قالَ : فَإِنَّهُ لَكَذلِكَ إذ جاءَ آخَرُ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، قَد عَبَرَ القَومُ ! 
 قالَ : كَلّا ، ما عَبَروا . 
 قالَ : وَاللّهِ ، ما جِئتُكَ حَتّى رَأَيتُ الرّاياتِ في ذلِكَ الجانِبِ ، وَالأَثقالَ . 
 قالَ : وَاللّهِ ما فَعَلوا ، وإنَّهُ لَمَصرَعُهُم ومُهَراقُ دِمائِهِم . 
 ثُمَّ نَهَضَ ونَهَضتُ مَعَهُ ، فَقُلتُ في نَفسي : الحَمدُِللّهِ الَّذي بَصَّرَني هذَا الرَّجُلَ ، وعَرَّفَني أمرَهُ ، هذا أحَدُ رَجُلَينِ : إمّا رَجُلٌ كَذّابٌ جَرِيءٌ ، أو عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ وعَهدٍ مِن نَبِيِّهِ ، اللّهُمَّ ! إنّي اُعطيكَ عَهدا تَسأَلُني عَنهُ يَومَ القِيامَةِ إن أنَا وَجَدتُ القَومَ قَد عَبَروا أن أكونَ أوَّلَ مَن يُقاتِلُهُ ، وأوَّلَ مَن يَطعَنُ بِالرُّمحِ في عَينِهِ ، وإن كانوا لَم يَعبُروا أن اُقيمَ عَلَى المُناجَزَةِ وَالقِتالِ . 
 فَدَفَعنا ۱ إلَى الصُّفوفِ ، فَوَجَدنَا الرّاياتِ وَالأَثقالَ كَما هِيَ ، قالَ : فَأَخَذَ بِقَفايَ ودَفَعَني ، ثُمَّ قالَ : يا أخَا الأَزدِ ، أتَبَيَّنَ لَكَ الأَمرُ ؟ قُلتُ : أجَل يا أميرَ المُؤمِنينَ . قالَ : فَشَأنَكَ بِعَدُوِّكَ . فَقَتَلتُ رَجُلاً ، ثُمَّ قَتَلتُ آخَرَ ، ثُمَّ اختَلَفتُ أنَا ورَجُلٌ آخَرُ أضرِبُهُ ويَضرِبُني فَوَقَعنا جَميعا ، فَاحتَمَلَني أصحابي ، فَأَفَقتُ حينَ أفَقتُ وقَد فَرَغَ القَومُ ۲ .
  ۲۷۰۸.شرح نهج البلاغة :لَمّا خَرَجَ عَلِيٌّ عليه السلام إلى أهلِ النَّهرِ أقبَلَ رَجُلٌ مِن أصحابِهِ مِمَّن كانَ عَلى مُقَدِّمَتِهِ يَركُضُ ، حَتَّى انتَهى إلى عَلِيٍّ عليه السلام فَقالَ : البُشرى يا أميرَ المُؤمِنينَ ! 
 قالَ : ما بُشراكَ ؟ 
 قالَ : إنَّ القَومَ عَبَرُوا النَّهرَ لَمّا بَلَغَهُم وُصولُكَ ، فَأَبشِر ؛ فَقَد مَنَحَكَ اللّهُ أكتافَهُم . 
 فَقالَ لَهُ : آللّهِ أنتَ رَأَيتَهُم قَد عَبَروا !