الشِّتاءِ قُلتُم : هذِهِ صَبارَّةُ القَرِّ ، أمهِلنا يَنسَلِخ عَنَّا البَردُ ، كُلُّ هذا فِرارا مِنَ الحَرِّ والقَرِّ ، فَإِذا كُنتُم مِنَ الحَرِّ والقَرِّ تَفِرّونَ ، فَأَنتُم وَاللّهِ مِنَ السَّيفِ أفَرُّ !
يا أشباهَ الرِّجالِ ولا رِجالَ ! حُلومُ الأَطفالِ ، وعُقولُ رَبّاتِ الحِجالِ ، لَوَدِدتُ أنّي لَم أرَكُم ولَم أعرِفكُم مَعرِفَةً وَاللّهِ جَرَّت نَدَما ، وأعقَبَت ذَمّا .
قاتَلَكُمُ اللّهُ ! لَقَد مَلَأتُم قَلبي قَيحاً ، وشَحَنتُم صَدري غَيظا ، وجَرَّعتُموني نُغَبَ ۱ التَّهْمامِ ۲ أنفاسا ، وأفسَدتُم عَلَيَّ رَأيي بِالعِصيانِ وَالخِذلانِ حَتّى لَقَد قالَت قُرَيشٌ : إنَّ ابنَ أبي طالِبٍ رَجُلٌ شُجاعٌ ، ولكِن لا عِلمَ لَهُ بِالحَربِ .
للّهِِ أبوهُم ! وهَل أحَدٌ مِنهُم أشَدُّ لَها مِراسا ، وأقدَمُ فيها مَقاما مِنّي ! لَقَد نَهَضتُ فيها وما بَلَغَتُ العِشرينَ ، وها أنَا قَد ذَرَّفتُ عَلَى السِّتّينَ ! ولكِن لا رَأيَ لِمَن لا يُطاعُ ! ۳ .
۲۸۴۸.الأمالي للطوسي عن ربيعة بن ناجذ :لَمّا وَجَّهَ مُعاوِيَةُ بنُ أبي سُفيانَ ، سُفيانَ بنَ عَوفٍ الغامِدِيَّ إلَى الأَنبارِ لِلغارَةِ ، بَعَثَهُ في سِتَّةِ آلافِ فارِسٍ ، فَأَغارَ عَلى هِيتَ وَالأَنبارِ ، وقَتَلَ المُسلِمينَ ، وسَبىَ الحَريمَ ، وعَرَضَ النّاسَ عَلَى البَراءَةِ مِن أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام ، استَنفَرَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام النّاسَ ، وقَد كانوا تَقاعَدوا عَنهُ ، وَاجتَمَعوا عَلى خِذلانِهِ ، وأمَرَ مُناديهِ فِي النّاسِ فَاجتَمَعوا ، فَقامَ خَطيباً ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وصَلّى عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ : أيُّهَا النّاسُ ، فَوَ اللّهِ لاَهلُ مِصرِكُم فِي الأَمصارِ أكثَرُ فِي العَرَبِ مِنَ الأَنصارِ ، وما كانوا يَومَ عاهَدوا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله أن يَمنَعوهُ ومَن مَعَهُ مِنَ المُهاجِرين
1.نُغَب: جمع نُغبة ؛ أي جُرْعة (لسان العرب : ج۱ ص۷۶۵) .
2.التَّهمام ـ بفتح التاء ـ : الهمّ (شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۸۰).
3.الكافي : ج۵ ص۴ ح۶ عن أبي عبد الرحمن السلمي ، نهج البلاغة : الخطبة ۲۷ ، الغارات : ج۲ ص۴۷۵ عن محمّد بن مخنف ؛ البيان والتبيين : ج۲ ص۵۳ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۲۰۱ والثلاثة الأخيرة نحوه وراجع الإرشاد : ج۱ ص۲۷۹ .