فَلَمّا جَنَّهُمُ اللَّيلُ خَرَجوا مِن تَحتِ لَيلَتِهِم حَتّى لَحِقوا بِالشّامِ ، وصَبَّحَ المُسَيِّبُ الحِصنُ ، فَلَم يَجِد أحَدا . 
 فَقالَ عَبدُ الرَّحمنِ بنِ شَبيبٍ : داهَنتَ وَاللّهِ يا مُسَيِّبُ في أمرِهِم ، وغَشَشتَ أميرَ المُؤمِنينَ . 
 وقَدِمَ عَلى عَلِيٍّ فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : يا مُسَيِّبُ ! كُنتَ مِن نُصّاحي ، ثُمَّ فَعَلتَ ما فَعَلتَ ! ، فَحَبَسَهُ أيّاما ، ثُمَّ أطلَقَهَ ووَلّاهُ قَبضَ الصَّدَقَةِ بِالكوفَةِ ۱ .
8 / 6
غارَةُ الضَّحّاكِ بنِ قَيسٍ
  ۲۸۵۱.الغارات عن عبد الرحمن بن مسعدة الفزاري :دَعا مُعاوِيَةُ الضَّحّاكَ بنَ قَيسٍ الفِهرِيَّ ، وقالَ لَهُ : سِر حَتّى تَمُرَّ بِناحِيَةِ الكوفَةِ ، وتَرتَفِعَ عَنها مَا استَطَعتَ ، فَمَن وَجَدتَهُ مِنَ الأَعرابِ في طاعَةِ عَلِيٍّ فَأَغِر عَلَيهِ ، وإن وَجَدتَ لَهُ مَسلَحَةً ۲ أو خَيلاً فَأَغِر عَلَيهِما ، وإذا أصبَحتَ في بَلدَةِ فَأَمسِ في اُخرى ، ولا تُقيمَنَّ لِخَيلٍ بَلَغَكَ أنَّها قَد سُرِّحَت إلَيكَ لِتَلقاها فَتُقاتِلَها ، فَسَرَّحَهُ فيما بَينَ ثَلاثَةِ آلافٍ إلى أربَعَةِ آلافِ جَريدَةِ خَيلٍ . 
 فَأَقبَلَ الضَّحّاكُ يَأخُذُ الأَموالَ ، ويَقتُلُ مَن لَقِيَ مِنَ الأَعرابِ حَتّى مَرَّ بِالثَّعلَبِيَّةِ فَأَغارَ خَيلُهُ عَلَى الحاجِّ ، فَأَخَذَ أمتِعَتَهُم ، ثُمَّ أقبَلَ فَلَقِيَ عَمرَو بنَ عُمَيسِ بنِ مَسعودٍ الذُّهلِيَّ ـ وهُوَ ابنُ أخي عَبدِ اللّهِ بنِ مَسعودٍ صاحِبِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ـ فَقَتَلَهُ في طَريقِ الحاجِّ عِندَ القُطقُطانَةِ ۳ وقَتَلَ مَعَهُ ناسا مِن أصحابِهِ .
 
                        1.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۹۶ ؛ أنساب الأشراف : ج۳ ص۲۰۹ نحوه .
2.المَسْلَحة : كالثغر والمَرقب يكون فيه أقوام يرقبون العدوّ لئلّا يطرقهم على غفلة ، فإذا رأوه أعلموا أصحابهم ليتأهّبوا له . والجمع : مسالح (النهاية : ج۲ ص۳۸۸) .
3.القطقطانة : موضع قرب الكوفة من جهة البرّية بالطفّ ، كان بها سجن النعمان بن المنذر (معجم البلدان : ج ۴ ص ۳۷۴) .