163
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

أن تُقتَلَ في طاعَتِكَ ، فَقالَ لَهُم : تَجَهَّزوا لِلسَّيرِ إلى عَدُوِّنا .
ثُمَّ دَخَلَ مَنزِلَهُ عليه السلام ودَخَلَ عَلَيهِ وُجوهُأصحابِهِ ، فَقالَ لَهُم : اُشيروا عَلَيَّ بِرَجُلٍ صَليبٍ ناصِحٍ يَحشُرُ النّاسَ مِنَ السّوادِ ، فَقالَ سَعدُ بنُ قَيسٍ : عَلَيكَ يا أميرَ المُؤمِنينَ بِالنّاصِحِ الأَريبِ الشُّجاعِ الصَّليبِ مَعقِلِ بنِ قَيسٍ التَّميمِيِّ ، قالَ : نَعَم ، ثُمَّ دَعاهُ فَوَجَّهَهُ وسارَ ، ولَم يَعُد حَتّى اُصيبَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ۱ .

8 / 5

غارَةُ عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعَدَةَ

۲۸۴۹.تاريخ الطبري عن عوانة :وَجَّهَ مُعاوِيَةُ [في سنة 39 ه ] أيضا عَبدَ اللّهِ بنَ مَسعَدَةَ الفَزارِيَّ في ألفٍ وسَبعِمِئَةِ رَجُلٍ إلى تَيماءَ ۲ ، وأمَرَهُ أن يُصَدِّقَ مَن مَرَّ بِهِ مِن أهلِ البَوادي ، وأن يَقتُلَ مَنِ امتَنَعَ مِن عَطائِهِ صَدَقَةَ مالِهِ ، ثُمَّ يَأتِيَ مَكَّةَ وَالمَدينَةَ وَالحِجازَ ، يَفعَلَ ذلِكَ ، وَاجتَمَعَ إلَيهِ بَشَرٌ كَثيرٌ مِن قَومِهِ .
فَلَمّا بَلَغَ ذلِكَ عَلِيّا وَجَّهَ المُسَيِّبَ بنَ نَجَبَةَ الفزارِيَّ ، فَسارَ حَتّى لَحِقَ ابنَ مَسعَدَةَ بِتَيماءَ فَاقتَتَلوا ذلِكَ اليَومَ حَتّى زالَتِ الشَّمسُ قِتالاً شَديدا ، وحَمَلَ المُسَيِّبُ عَلَى ابنِ مَسعَدَةَ فَضَرَبَهُ ثَلاثَ ضَرَباتٍ ، كُلِّ ذلِكَ لا يَلتَمِسُ قَتلَهُ ويَقولُ لَهُ : النَّجاءَ النَّجاءَ ۳ !
فَدَخَلَ ابنُ مَسعَدَةَ وعامَّةُ مَن مَعَهُ الحِصنَ ، وهَرَبَ الباقونَ نَحوَ الشّامِ ، وَانتَهَبَ الأَعرابُ إبِلَ الصَّدَقَةَ الَّتي كانَت مَعَ ابنِ مَسعَدَةَ ، وحَصَرَهُ ومَن كانَ مَعَهُ المُسَيِّبُ ثَلاثَةَ أيّامٍ ، ثُمَّ ألقَى الحَطَبَ عَلَى البابِ ، وألقَى النّيرانَ فيهِ ، حَتَّى احتَرَقَ .

1.الأمالي للطوسي : ص۱۷۳ ح۲۹۳ ، الغارات : ج۲ ص۴۷۹ ؛ شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۸۹ كلاهما نحوه .

2.تَيْماء : بليدة في أطراف الشام ، بين الشام ووادي القرى على طريق حاجّ الشام . ولمّا سيطر رسول اللّه صلى الله عليه و آله على وادي القرى صالحه أهل تيماء على البقاء في بلادهم ودفع الجزية (اُنظر معجم البلدان : ج۲ ص۶۷) .

3.أي انجُو بنفسك (اُنظر النهاية : ج۵ ص۲۵) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
162

حَتّى يُبلِّغَ رِسالاتِ اللّهِ إلّا قَبيَلَتينِ صغيرٌ مَولِدُهُما ، ما هُما بِأَقدَمِ العَرَبِ ميلاداً ، ولا بِأَكثَرِهِ عَدَداً ، فَلَمّا آوَوا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وأصحابَهُ ، ونَصَرُوا اللّهَ ودينَهُ ، رَمَتهُمُ العَرَبُ عَن قَوسٍ واحِدَةٍ ، وتَحالَفَت عَلَيهِمُ اليَهودُ ، وغَزَتهُمُ القَبائِلُ قَبيلَةٌ بَعدَ قَبيلَةٍ ، فَتَجَرَّدوا لِلدّينِ ، وقَطَعوا ما بَينَهُم وبَينَ العَرَبِ مِنَ الحَبائِلِ ، وما بَينَهُم وبَينَ اليَهودِ مِنَ العُهودِ ، ونَصَبوا لِأَهلِ نَجدٍ وتَهامَةَ ، وأهلِ مَكَّةَ وَاليَمامَةَ ، وأهلِ الحَزَنِ وأهلِ السَّهلِ ؛ قَناةَ الدّينِ وَالصَّبرِ تَحتَ حَماسِ الجِلادِ ، حَتّى دانَت لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله العَرَبُ ، فَرَأى فيهِم قُرَّةَ العَينِ قَبلَ أن يَقبِضَهُ اللّهُ إلَيهِ ، فَأَنتُم فِي النّاسِ أكثَرُ مِن اُولئِكَ في أهلِ ذلِكَ الزَّمانِ مِنَ العَرَبِ .
فَقامَ إلَيهِ رَجُلٌ آدَمُ طُوالٌ ، فَقالَ : ما أنتَ كَمُحَمَّدٍ ! ولا نَحنُ كَاُولئِكَ الَّذينَ ذَكَرتَ ؛ فلا تُكَلِّفنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ ! فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أحسِن مِسمَعاً تُحسِن إجابَةً ، ثَكَلَتكُمُ الثَّواكِلُ ! ما تَزيدونَني إلّا غَمّاً ، هَل أخبَرتُكُم أنّي مِثلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، وأنَّكُم مِثلُ أنصارِهِ ، وإنَّما ضَرَبتُ لَكُم مَثَلاً ، وأنَا أرجو أن تَأسَوا بِهِم .
ثُمَّ قامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقالَ : ما أحوَجَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام ومَن مَعَهُ إلى أصحابِ النَّهرَوانِ ، ثُمَّ تَكَلَّمَ النّاسُ مِن كُلِّ ناحِيَةٍ ولَغَطوا ، فَقامَ رَجُلٌ فَقالَ بِأَعلى صَوتِهِ : اِستَبانَ فَقدُ الأَشتَرِ عَلى أهلِ العِراقِ ؛ لَو كانَ حَيّا لَقَلَّ اللَّغَطُ ، ولَعَلِمَ كُلُّ امرِئٍ ما يَقولُ .
فَقالَ لَهُم أميرُ المُؤمِنينَ ـ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ ـ : هَبِلَتكُمُ الهَوابِلُ ! لَأَنا أوجَبُ عَلَيكُم حَقّاً مِنَ الأَشتَرِ ، وهَل لِلأَشتَرِ عَلَيكُم مِنَ الحَقِّ إلّا حَقُّ المُسلِمِ عَلَى المُسلِمِ ؟ وغَضِبَ فَنَزَلَ .
فَقامَ حُجرُ بنُ عُدِيٍّ وسَعدُ بنُ قَيسٍ ، فَقالا : لا يَسوؤُكَ اللّهُ يا أميرَ المُؤمِنينَ ، مُرنا بِأَمرِكَ نَتَّبِعهُ ، فَوَ اللّهِ العَظيمِ ما يَعظُمُ جَزَعُنا عَلى أموالِنا أن تُفَرَّقَ ، ولا عَلى عَشائِرِنا

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 165108
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي