215
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4

فقد راحت الأدوات العسكريّة تفقد فاعليتها بالتدريج ، واكتشف الحكّام والساسة وسائل جديدة لممارسة السلطة على أساس النهج الاُموي ؛ فالوسائل صارت أكثر تعقيداً ممّا كانت عليه في الماضي ، وأفدح خطراً في هتك القيم الإنسانيّة ووأدها ، ومن بين ذلك برز برنامج «الإصلاح الاقتصادي» الذي يضحّي بالعدالة الاجتماعيّة ، ويأتي تطبيقه على أساس تدمير الطبقات الضعيفة في الهرم الاجتماعي والقضاء عليها .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
214

يتخلّف أحد ۱ .
لقد استطاع عبد الملك بن مروان إسكات جميع المعارضين والقضاء على الخارجين عليه من خلال الاتكاء إلى سياسة البطش والإرهاب هذه ، وإجرائها في جميع أمصار العالم الإسلامي ، حتى بلغ من أمره أنّه خرج إلى مكّة حاجّاً سنة (75) وهو مطمئنّ البال . قال اليعقوبي بهذا الشأن : «ولما استقامت الاُمور لعبد الملك ، وصلحت البلدان ، ولم تبق ناحية تحتاج إلى صلاحها والاهتمام بها ، خرج حاجّاً سنة 75» ۲ .
أجل ، هذه هي الإصلاحات التي يكون ثمنها فساد المُصلح . والإمام أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن على استعداد أن يصلح المجتمع بهذه الطريقة ، فعليّ لا يستطيع أن يميل إلى نهج يحلّ مشكلة الحكم من خلال التضحية بالقيم الإنسانيّة . ولو حصل ذلك لن تكون عندئذٍ ثمّ حاجة إلى بعث الأنبياء وإلى القادة الإلهيّين ، ومن ثمّ ليس هناك حاجة إلى قيادة عليّ عليه السلام بالأساس ، بل لن يكون للحكم العلوي من معنى ، إنّما يغدو شعاراً بلا مفهوم ؛ لأنّ في وسع الجميع ممارسة الحكم بهذه الطريقة ، كما تَمَّ ذلك فعلاً ، حيث مارسوا الحكم قروناً باسم الإسلام .
وأمّا الحكم العلوي فإنّ الأصالة فيه للقيم ، وعلى هذا لم يكن الإمام علي عليه السلام على استعداد للتضحية بالقيم الإنسانيّة والإسلاميّة مهما كان الثمن . وإنّ الحكم الذي يجعل القيم فداءً لمصالح الحكم والحاكمين هو حكم اُموي ، وليس علويّاً ولا إسلاميّاً وإن توارى خلف اسم علي والإسلام!
بديهيّ لم يعد لسياسة القوّة ولغة السيف وقعٌ ولا تأثير يذكر في العالم المعاصر .

1.الفتوح : ج۷ ص۱۳ .

2.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۷۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج4
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 165253
الصفحه من 684
طباعه  ارسل الي