161
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

الشِّتاءِ قُلتُم : هذِهِ صَبارَّةُ القَرِّ ، أمهِلنا يَنسَلِخ عَنَّا البَردُ ، كُلُّ هذا فِرارا مِنَ الحَرِّ والقَرِّ ، فَإِذا كُنتُم مِنَ الحَرِّ والقَرِّ تَفِرّونَ ، فَأَنتُم وَاللّهِ مِنَ السَّيفِ أفَرُّ !
يا أشباهَ الرِّجالِ ولا رِجالَ ! حُلومُ الأَطفالِ ، وعُقولُ رَبّاتِ الحِجالِ ، لَوَدِدتُ أنّي لَم أرَكُم ولَم أعرِفكُم مَعرِفَةً وَاللّهِ جَرَّت نَدَما ، وأعقَبَت ذَمّا .
قاتَلَكُمُ اللّهُ ! لَقَد مَلَأتُم قَلبي قَيحاً ، وشَحَنتُم صَدري غَيظا ، وجَرَّعتُموني نُغَبَ ۱ التَّهْمامِ ۲ أنفاسا ، وأفسَدتُم عَلَيَّ رَأيي بِالعِصيانِ وَالخِذلانِ حَتّى لَقَد قالَت قُرَيشٌ : إنَّ ابنَ أبي طالِبٍ رَجُلٌ شُجاعٌ ، ولكِن لا عِلمَ لَهُ بِالحَربِ .
للّهِِ أبوهُم ! وهَل أحَدٌ مِنهُم أشَدُّ لَها مِراسا ، وأقدَمُ فيها مَقاما مِنّي ! لَقَد نَهَضتُ فيها وما بَلَغَتُ العِشرينَ ، وها أنَا قَد ذَرَّفتُ عَلَى السِّتّينَ ! ولكِن لا رَأيَ لِمَن لا يُطاعُ ! ۳ .

۲۸۴۸.الأمالي للطوسي عن ربيعة بن ناجذ :لَمّا وَجَّهَ مُعاوِيَةُ بنُ أبي سُفيانَ ، سُفيانَ بنَ عَوفٍ الغامِدِيَّ إلَى الأَنبارِ لِلغارَةِ ، بَعَثَهُ في سِتَّةِ آلافِ فارِسٍ ، فَأَغارَ عَلى هِيتَ وَالأَنبارِ ، وقَتَلَ المُسلِمينَ ، وسَبىَ الحَريمَ ، وعَرَضَ النّاسَ عَلَى البَراءَةِ مِن أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، استَنفَرَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام النّاسَ ، وقَد كانوا تَقاعَدوا عَنهُ ، وَاجتَمَعوا عَلى خِذلانِهِ ، وأمَرَ مُناديهِ فِي النّاسِ فَاجتَمَعوا ، فَقامَ خَطيباً ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وصَلّى عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ : أيُّهَا النّاسُ ، فَوَ اللّهِ لاَهلُ مِصرِكُم فِي الأَمصارِ أكثَرُ فِي العَرَبِ مِنَ الأَنصارِ ، وما كانوا يَومَ عاهَدوا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أن يَمنَعوهُ ومَن مَعَهُ مِنَ المُهاجِرين

1.نُغَب: جمع نُغبة ؛ أي جُرْعة (لسان العرب : ج۱ ص۷۶۵) .

2.التَّهمام ـ بفتح التاء ـ : الهمّ (شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۸۰).

3.الكافي : ج۵ ص۴ ح۶ عن أبي عبد الرحمن السلمي ، نهج البلاغة : الخطبة ۲۷ ، الغارات : ج۲ ص۴۷۵ عن محمّد بن مخنف ؛ البيان والتبيين : ج۲ ص۵۳ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۲۰۱ والثلاثة الأخيرة نحوه وراجع الإرشاد : ج۱ ص۲۷۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
160

أيّ دارٍ بَعدَ دارِكُم تَمنَعونَ ؟ ! ومَعَ أيِّ إمامٍ بَعدي تُقاتِلونَ ؟ ! أما إنَّكُم سَتُلقَونَ بَعدي أثَرَةً يَتَّخِذُها عَلَيكُمُ الضُّلّالُ سُنَّةً ، وفَقرا يَدخُلُ بُيوتَكُم ، وسَيفا قاطِعا ، وتَتَمَنَّونَ عِندَ ذلِكَ أنَّكُم رَأَيتُموني وقاتَلتُم مَعي وقُتِلتُم دوني ۱ .

۲۸۴۷.عنه عليه السلامـ مِن كلامٍ لَهُ عليه السلام فِي استِنهاضِ النّاسِ ـ: ألا وإنّي قَد دَعَوتُكُم إلى قِتالِ هؤُلاءِ القَومِ لَيلاً ونَهارا ، وسِرّا وإعلانا ، وقُلتُ لَكُم : اُغزوهُم قَبلَ أن يَغزوكُم ، فَوَاللّهِ ما غُزِيَ قَومٌ قَطُّ في عُقرِ دارِهِم إلّا ذَلّوا . فَتَواكَلتُم وتَخاذَلتُم حَتّى شُنَّت عَلَيكُمُ الغاراتُ ، ومُلِكَت عَلَيكُمُ الأَوطانُ .
هذا أخو غامِدٍ وقَد وَرَدَت خَيلُهُ الأَنبارَ ، وقَتَلَ حَسّانَ بنَ حَسّانِ البَكرِيَّ ، وأزالَ خَيلَكُم عَن مَسالِحِها ، وقَد بَلَغَني أنَّ الرَّجُلَ مِنهُم كانَ يَدخُلُ عَلَى المَرأَةِ المُسلِمَةِ ، وَالاُخرَى المُعاهَدَةِ ، فَيَنتَزِعُ حِجلَها ، وقُلبَها ۲ وقَلائِدَها ورِعاثَها ۳ ، ما تَمنَعُ مِنهُ إلّا بِاالِاستِرجاعِ والِاستِرحامِ .
ثُمَّ انصَرَفوا وافِرينَ ما نالَ رَجُلاً مِنهُم كَلمٌ ۴ ، ولا اُريقَ لَهُم دَمٌ ، فَلَو أنَّ امرَأً مُسلِما ماتَ مِن بَعدِ هذا أسَفا ما كانَ بِهِ مَلوما ، بَل كانَ عِندي بِهِ جَديرا ، فَيا عَجَبا عَجَبا وَاللّهِ يُميثُ القَلبَ ويَجلِبُ الهَمَّ مِنِ اجتِماعِ هؤُلاءِ عَلى باطِلِهِم ، وتَفَرُّقِكِم عَن حَقِّكُم ! فَقُبحا لَكُم وتَرَحا ، حينَ صِرتُم غَرَضا يُرمى ، يُغارُ عَلَيكُم ولا تُغيرونَ ، وتُغزَونَ ولا تَغزونَ ، ويُعصَى اللّهُ وترضَونَ ! فَإِذا أمَرتُكُم بِالسَّيرِ إلَيهِم في أيّامِ الحَرِّ قُلتُم : هذِهِ حَمارَّةُ القَيظِ ، أمهِلنا يُسَبَّخُ ۵ عَنَّا الحَرُّ ، وإذا أمَرتُكُم بِالسَّيرِ إلَيهِم فِى
¨

1.الغارات : ج۲ ص۴۸۳ عن إسماعيل بن رجاء الزبيدي .

2.القُلْب : السِّوار (النهاية : ج۴ ص۹۸) .

3.الرِّعاث : القِرَطة ؛ وهي من حُلِيّ الاُذُن واحدتها : رَعْثَة ورَعَثَة (النهاية : ج۲ ص۲۳۴) .

4.الكَلْم : الجَرْح (النهاية : ج۴ ص۱۹۹) .

5.أي يخفّ ، وتسبّخ الحرّ : سكن وفتر (لسان العرب : ج۳ ص۲۳) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 165256
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي