الجاهليّة ، وعن التكبّر ، فقال عليه السلام : «فَأَطفِئوا ما كَمَنَ في قُلوبِكُم مِن نيرانِ العَصَبِيَّةِ ، وأحقادِ الجاهِلِيَّةِ ، فَإِنَّما تِلكَ الحَمِيَّةُ تَكونُ فِي المُسلِمِ مِن خَطَراتِ الشَّيطانِ ، ونَخَواتِهِ ، ونَزَعاتِهِ ، ونَفَثاتِهِ . وَاعتَمِدوا وَضعَ التَّذَلُّلِ عَلى رُؤوسِكُم ، وإلقاءِ التَّعَزُّزِ تَحتَ أقدامِكُم ، وخَلعَ التَّكَبُّرِ مِن أعناقِكُم» .
تحذير للعوام
وفي إدامة خطابه راح الإمام يركّز بكثافة على جماهير الناس ، وهو يحذّرها من السادة والكبراء ، فلو أنّ اُولئك لم ينثنوا عن علوّهم وتكبّرهم فلا ينبغي للجمهور أن يتّبعهم ، ويكون أداة يستغلّها الكبراء في تحقيق أهدافهم اللامشروعة . 
 ثم ألفتَ نظر الجماهير إلى أن جميع الفتن وضروب الفساد تنبع من تلكم الرؤوس فقال : «ألا فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن طاعَةِ ساداتِكُم وكُبَرائِكُمُ الَّذينَ تَكَبَّروا عَن حَسَبِهِم ، وتَرَفَّعوا فَوقَ نَسَبِهِم . . . ؛ فَإِنَّهُم قَواعِدُ العَصَبِيَّةِ ، ودَعائِمُ أركانِ الفِتنَةِ . . . وهُم أساسُ الفُسوقِ ، وأحلاسُ العُقوقِ ، اتَّخَذَهُم إبليسُ مَطايا ضَلالٍ ، وجُنداً بِهِم يَصولُ عَلَى النّاسِ» . 
 وبعد أن انتهى الإمام من بيان عدد من المقدّمات الضروريّة في هذا المجال ، انعطف إلى بحث أخلاقي سياسي مهمّ ، وهو يتحدث عن الامتحانات الإلهيّة الصعبة ودورها في تربية الإنسانيّة ، فقد أكّد أنّ فلسفة ما يلاقيه الإنسان من ضروب المحن والمصائب وما يعانيه من مشاقّ الحياة ، هي عين حكمة الصلاة والصوم والزكاة ، حيث أنّها تهدف أيضاً إلى بناء الإنسان معنويّاً ، وتزكيته من الرذائل الخلقيّة ، بالأخصّ الأثرة والكبر والغرور . 
 ثم دعا الناس أن يعتبروا بمصير النهضات الدينيّة التي سبقت الإسلام ، وما آلت إليه من انكسار إثر الفرقة والاختلاف ، فحذّرهم أن لا يجرّ كِبرُ الخواصّ وعلوّهم