظيمٍ ، لَقَد حَلُمَ عَن كَثيرٍ مِن فَراعِنَةِ الأَوَّلينَ وعاقَبَ فَراعِنَةً ، فَإِن يُمهِلهُ اللّهُ فَلَن يَفوتَهُ ، وهُوَ لَهُ بِالمِرصادِ عَلى مَجازِ طَريقِهِ .
فَليَصنَع ما بَدا لَهُ فَإِنّا غَيرُ غادِرينَ بِذِمَّتِنا ، ولا ناقِضينَ لِعَهدِنا ، ولا مُرَوِّعين

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 204135
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي