153
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

لَم نُعَرِّض لِجارِكُم ولا لِأَحَدٍ مِن أصحابِهِ ، فَماذا تُريدونَ إلى جارِنا وحَربِنا ؟ فَكَرِهَتِ الأَزدُ القِتالَ وقالوا : إن عَرَّضوا لِجارِنا مَنَعناهُم ، وإن يَكُفّوا عَن جارِنا كَفُفنا عَن جارِهِم فَأَمسَكوا .
وكَتَبَ زِيادٌ إلى عَلِيٍّ : أنَّ أعيَنَ بنَ ضُبَيعَةَ قَدِمَ فَجَمَعَ مَن أطاعَهُ مِن عَشيرَتِهِ ، ثُمَّ نَهَضَ بِهِم بِجِدٍّ وصِدقِ نِيَّةٍ إلَى ابنِ الحَضرَمِيِّ ، فَحَثَّهُم عَلَى الطّاعَةِ ودَعاهُم إلَى الكَفِّ وَالرُّجوعِ عَن شِقاقِهِم ، ووافَقَتهُم عامَّةُ قَومٍ فَهالَهُم ذلِكَ ، وتَصَدَّعَ عَنهُم كَثيرٌ مِمَّن كانَ مَعَهُم يُمنّيهِم نُصرَتَهُ ، وكانَت بَينَهُم مُناوَشَةٌ ، ثُمَّ انصَرَفَ إلى أهلِهِ فَدَخَلوا عَلَيهِ فَاغتالوهُ فَاُصيبَ ، رَحِمَ اللّهُ أعيَنَ ، فَأَرَدتُ قِتالَهُم عِندَ ذلِكَ فَلَم يَخِفَّ معَي مَن أقوى بِهِ عَلَيهِم ، وتَراسَلَ الحَيّانَ فَأَمسَكَ بَعضَهُم عَن بَعضٍ .
فَلَمّا قَرَأَ عَلِيٌّ كِتابَهُ دَعا جارِيَةَ بنَ قُدامَةَ السَّعدِيَّ فَوَجَّهَهُ في خَمسينَ رَجُلاً مِن بَني تَميمٍ ، وبَعَثَ مَعَهُ شَريكَ بنَ الأَعوَرِ ويُقالُ : بَعَثَ جارِيَةَ في خَمسِمِئَةِ رَجُلٍ ، وكَتَبَ إلى زِيادٍ كِتاباً يُصَوِّبُ رَأيَهُ فيما صَنَعَ وأمَرَهَ بِمَعونَةِ جارِيَةَ بنِ قُدامَةَ وَالإِشارَةِ عَلَيهِ ، فَقَدِمَ جارِيَةُ البَصرَةَ ، فَأَتى زِياداً فَقالَ لَهُ : اِحتَفِز وَاحذَر أن يُصيبَكَ ما أصابَ صاحِبَكَ ، ولا تَثِقَنَّ بِأَحَدٍ مِنَ القَومِ .
فَسارَ جارِيَةُ إلى قَومِهِ فَقَرَأَ عَلَيهِم كِتابَ عَلِيٍّ ووَعَدَهُم ، فَأَجابَهُ أكثَرُهُم ، فَسارَ إلَى ابنِ الحَضرَمِيِّ فَحَصَرَهُ في دارِ سِنبيلٍ ثُمَّ أحرَقَ عَلَيهِ الدّارَ وعَلى مَن مَعَهُ ، وكانَ مَعَهُ سَبعونَ رَجُلاً ـ ويُقالُ أربَعونَ ـ وتَفَرَّقَ النّاسُ ورَجَعَ زِيادٌ إلى دارِ الإِمارَةِ ، وكَتَبَ إلى عَلِيٍّ مَعَ ظَبيانَ بنِ عُمارَةَ وكانَ مِمَّن قَدِمَ مَعَ جارِيَةَ . . . وأنَّ جارِيَةَ قَدِمَ عَلَينا فَسارَ إلَى ابنِ الحَضرَمِيِّ فَقَتَلَهُ حَتَّى اضطَرَّهُ إلى دارٍ مِن دورِ بَني تَميمٍ في عِدَّةِ رِجالٍ مِن أصحابِهِ بَعدَ الإِعذارِ وَالإِنذارِ وَالدُّعاءِ إلَى


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
152

ولا أراهُ إلّا سَيُقاتِلُكُم ، ولا أدري ما عِندَ أصحابِكَ فآمُرَهُم وانظُرَ ما عِندَهُم ، فَلَمّا صَلّى زِيادٌ جَلَسَ فِي المَسجِدِ ، وَاجتَمَعَ النّاسُ إلَيهِ فَقالَ جابِرٌ : يا مَعشَرَ الأَزدِ ، تَميمٌ تَزعُمُ أنَّهُم هُمُ النّاسُ وأنَّهُم أصبَرُ مِنكُم عِندَ البَأسِ ، وقَد بَلَغَني أنَّهُم يُريدونَ أن يَسيروا إلَيكُم حَتّى يَأخُذوا جارَكُم ويُخرِجوهُ مِنَ المِصرِ قَسراً ، فَكَيفَ أنتُم إذا فَعَلوا ذلِكَ وقَد أجَرتُموهُ وبَيتَ مالِ المُسلِمينَ ؟ !
فَقالَ صَبرَةُ بنُ شَيمانَ ، وكانَ مُفَخَّماً : إن جاءَ الأَحنَفُ جِئتُ ، وإن جاءَ الحُتاتُ جِئتُ ، وإن جاءَ شُبّانٌ فَفينا شُبّانٌ .
فَكانَ زِيادٌ يَقولُ : إنَّنِي استَضحَكتُ ونَهَضتُ ، وما كِدتُ مَكيدَةً قَطُّ كُنتُ إلَى الفَضيحَةِ بِها أقرَبَ مِنّي لِلفَضيحَةِ يَومَئِذٍ لِما غَلَبَني مِنَ الضِّحكِ .
قالَ : ثُمَّ كَتَبَ زِيادٌ إلى عَلِيٍّ : إنَّ ابنَ الحَضرَمِيِّ أقبَلَ مِنَ الشّامِ فَنَزَلَ في دارِ بَني تَميمٍ ، ونَعى عُثمانَ ودَعا إلَى الحَربِ وبايَعَتهُ تَميمٌ وجُلُّ أهلِ البَصرَةِ ، ولَم يَبقَ مَعي مَن أمتَنِعُ بِهِ ، فَاستَجَرتُ لِنَفسي ولِبَيتِ المالِ صَبرَةَ بنَ شَيمانَ ، وتَحَوَّلتُ فَنَزَلتُ مَعَهُم ، فَشيعَةُ عُثمانَ يَختَلِفونَ إلَى ابنِ الحَضرَمِيِّ .
فَوَجِّه عَلَيَّ أعيَنَ بنَ ضُبَيعَةَ المُجاشِعِيَّ لِيُفَرِّقَ قَومَهُ عَنِ ابنِ الحَضرَمِيِّ ، فَانظُر ما يَكونُ مِنهُ ، فَإِن فَرَّقَ جَمعَ ابنِ الحَضرَمِيِّ فَذلِكَ ما تُريدُ ، وإن تَرَقَّت بِهِمُ الأُمورُ إلَى التَّمادي فِي العِصيانِ فَانهَض إلَيهِم فَجاهِدهُم ، فَإِن رَأَيتَ مِمَّن قِبَلَكَ تَثاقُلاً وخِفتَ أن لا تَبلُغَ ما تُريدَ ، فَدارِهِم وطاوِلهُم ثُمَّ تَسَمَّع وأبصِر ، فَكَأَنَّ جُنودَ اللّهِ قَد أظَلَّتكَ تَقتُلُ الظّالِمينَ .
فَقَدِمَ أعيَنُ فَأَتى زِياداً فَنَزَلَ عِندَهُ ، ثُمَّ أتى قَومَهُ وجَمَعَ رِجالاً ونَهَضَ إلَى ابنِ الحَضرَمِيِّ ، فَدَعاهُم فَشَتَموهُ وناوَشوهُ فَانصَرَفَ عَنهُم ، ودَخَلَ عَلَيهِ قَومٌ فَقَتَلوهُ .
فَلَمّا قُتِلَ أعيَنُ بنُ ضُبَيعَةَ أرادَ زِيادٌ قِتالَهُم ، فَأَرسَلَت بَنو تَميمٍ إلَى الأَزدِ : إنّا

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 165302
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي